الشيخ عبد الحي يوسف ينعى الطيب مصطفى
اللهم اغفر لعبدك الطيب مصطفى، وارفع درجته في المهديين، واخلفه في عقبه في الغابرين، واغفر لنا وله يا رب العالمين
رحم الله الجبل الأشم والطود الشامخ ذا اللسان الصادق والقلم البليغ الناطق بالحق؛ الأستاذ الطيب مصطفى
كان مجاهداً بقلمه ممتثلاً قول الله عز وجل {وجاهدهم به جهاداً كبيرا} ينطلق في كتاباته من قناعات شرعية راسخة، واطلاع واسع، وإلمام بواقع الناس
مما يميزه رحمه الله رجوعه إلى الحق متى ما تبين له؛ فما كان جواظاً ولا متكبراً، ولا يهمه شيء سوى أن يكتب ما يمليه عليه ضميره ويقتنع به عقله
حرص – خلال مسيرته المباركة وإلى آخر أيامه – على جمع كلمة المسلمين؛ فما كان قلمه سوى سيف مصلت على الباطل وأهله؛ لا يخشى في الله لومة لائم
بعض الأقلام معروضة للإيجار؛ فمن يدفع أكثر سبحوا بحمده ودندنوا حول فكره، أما الطيب مصطفى فقد كان مستعلياً بالحق الذي يعتقده؛ يقول ما يظنه صواباً ويكتب ما يخاله حقا؛ رضي من رضي وغضب من غضب
كان نسيج وحده في المزاوجة بين المنطلقات الشرعية الناصعة والإحاطة بالسياسة وخفاياها، مهتماً بقضايا الأمة لا يهدأ له بال ولا تلين له قناة
أحسبه – والله حسيبه – ممن امتثلوا قول ربنا جل جلاله {اتقوا الله وكونوا مع الصادقين} فما سال لعابه للمناصب ولا حرص على الجاه، بل جهر بالحق الذي يعتقد حين صمت كثيرون، ولم يخش أن يوصم بتطرف أو إرهاب
إذا خالطت الطيب وجالسته – وأنا أعرفه من ثمانينيات القرن الماضي – تجده حقاً ممن قال الله فيهم {أشداء على الكفار رحماء بينهم} {أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين}
اللهم إن الطيب في ذمتك وحبل جوارك، فأكرم نزله ووسِّع مدخله وضاعف حسنته واغفر زلته وآنس وحشته ونوِّر ظلمته، اللهم إنه فقير إلى رحمتك وأنت غني عن عذابه يا واسع الرحمة يا باسط اليدين بالمغفرة.