سياسةكاتب ومقالمقالات

*حسن عبد الحميد يكتب.. بين الثلاثية والرباعية..البلاد تضرب أخماسا في أسداس*

والثلاثية هي الآلية الثلاثية المكونة من بعثة الأمم المتحدة ومبعوث الاتحاد الإفريقي ومندوب الإيقاد، وهي التي واصلت التعاطي مع الأزمة السياسية السودانية بابتدارها مؤخرا حوارا لم يكتمل قبل حوالي شهرين، وتعطل هذا الحوار وتوفي بالسكتة القلبية بعد البيان الذي اصدره الفريق البرهان أوائل يوليو الماضي 2022م وأعلن فيه انسحاب القوات المسلحة من العمل السياسي، وانسحابها بالتالي من حوار الآلية الثلاثية، وينشط الألماني فولكر مبعوث الأمم المتحدة لينفخ الروح في هذا الحوار وينقذ العملية السياسية التي بدأها دون جدوى، وبعثة الأمم المتحدة للسودان هي من مخلفات رئيس الوزراء السابق حمدوك الذي أدخل البلاد في ضنك و(جحر ضب خرب) باستقدامه هذه البعثة بخطاب بعث به إلى الأمم المتحدة من وراء ظهر مجلس السيادة، وكان من المؤمل أن يتم الاستغناء عن خدمات هذه البعثة بعد استقالة حمدوك نفسه في يناير من العام الحالي 2022م، وتعتبر من مخلفات عهده المشؤوم الذي لم يفلح في انجاز شيء يُذكر في الملفات التي تولاها، بل زاد الأمر تعقيدا والأوضاع تأزيما، ولا أظن أن وزارة الخارجية بخبراتها ومستشاريها تعدم طريقة دبلوماسية وقانونية لإنهاء أعمال هذه البعثة بعد أن بان لكثير من الغيورين على الوطن أنها لا تخدم قضايا البلاد بل تزيدها تعقيدا، ويتورط فولكر فيما لا شأن له به في الشأن الداخلي السوداني، وينحاز إلى مجموعات سياسية دون غيرها، ورغم أن وزارة الخارجية قد أوردت الأخبار أنها لفتت نظره، إلا أن الخطوة الحاسمة كانت ستكون أجدى لو أنها شرعت في تحجيمه تمهيدا لإنهاء مهمته التي فشل فيها ولم يزد الأوضاع إلا خبالا.
أما الرباعية فهي الآلية التي ابتدرها السفير الأمريكي الجديد الذي قدم إلى السودان سفيرا بعد أكثر من عقدين من الزمان كانت الولايات المتحدة تدير شؤونها في سفارتها بالسودان عبر قائم بالأعمال، وقد استبشر البعض معتقدا أن قدوم سفير أمريكي مما يساعد في تطوير العلاقات بين البلدين بما يخدم مصالح البلدين، لكن خاب فألهم بتكوين السفير الجديد لهذه الآلية الرباعية التي تضم سفراء الولايات المتحدة وبريطانيا والإمارات والسعودية، وهذه الآلية الرباعية لا وجود لها في أي من قرارات الأمم المتحدة، ولا مجلس الأمن، ولا الاتحاد الإفريقي، ولا جامعة الدول العربية، ولا الإيقاد، وإذا كان فولكر يستند في تحركاته على كونه مبعوثا للأمين العام للأمم المتحدة، وبموجب قرار من المنظمة الدولية، رغم أنه عمليا يخالف منطوق مهمته ونطاق عمله؛ فإن السفير الأمريكي لا يستند في آليته الرباعية هذه إلى أي من المنظمات الدولية أو الإقليمية، بل وظل يفتي في الشأن السوداني، ويلتقي بالقوى السياسية وشاغلي المناصب الدستورية، وبلغ السيل الزبى بتصريحات تسربت إلى الإعلام منسوبة إليه مفادها أنه يناقش مع البعض تشكيل الحكومة في السودان!! في تجاوز صريح للأعراف الدبلوماسية وتدخل سافر في الشؤون الداخلية لدولة ذات سيادة.. ومرة أخرى ألا ترى وزارة الخارجية السودانية في هذا الأمر تجاوزا للأعراف الدبلوماسية مما يستدعي تنبيه السفير أو اتخاذ إجراء حياله بما يحفظ سيادة السودان وكرامته؟؟
أما الأخماس والأسداس التي تتسيد المشهد السياسي السوداني كناية عن التخبط والحيرة والاضطراب، فمظاهرها كثيرة، وكل يوم جديد يلد عجائب لا تنقضي، فمما تسرب وملأ وسائط الإعلام في الفترة الماضية مما يُعد من هذا القبيل على سبيل المثال لا الحصر؛ الدعوات التي انطلقت من البعض لإعادة هيكلة الجيش، وهو الاسم الرمزي لتفكيك الجيش السوداني، واعتبار البعض أن قوات الدعم السريع تصلح نواة للجيش السوداني، ومن الغريب أن بعض هؤلاء هم أنفسهم من شنوا حملة شعواء على قوات الدعم السريع في الماضي القريب، وثالثة الأثافي أن يُعدّ البعض دستورا للفترة الانتقالية ويروجوا إلى أن هذا الدستور المعد هو الذي سيسود في الفترة الانتقالية دون أي سند سياسي أو جماهيري ودون استحقاق انتخابي ولا حتى تاريخي لمن يدعون مثل هذه الدعوى العريضة، وكأنهم لم يستفيدوا من تجربة الوثيقة الدستورية سيئة الذكر المؤودة، ويريدون أن يكرروا ذات السيناريو.
البعض يريد إدخال البلاد في حالة سيولة سياسية واضطراب عام حتى يسهل عليهم تمرير أجندتهم المريبة التي لا تعمل في أجواء صحيحة ولا يمكن تنفيذها إلا في حالات الاضطراب والسيولة وكفى بهذا الوصف إدانة لهذه الأجندة المريبة، وكل هذا يستدعي إرادة سياسية حازمة من قوى وطنية حاسمة تمنع هذا العبث وتوقف ذلك التلاعب بمصير الوطن.

إنضم الى احدى مجموعاتنا على الواتس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى