عادل الباز يكتب: الإمام في انتظار غودو !

مس الأول قال السيد الإمام الصادق المهدي ( ثلاثة خيارات أمام البلاد ، الفوضى والانقلاب العسكري وانتخابات مبكرة.). نسي الإمام مخرج لطالما دعا إليه بل وقع بالأمس مع المؤتمر الشعبي بيانا جاء فيه ( وأمّن وفد المؤتمر الشعبي على أهمية عقد المؤتمر الجامع الذي دعا له حزب الأمة القومي في العقد الاجتماعي الجديد لتكوين حاضنة عريضة لحكومةٍ مرتضاة تسوق البلاد إلى إنتخاباتٍ حرة تفضي إلى ديموقراطيةٍ يتطلع لها شعب السودان). إذن هناك طريق ثالث طريق السير المتأني للانتخابات غير المبكرة بعد إصلاح مسار الفترة الانتقالية. الغريب أنه في ذات اليوم الذي يلوح فيه الإمام بانتخابات مبكرة جرى تمديد الفترة الانتقالية وحسمت الاتفاقية قضايا ليس من قضايا الفترة الانتقالية مثل الحكم الذاتي للمنطقتين !!
٢
الانقلاب العسكري ليس مطروحاً الآن كخيار فالعسكريون ليسوا أغبياء للصعود لتولي حكم في بلد يغرق يوميا في أزمات بلا حصر ولن يجازفوا في هذه الأوقات بانقلاب سيواجه برفض دولي وإقليمي كما سيواجه بمواجهة الشارع ولذا خطة العساكر للتحرك واضحة وهي أن تخرج الجماهير للشوارع وتطالب بتدخلهم وتحدث ازمة حقيقة في البلد ، هناك خارطة طريق معطاءة أعلنها السيد الرئيس البرهان في آخر مخاطبة له في وادي سيدنا.فلو أراد السيد الإمام الدفع بسيناريو الانتخابات المبكرة أو الانقلاب فليخرج للشوارع التي (لا تخون) عليه أن يحشدها بالمتظاهرين فالآن شرعية الشوارع معبر للانقلابات والتحولات الكبرى بل هي شرعية أصبحت أقوى من صناديق الانتخابات ، ولحزب الأمة سابقة في حشد الشوارع بالأنصار ، ففي ١٩٦٥ استطاع عبرها تغيير موازين القوى والإطاحة بحكومة سر الختم الخليفة .
٣
أما السيناريو الأخير ، سيناريو الفوضى فيبدو أن نذره قد أطلت، فما يحدث الآن في الشرق وحدث في كثير من أرجاء البلاد يدل علي أن المتاهات نمضي إليها عجلين وليس هناك ما ينبئ أن تلك الأحداث وتداعياتها في طريقها للتوقف بل المؤشرات تدل علي تصاعدها، واتساع رقعتها مما يجعلنا فعلاً على أبواب الفوضى خاصة في ظل الانهيار الاقتصادي المتسارع دون أن يكون هناك حل يلوح في الأفق، فكل الطبقة السياسية لا تملك حلولاً ولا مخرج.
٤
هـذه السيناريوهات كلها مطروحة في الساحة السياسية منذ وقت طويل فما هو الحل الـذي بين يدي الإمام الصادق المهدي؟.طرح السيد الصادق ما أسماه العقد الإجتماعي وبه أفكار جيدة تصلح للتداول والغريب أنه بعث بالعقد لكل الأحزاب السياسية وأغلبها وافق على قيام المؤتمر التأسيسي ولكن سيد صادق كعادته متردد دائماً يقدم رِجلاً ويؤخر أخرى حتى يفوته القطار ولكن مرة ان فاته ستكون المحطة الأخيرة. بإمكان سيد صادق ان يحظى بإجماع اغلب مكونات الحرية والتغيير وأن يكسب قوى كثيرة ومعتبرة خارج تحالف الحرية والتغيير. متغيرات الواقع والحركة السياسية سريعة التغيير والسياسة لا تقبل الفراغ فبدلا من أن يجلس الإمام ويمارس هوايته في رسم السيناريوهات عليه أن يقود إصلاح مسار الفترة الانتقالية وخاصة أن سيناريوهات أخرى لقوي داخل قوى الحرية والتغيير تجري علي قدم وساق والزمن المتاح للتحرك وأخذ المبادرة يتضاءل يوما بعد يوم، فإن تفعل الآن خيرا من أن تنتظر غودو غدا وتندم.