تقاريرسياسة

حرب الظلال.. معركة خفية تخوضها اللجنة الأمنية مع الخلايا النائمة في قلب الخرطوم

 

تقرير: الطابية

بينما تتصاعد الهجمات بالطائرات المسيّرة على العاصمة الخرطوم خلال الأسابيع الأخيرة، تتكشف ملامح حرب خفية تدور في الأحياء والمناطق المحررة، تخوضها الأجهزة الأمنية ضد عناصر متخفية تتبع للمليشيا المتمردة تحاول فتح ثغرات داخل العاصمة المنهكة بالحرب.
خلال هذا اليوم الجمعة، أمَّن اجتماع للجنة الأمنية بولاية الخرطوم على نشر قوائم بالمتعاونين مع مليشيا الدعــ ـم،، الســ ـريع، وشدد على أهمية دور الخلايا الأمنية في ملاحقتهم والقبض عليهم.
ووجه الاجتماع بضرورة تنوير الرأي العام بخطورة الدور الذي يقوم به المتعاونون من تهديد للأمن القومي وتخريب وتدمير البنى التحتية.

كمائن محكمة تسقط رؤوساً خطيرة

منذ خروج المليشيا من العاصمة القومية، بدأت عمليات البحث عن الخلايا المتخلفة من الفلول المنهزمة للمليشيا، خاصة مع هجمات المسيرات التي استهدفت محطات الكهرباء وعددا من الأهداف المدنية.
وفي أحدث فصول هذه المواجهة، ألقت الاستخبارات العسكرية القبض على أحد أخطر عناصر الخلايا النائمة التابعة للمليشيا في منطقة صالحة بأم درمان، بعد عملية رصد دقيقة استمرت أيامًا.
وقالت مصادر أمنية إن المقبوض عليه يُدعى المساعد شرطة الزين آدم، وكان مكلفًا برفع الإحداثيات للمواقع المدنية والعسكرية التي يجري تأهيلها، لتسهيل استهدافها بالطائرات المسيّرة التي كثّفت المليشيا استخدامها في الآونة الأخيرة ضد أهداف بالعاصمة.
وأكدت المصادر أن العملية جاءت تتويجًا لجهود استخباراتية ومتابعة ميدانية محكمة، مثّلت ضربة نوعية للخلايا التي تعمل كـ”عيون” للطائرات في السماء.

في 23 يوليو، تمكنت الخلية الأمنية المشتركة بمحلية جبل أولياء من اعتقال المتمرد محمد عبدالوهاب مختار، أحد أخطر عناصر المليشيا الذين شاركوا في الهجوم على ولاية النيل الأبيض، بعد عملية تعقّب دقيقة لتحركاته في أطراف العاصمة.
وبحسب المصادر، فإن العملية نُفذت باحترافية عالية ودون خسائر، بعد تنسيق متكامل بين الاستخبارات العسكرية وقوات الدعم الشرطي المحلي، ما كشف عن مستوى الجاهزية واليقظة في ملاحقة المتسللين الذين يحاولون إعادة تنشيط شبكات التخريب بالتوازي مع تصعيد المليشيا الجوي.

كمين الردمية.. سقوط (فريد) بعد شهور من التخفي

وفي مطلع يوليو الماضي أيضًا، نجحت الأجهزة الأمنية بشرق النيل في تنفيذ عملية نوعية خاطفة أسفرت عن القبض على المطلوب الخطير المكنى بـ(فريد)، أحد أبرز عناصر المليشيا في منطقة الحاج يوسف – الردمية، مربع (20).
ووفقًا لمصادر مطلعة، فإن “فريد” ظل متخفّيًا عن أنظار الأجهزة الأمنية منذ تحرير شرق النيل، وكان أحد المتورطين في الهجوم الذي استهدف سلاح الإشارة، بالإضافة إلى تقديمه معلومات استخباراتية للمليشيا حول تحركات العسكريين بالحي، الأمر الذي تسبب في نهب
منازل عدد من المواطنين بمربع (20) في المنطقة ذاتها.
وتُعد هذه العملية ضربة قوية لشبكات التخريب وزعزعة الاستقرار، وتؤكد يقظة الأجهزة الأمنية واستمرارها في تفكيك خلايا التمرد وقطع خطوط إمداد المليشيا داخل الأحياء السكنية.

مأذون يتحول إلى غطاء للتمرد

وفي 11 أكتوبر الجاري، ألقت الأجهزة الأمنية القبض على المدعو الشيخ مسار، أحد المتعاونين البارزين مع المليشيا في منطقة جبل أولياء.
وكشفت التحقيقات أن “مسار”، الذي كان يعمل مأذونًا شرعيًا، استغل صفته لتسهيل تزويج عناصر المليشيا بفتيات دون أولياء أمورهن، ما فتح باب الشكوك حول دوره في تزويد المتمردين بالمعلومات والملاذات داخل الأحياء السكنية.
توقيف “مسار” جاء ضمن حملة أوسع تستهدف تفكيك شبكات الدعم اللوجستي والاجتماعي التي تعتمد عليها المليشيا لتأمين عناصرها في العمق المدني للعاصمة.

المعركة مستمرة.. والعيون مفتوحة في كل حي

ومع استمرار الهجمات بالطائرات المسيّرة التي تستهدف مناطق متفرقة من الخرطوم وأم درمان وبحري، تؤكد الأجهزة الأمنية أن خطر الخلايا النائمة لا يقل عن خطر القصف الجوي، فكلاهما وجهان لمعركة واحدة.
وفي إطار تعزيز الأمن الداخلي، أمَّن اجتماع اللجنة الأمنية، اليوم الجمعة، على ضرورة توزيع أسماء المتعاونين على مداخل ومخارج ولاية الخرطوم، مشيرة إلى أنه غير مسموح بدخول أو خروج أي شخص دون إثبات هوية، ما يساهم في عملية الضبط.

وكانت الخلية الأمنية المشتركة بولاية الخرطوم قد أعلنت، في وقت سابق، عن تخصيص أرقام للطوارئ لتلقي البلاغات عن أي أنشطة مشبوهة أو تحركات مريبة داخل الأحياء، ودعت المواطنين إلى التعاون الكامل مع الأجهزة الأمنية، مؤكدة أن يقظة السكان تشكّل خط الدفاع الأول ضد الخلايا التي تحاول أن تعمل تحت غطاء الليل، وبإحداثيات الطائرات في السماء.

ورغم ما يحيط بالعاصمة من تحديات إلا أن نجاحات الأجهزة الأمنية في تفكيك الخلايا النائمة واعتقال عناصرها الخطيرة تعطي مؤشراً على عودة قبضة الدولة إلى قلب العاصمة.
ومع اتساع دائرة التعاون بين المواطنين والقوات النظامية، تتعزز الثقة في أن محاولات التسلل والتخريب لن تجد لها موطئ قدم في الخرطوم.
إن “حرب الظلال” قد تطول، لكنها تسير نحو نهايتها الحتمية، حيث يشرق الضوء من جديد فوق مدينة أنهكتها الحرب، لكنها لم تفقد إرادتها في الحياة.

إنضم الى احدى مجموعاتنا على الواتس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى