تقاريرثقافة

“ثقافة السلام” ترفرف بحمائمها في منتدي راشد دياب

الخرطوم : نجاة حاطط
سلط مركز راشد دياب للفنون الضوء على قضية نشر ثقافة السلام في السودان، في منتدى وسمه بـ ” ثقافة السلام”، وذلك إطار أنشطته الثقافية والفكرية.
تحدث في المنتدى، الذي رعته شركة سكر كنانة المحدودة، كل من البروفسير أبو القاسم قور والدكتور عوض الكريم الزين، فيما أدار الجلسة الأستاذ عبد الباري العجيل، كما شمل المنتدى بعض الفقرات الترفيهية.

مفهوم السلام في أدبيات اليونسكو

وبدأ البروفسير أبو القاسم قور حديثه بالتعريف الشامل لمفهوم ثقافة السلام، فقال إن ثقافة السلام كما وردت عند اليونسكو هي “مجموع القيم والعادات والتقاليد والأديان التي تعمل على حل المشاكل بعيداً عن العنف”، وأضاف أن هذا التعريف يتوافق مع تعريف الدكتور فيدريكو مايور الذي قال أن ثقافة السلام تعمل على انتقال العالم من حالات العنف إلى حالات السلم.
وذهب البروفسير قور إلى أن اليونسكو ركزت في تعريفها لثقافة السلام على ستة قيم أساسية أهمها نبذ العنف، واحترام الحياة، وصون كوكب الأرض، وتضامن متجدد مع الآخر، تحقيق الديمقراطية واحترام الحقوق، وأن يجد كل إنسان طعامه وشرابه وملبسه.
ورأى البروفيسور قور أن التحدي الحقيقي الذي يواجه اتفاقية السلام التي تم توقيعها بين حكومة السودان والحركات المسلحة هو؛ كيف يمكن تنزيل هذه الاتفاقية إلى أرض الواقع، موضحاً أن هذا التحدي يحتاج إلى علماء ومثقفين على قدر كبير من الوعي والإدراك بالهم الوطني، وأشار إلى أسباب حاجة السودان إلى ثقافة السلام بعد انتشار الضغائن والاحتقان وتوسع شقة الحرب بين القبائل، مما انعكس ذلك سلباً على مجموعة من القيم السودانية الاصيلة، وبالتالي تقلصت قيم التسامح التي كانت سائدة في المجتمعات السودانية.
ومن جهة توقف البروفسير أبو القاسم قور عند عدد من النظريات الجزئية التي تنطلق منها ثقافة السلام، إضافة إلى كيفية الانتقال من علم النزاعات إلى تحقيق السلام، شارحاً في هذا الصدد أسباب النزاع التي تقود إلى الحرب بين القبائل، هذا إلى جانب توقفه عند قضية العدالة، حيث أكد أن قضية العدالة هي من القضايا الكبيرة جداً، لافتاً إلى أنها من النظريات المهملة خاصة في كليات القانون في الجامعات السودانية، وقال أن نظرية العدالة والعدالة الانتقالية هي العدالة المرتبطة بثقافة السلام في المنطقة ، وهي حسب قوله هي مجموعة من الإجراءات والقرارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تهدف إلى انتقال نظام قائم على الحقوق، وذكر أن لها عدد من الآليات من بينها وجود مفوضيات للمصالحة.
وفيما يتعلق بالفنون ودورها في ابراز ثقافة السلام قال أن الفنون هي الأداة التعبيرية للثقافة وهي حق مكتسب لكل الناس، وخلص البروفسير قور إلى المطالبة بضرورة ترسيخ سياسات ثقافية تعضد من ثقافة السلام في السودان، كما تطرق إلى العدالة في الإسلام ، وعضد قوله بذكر عدد من الآيات القرانية التي تناولت قضية إقامة العدل والقسط بين الناس.

السلام ثقافة راسخة في المجتمع السوداني

وفي ذات السياق أكد الدكتور عوض الكريم الزين أن الشعب السوداني هو شعب طيب بطبعه ولديه استعداد كبير لقبول الآخر، وقال إن هذه الصفة موجودة منذ عصور بعيدة، وأضاف أن السلام في السودان ليس نتاج لحظة وإنما هو مشروع كبير يترسخ في عدد من المشاريع الاستثمارية الكبيرة مثل مشروع الجزيرة كنموذج في كسب العيش والذي يضم كل قبائل السودان، وكذلك مشروع السكة حديد والتي بدورها ربطت جميع أطراف السودان المختلفة، وحسب قوله أن هذه المشاريع تمثل شكل من أشكال مشاريع السلام الاجتماعي والاقتصادي.
وأشار د.عوض الكريم إلى أن الثقافة السودانية في حقبة الخمسينيات والستينيات والسبعينيات من القرن الماضي أنتجت مجموعة من الرموز الثقافية والفكرية في شتى المجالات الثقافية والسياسية والأجتماعية والاقتصادية، الأمر الذي يشير إلى أن المجتمع السوداني كان متصالحاً جداً مع نفسه، وذكر أن السلام هو القدرة على التعايش وقبول الآخر.
ومن جهة ربط الدكتور عوض الكريم الزين السلام العادل والشامل بضرورة استصحاب الفنون جميعها كآليات ثقافية لها تأثيرها في نشر ثقافة السلام وافشائها، شدّد على أن مفهوم السلام هو أكبر المفاهيم الثقافية، لافتاً إلى أن الثقافة لها مراحل تحول وتطور تنتج ما يعرف بالنمط الثقافي، وأكد أن اللغة في حد ذاتها تعد واحدة من الأنماط الثقافية في السودان في فترة من الفترات هذا إلى جانب كونها شكل من أشكال التواصل بين الشعوب.

السلام بين السياسي والمثقف

وفي كلمته كشف الدكتور راشد دياب أن قضية السلام الاجتماعي تعد واحدة من الأهداف الأصيلة التي ينادي بها مركز راشد دياب للفنون، ويرى أن مشكلة السلام في السودان تبدأ من عدم قدرة التسامح بين القيادات السياسية، وقال إن هذه القيادات تربطهم عداوة دائمة يصعب معها التصالح مع النفس ومع الذات الأخرى.
ووصف الدكتور راشد دياب أغلب السياسيين في السودان بفقدان الوعي بما يحدث على الصعيد الداخلي، وبالتالي هم يعملون خارج الإطار الثقافي، بل كانو يعملون في اتجاه يصب نحو مصالحهم الخاصة، وشدد على أن عدم التوافق بين المثقف والسياسي خلق الكثير من المشاكل، واشترط أن يكون السياسي رجلاً مثقفاً من الطراز الأول.
ورأى دياب أن المشروعات التنموية والمشروعات الاقتصادية، التي تعمل على دعم الاستقرار السياسي، لا تنفصل عن الرؤى الثقافية والإحاطة بوعي الناس ومستقبلهم، مؤكداً أن السلام والاستقرار هما من أهم الاحتياجات الضرورية لحياة الانسان، وقلل الدكتور راشد من قدرة الرجل السياسي من اتخاذ القرارات التي تسهم في نشر ثقافة السلام.

إنضم الى احدى مجموعاتنا على الواتس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى