كاتب ومقالمقالات

قوى الحرية والتغيير.. يا غريب يلا لبلدك!

د. الفاتح عبد الرحمن محمد بشير

مشاهد تناقلتها شاشات التلفزة في معظم أنحاء العالم إبّان أزمة تمرد الدعم السريع بالسودان التي انفجرت في الخامس عشر من أبريل من العام الحالي 2023م، مجسّدة هروب عدد من عملاء قوى الحرية والتغيير عبر مطار بورتسودان شرقي السودان، بحسبانهم رعايا أجانب يحملون جوازات غير سودانية، ميممين وجوههم صوب دولهم التي يحملون جوازاتها وجنسياتها، ليؤكدوا بذلك عدم انتماءهم لهذا الوطن الذي رعاهم وآواهم ردحاً من الزمان، بل وقلّدهم أرفع المناصب الوزارية والدبلوماسية في غفلة من الزمان، فكان جزاؤه أن تخلوا عنه في ساعة الشدة، بل وربما عادوا للكيد له مرةً أخرى بعد وصولهم لمنافيهم الاختيارية.

ولكن كيف وصل هؤلاء لهذه المناصب العليا بالدولة السودانية على الرغم من أنهم لم يكونوا فاعلين بصورة مباشرة في أحداث التغيير التي وقعت بالسودان وأدت إلى إسقاط نظام الإنقاذ وتنصيب ما يسمى بقوى الحرية والتغيير على مقاليد حكم البلاد، فمعلوم أن معظمهم كانوا خارج السودان مشتتين في أصقاع العالم يكيدون للسودان وشعبه وحكومته؛ كالمدعو عمر قمر الدين الذي يحمل الجواز والجنسية الأمريكيتين والذي أصبح وزيراً للخارجية في حكومة قحت، وهو ذات الشخص الذي تسبب في توقيع العقوبات الأمريكية على السودان، بإدلائه بمعلومات كاذبة ومضللة للإدارة الأمريكية، ترتب عليها توقيع أطول عقوبات دولية على السودان، ذاق خلالها السودانيون كل صنوف الأذى والعذاب.

وكالموتور مقطوع الصلة بالسودان وشعبه، المدعو الرشيد سعيد وزير الثقافة والإعلام ومدير الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون خلال فترة حكومة قوى الحرية والتغيير (قحت) الفرنسي الجنسية، والذي عمل على تغيير مفهوم الثقافة تغييراً جذرياً خلال فترة وزارته، وذلك باجتثاث كل قيم الفضيلة واستبدالها بقيم الرذيلة، وهو الذي فرض على مذيعات القناة الفضائية السودانية الظهور بمظهر التبرج والسفور خلال تقديمهن لنشرات الأخبار والبرامج المختلفة، بعد أن كانت القنوات التلفزيونية السودانية هذه يُضرب بها المثل في الحشمة والاتزان وعدم الابتذال وتقديم برامج هادفة بعيدة عن الإسفاف والخلاعة التي تميزت بها فترة هذا الرشيد سعيد أثناء إدارته لهذه المؤسسات الإعلامية السودانية العريقة والسابقة لمعظم المؤسسات المشابهة في المنطقة العربية والإفريقية.

أما المدعو لقمان أحمد الأمريكي الجنسية أيضاً والذي ترأس الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون خلفاً للرشيد سعيد، فقد سار على ذات النهج التغريبي التخريبي لهذه المؤسسات الإعلامية، وأكمل ما بدأه خلفه، لتصبح الإذاعة والتلفزيون في فترته مسرحاً للفجور والمجون الإعلامي وترويج كل قيم التحرر والانفلات الأخلاقي.

إذن فتقلد هؤلاء وغيرهم لرئاسة هذه المؤسسات الحساسة لم يأت اعتباطاً، وإنما تمت طباخته والإعداد له في أضابير المخابرات والأجهزة الاستخباراتية العالمية والإقليمية، لتكتمل بذلك حلقات التآمر على السودان التي شملت إلى جانب السيطرة على مؤسسات الحكم فيه، السيطرة كذلك على جميع المؤسسات الثقافية والإعلامية والدبلوماسية، بل وحتى الرياضية التي لم تسلم من التخريب ومحاولة نقل تجارب حثالات البشر فيها، حيث قامت المدعوة ولاء البوشي (أمريكية الجنسية) بعد تعيينها كأول وزير للشباب والرياضة في السودان، بإدخال كرة القدم النسائية، وتدشين أول منافسة من هذا النوع، في سابقة وجدت استهجاناً من كافة قطاعات الشعب السوداني عدا مطموسي الهوية ومنتكسي الأخلاق ممن باركوا هذه التجربة ودعموها، ولكن سرعان ما توقفت لمنافاتها لقيم وأخلاق السودانيين وعاداتهم وتقاليدهم الإسلامية الراسخة.

غادر حملة الجوازات الأجنبية هؤلاء السودان في مشهدٍ مخزٍ أشبه بمشهد مغادرة عملاء أمريكا من الأفغان عبر مطار كابول العاصمة عقب تسلم طالبان لمقاليد الحكم هناك بسيطرتها على كافة الأراضي الأفغانية. غادر عملاء قحت التراب السوداني بطوعهم واختيارهم مؤكدين عدم أحقيتهم بالعيش فيه، فالذي يتخلى عن وطنه ساعة الشدة، غير جدير بالعيش فيه ساعات الرخاء، لتصدق فيهم رائعة حسن خليفة العطبراوي التي شدا بها عقب جلاء المستعمر الإنجليزي ومغادرته للسودان في خمسينيات القرن الماضي.. يا غريب يلا لبلدك.

إنضم الى احدى مجموعاتنا على الواتس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى