
الخرطوم: الفاتح عبد الرحمن
وجه الأستاذ محمد أبو عبيدة حسن إمام وخطيب مسجد دوحة الإيمان بالمنشية في خطبة الجمعة أمس، رسالة قوية للناشطات النسويات المطالبات بإسقاط قوامة الأب ولايته على الأسرة، أو ما يسميه ب(النظام الأبوي) بدعوى عدم وجود الأمان في بيوتهم، متسائلاً: أين يكون الأمان إن لم يكن في بيت أبيك وأمك؟.. وعد ذلك من العقوق، في معرض حديثه عن بر الوالدين.
ودارت خطبة الشيخ أبو عبيدة، حول حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه وأرضاه قائلاً فيه: (رغم أنف امرئٍ ذُكرتُ عنده ولم يُصلِّ عليَّ، قال قل آمين فقلتُ آمين، ورغم أنف امرئٍ أدرك أبويه أحدهما أو كلاهما ولم يدخلاه الجنة، قال قل آمين فقلتُ آمين، ورغم أنف أمرئٍ أدرك رمضان وخرج منه ولم يُغفر له قال قل آمين فقلتُ آمين). وقال الأستاذ محمد أبو عبيدة هذه دعوات لا شك أنهن مستجابات، لما اجتمع فيهن من شرف الزمان والمكان والدّاعي والمؤمِّن. أما شرف المكان فهو روضة من رياض الجنة، وذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم (ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة)، وشرف الزمان عند صعود الإمام المنبر، وشرف الداعي فهو أمين الوحي، وروح القدس، وزعيم الملائكة؛ جبريل عليه السلام، وشرف المؤمِّن فهو محمد صلى الله عليه وسلم.
وواصل الأستاذ أبو عبيدة خطبته شارحاً للحديث، حيث قال أن الرغيم هو التراب، وهذه الدعوة (رغم أنف امرئٍ) هي دعوة بالهلاك والويل والثبور والخسران لثلاثة أصناف من الناس؛ أولهم من ذُكر عنده اسم النبي صلى الله عليه وسلم ولم يصل عليه، لافتاً الانتباه إلى أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لا تكلف المؤمن شيئاً، فهي ثوانٍ يصلي فيها المسلم على النبي صلى الله عليه وسلم استجابةً لأمر الله تبارك وتعالى، ومحبةً لرسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما)، مردفاً أن الخاسر والبخيل من ذُكر عنده اسم النبي صلى الله عليه وسلم وضنٌّ بالصلاة عليه.
وفي الصنف الثاني من الذين رغمت أنوفهم وهم الذين يدركون أبويهم عند الكبر؛ أحدهما أو كلاهما ولم يدخلوهم الجنة، قال الأستاذ محمد أبو عبيدة أن كثيراً من الصالحين إذا انتقل أحد أبويهم إلى الدار الآخرة، كانوا يحزنون على إغلاق باب من أبواب الجنة، وتلى قوله تعالى (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً)، مضيفاً أن من العجب أننا مقبلون على شهر رمضان وما فيه من برٍ للوالدين، وبالأمس القريب بعض الفتيات خرجن مطالبات بإسقاط الحكم الأبوي، مدّعيات أن بيوتهنّ ليست آمنة، متسائلاً أين يكون الأمان إذا لم يكن في بيت أبيك وبيت أمك، مضيفاً أن هؤلاء الموتورين والموتورات مدفوعين من الغرب لتمزيق الأسرة السودانية وتفتيت تماسكها، لعلمهم أنها آخر حصن بقي للسودانيين يحتمون به من عنت الحياة وضيقها ومشقتها، وتلا الآية (وصاحبهما في الدنيا معروفاً) قائلاً أنها نزلت معاتبةً لسعد بن أبي وقاص لزجره أمه الكافرة عندما طالبته بأن يكفر بدين محمد صلى الله عليه وسلم، ورفضت الطعام والشراب والظل ودهن شعرها، فقال لها قولته المشهورة (والله يا أمّاه لو كانت لك مائةُ نفسٍ، فخرجت نفساً نفساً، ما تركتُ ديني هذا لشيءٍ، فكُلي إن شئتِ أو لا تأكُلي).
في الخطبة الثانية تناول الأستاذ محمد أبو عبيدة الجزء الأخير من الحديث والمتعلق برمضان (رغم أنف امرئٍ أدرك رمضان وخرج منه ولم يُغفر له) قائلاً أن رمضان ينادي فيه منادٍ من قبل الله تعالى، أن يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، موضحاً أنه شهر تُضاعف فيه الحسنات، ويُضيّق فيه على الشيطان، ويعتق الله فيه خلقاً كثيراً من النار، قائلاً أن من لم يُعتق في رمضان من النار فقد رغم أنفه، وخسر خسراناً مبيناً، داعياً المسلمين إلى الاستعداد والتهيئة للتعرض لهذه النفحات المباركات.