تقاريرصحة

في السودان “داء بلا دواء”.. ( صيادلة): 50% من الأدوية غير موجودة بالصيدليات

تقرير: تسنيم عبد السيد
على ما يبدو أن أزمة الدواء في السودان، أصبحت تُمثل هاجسًا للحكومات سواء السابقة أو الحالية، وأصبح إيجاد حلولٍ لها أمراً عصيّاً، فأسعار الدواء بالصيدليات لم تعُد في متناول المريض، إن وجدت، هذا فضلًا عن نُدرة عدد كبير من الأصناف الدوائية وانعدام فيها، قُدر بنحو (50%)!.
(الطابية) خرجت في جولة على عدد من صيدليات الخرطوم لتستقصي الواقع وتقف على الحقائق كاملة، وتتعرف على مكامن الخلل والنقص ومسببات الأزمة..

الأزمة مُستمرة
كشفت جولة لـ(الطابية) بصيدليات الخرطوم عن انعدام في عدد كبير من الأصناف الدوائية أبرزها المضادات الحيوية للالتهابات وأمرض الجهاز التنفسي، وقطرات العيون، وأدوية الضغط والسُكري وعدد كبير من أدوية الأطفال، و” شرابات الكُحة”، فضلاً عن أدوية الملاريا في بعض الصيدليات، وإنعدام تام لأصناف من أدوية الأمراض النفسية والعصبية، وبعض أدوية مرضى القلب.
وقال الصيدلي د.عبد الرحمن جعفر لـ(الطابية) ’’إن الفجوة في الدواء تصل لنحو 50%، وإن عددًا كبيرًا من الأدوية المُنعدمة في الصيدليات مُتوفرة في السوق الأسود‘‘، مُنوهًا إلى أن أزمة الدواء مُستفحلة ولا بوادر لحسمها، خاصة مع الانعدام التام للرقابة حتى وصل الأمر إلى أن تشتري الصيدليات الدواء من تُجار السوق الأسود، ولفت جعفر إلى أن هذا الحال مُستمر لنحو عام تقريباً، لأن الشركات باتت تبيع الدواء للتجار لتزيد أرباحها، كاشفًا عن أن الصيدليات تُعاني في الحصول على الدواء الذي يتوفر في السوق الأسود وبأسعار مُضاعفة، ولكن عندما يُطلب من الشركات غير موجود، مؤكدًا على أن سعر الدواء في السودان بات يتحكم فيه تُجار وليس وزارة الصحة، مُنبهاً إلى أن الدولة لا بد أن تتدخل لحسم هذه الفوضى وإلزام الشركات بعدم إخراج أية طلبيات إلا بموجب رُخصة صيدلية لضمان عدم تسربها للتجار والسوق الأسود.

انعدام الرقابة:
وبحسب صيادلة تحدثوا لـ(الطابية) فإن أسعار الدواء لأكثر من العام، غير مستقرة وليست مُوحدة بين الصيدليات لانعدام الرقابة، فضلًا عن الارتفاع الكبير في أسعار الأدوية مؤخرًا والذي وصل في بعض الأصناف إلى 100%، و300% في أصناف أخرى.
فيما كشف د.مروان الخير من صيدلية ” المودة” بالخرطوم، أن ارتفاع سعر الدواء مرتبط بتكاليف إيجار الصيدلية وموقعها، وأُجرة الصيدلي خلال ساعة العمل، ففي العام الماضي كانت الساعة بمبلغ 500 جنيهًا، أما في هذا العام فبلغت أجرة الصيدلي ألف جنيه في الساعة الواحدة، هذا غير تكاليف الضرائب والزكاة وأجرة عمال النظافة وغيرها من التكاليف التي من شأنها رفع سعر الدواء.

عدم التزام:
وتحدث صيادلة لـ( الطابية) بأن أزمة الدواء مستمرة لنحو عامين وما تزال تُراوح مكانها، فيما عبّر عدد من المواطنين التقت بهم (الطابية) بشارع الحوادث بالخرطوم عن استيائهم بسبب غلاء وندرة الأدوية، خاصة المنقذة للحياة.
واتهمت الصيدلانية د.عفراء الزين من صيدلية (دريم) بالخرطوم، اتهمت منافذ لبيع الدواء وصيدليات بأنها لا تلتزم بقرار مجلس الأدوية والسموم الخاص بالأسعار، وإنما تضع زيادات على الأدوية دون الرجوع للمجلس، مؤكدة أن أسعار الأدوية مرتبطة بقرار من مجلس الأدوية والسموم، بحيث لا تقوم الصيدليات بزيادة سعر الدواء دون الرجوع للمجلس، أو دون مراعاة لأعباء المواطن.

غير مشروعة:
الصيدلي السمؤال عبد الكريم قال في حديثه لـ(الطابية) إن ارتفاع وغلاء سعر الدواء يعود إلى توقف بعض الشركات الأجنبية عن الاستيراد والبيع لمكونات الأدوية الفعالة لمصانع الدواء السودانية، بسبب انخفاض قيمة الجنيه السوداني أمام سعر قيمة الدولار خلال هذه الفترة.
ونوَّه السمؤال إلى انعدام الرقابة وعدم وجود سعر محدد تلتزم به جميع الصيدليات، ولفت إلى وجود احتكار من قبل التجار والسماسرة الذين يقومون بشراء أكبر قدر ممكن من الأدوية في الأسواق بطرق شرائية مختلفة مشروعة أو غير مشروعة، للتحكم في سعر الدواء بقصد الربح، في انعدام تام للرقابة.

أسعار جديدة وبارقة أمل:
ومؤخراً أصدر المجلس القومي للأدوية والسموم قائمة بالأسعار الجديدة للأدوية، بناءًا على التزام الدولة بسداد “60” مليون دولار، لاستيراد الدواء من خارج السودان.
وقال المجلس إنه سلم قائمة الأسعار الجديد لعدد “53” شركة دواء، مؤكداً أن الأسعار الجيدة التي تم اعتمادها ستكون ثابتة.
ووجه المجلس شركات الأدوية بضرورة الالتزام بالأسعار المعتمدة منه، وأن يتم التوزيع من الشركات إلى الصيدليات مباشرة عبر الفواتير الصادرة من الشركة، على أن تتم متابعتها من أمانة الرقابة بالمجلس القومي للأدوية والسموم.
وتمثل هذه الخطوة بارقة أمل، في استقرار سعر الدواء، وتوفيره للمواطن بأسعار مناسبة، وذلك في حال إيفاء الدولة بهذا الالتزام بصفة ثابتة، ولكن تبقى خطوات أخرى باتجاه إنقاذ صناعة الدواء في السودان التي توقفت نتيجة للقرارات غير المدروسة.

إنضم الى احدى مجموعاتنا على الواتس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى