ارتفاع معدلات الأصابة بالأمراض النفسية في السودان .. من المسؤول؟
▪️وزارة الرعاية الاجتماعية: الضائقة المعيشية تسببت بمشكلات نفسية لـ 75% من الشعب السوداني ولكن؟
يمر السودان اليوم بظروف حياتية ضاغطة أنعكست سلبا على المجتمع السوداني وظهرت بصورة واضحة في تزايد حالات الإحباط في المجتمع مما أفرز أمراضا نفسية وقد أقرت وزارة الصحة خلال الأسبوع المنصرم بزيادة حالات الإصابة بالأمراض النفسية، وتشير بعض التقارير لإصابة أكثر من (22) مليون شخص بالاكتئاب و(80) ألفاً يعانون الاضطرابات الذهنية والانفصام، و(1000) ألف حالة إدمان هذه الأعداد التي طرقت أبواب العلاج , ولكن ماغاب عنها أكثر خاصة في مجتمعنا السوداني الذي لا ينظر للمرض النفسي كغيره من الأمراض الآخرى ويسلكون له س سبل علاج آخرى غير الطب، لأهمية الأمر ودرجة حساسيته أجرت شبكة (الطابية) عبر المساحة التالية تحقيقا موسعا حوله
تحقيق:منال صديق
مشاهدات واقعية:
شهد الأسبوع الماضي مشهداً لأفتاً للأنظار؛ شاب صعد فوق أحد ابراج الكهرباء في (شارع الهوا) بالخرطوم وهدد بالأنتحار!.. غير هذا ويشعر كثيرون في الشارع العام بحالة من الوجوم التي تسيطر علي وجوه الماره، ويرون حالة العبوس وهبوط الروح المعنوية للمواطن مع الشعور بالاكتئاب وعدم السعادة بجانب الشعور بالخوف من مواجهة أعباء المعيشة الضاغطة، وهذا ما أكده (ابو محمد) رب أسرة صحيح، حيث قال (للطابية) متسائلا: كيف لا تكثر حالات الإصابة بالأمراض النفسية وحتى العقلية إذا كنا نواجه ضطوطا إجتماعية ومادية بل وكل أنواع الضغوط التى من الممكن أن تدفعنا للإصبابة بالمرض النفسي سواء كان الاكتئاب أو الزهايمر، ويقر (ابومحمد) بأنه يلاحظ على نفسه بعض ملامح الإصابة بهذين المرضين بدرجة يمكن تكون قليلة بعض الشئ، ويتابع: الواحد ولولا نعمة الإيمان لما استطعت السيطرة، ولكنه متشائم بعض الشيء فيقول الإيمان مثل الزئبق يرتفع وينزل، ومتى تعرض الفرد لضغوط يمكن أن تجعله ينخغض او ينتهي تماما مما يدفعه للانتحار أو للاكتئاب المزمن ونسأل الله العافية والسلامة وصلاح الحال وأن يقوينا ويعيننا على الصبر والتحلي بقوة الإيمان.
أمراض متعددة:
▪️رب أسرة: الاحظ بنفسي ملامح الإصابة ونحمد الله على نعمة الإيمان
قد سبق أن كشف مدير عام مستشفى التجاني الماحر اختصاصي الطب العصبي والنفسي البروفسير (علي بلدو) في تصريح سابق لوسائل الإعلام، عن أرقام مخيفة لحالات الانتحار والمحاولات الفاشلة بمعدل (17) ألف حالة تقريبا في السنة لافتا إلى أنه معدل عالٍ لمحاولات الانتحار منها ما ينجح ومنها ما يفشل، وأشار إلى انتشار مرضى الفصام النفسي والاضطرابات الشخصية السايكوباتية والحدية جنبا إلى جنب مع مدمني المخدرات ومتعاطيي الكحول، وأيضا السيدات اللاتي يعانين مما يطلق عليه اكتئاب ما بعد الولادة أو ذهان ما بعد الولادة، والاضطرابات النفسية المزمنة وغير المعالجة، بجانب الأمراض الأخرى مثل الاضطراب النفسي الحاد والصدمة النفسية والعاطفية و(ذهان شهر العسل) الذي يصيب الفتيات والشبان في الأيام الأولى من الزواج، وذكر أنها كلها تعتبر من الاضطرابات النفسية الشائعة التي تعجل بالرحيل انتحارا.
أبعاد سلبية:
للفقر أبعاد سلبية جمّة على الفرد والأسرة والمجتمع مثل الإحباط والتوتر والإجهاد النفسي، الفردي والجميع، ولها صلة مباشرة بمشاكل العنف والجريمة بمجتمعنا وحالات الطلاق، ويشير عدد من الخبراء إلى أن الأوضاع الاقتصادية الضاغطة انعكست سلبا على الصحة النفسية وتسببت في تعميق الازمة المعيشية للمواطن، وقد أكدت الأستاذة سهام أحمد عبد الله مدير إدارة التوعية المجتمعية بوزارة الرعاية الاجتماعية بالخرطوم والمحلل الاجتماعي أكدت في تصريح لها لـ (الطابية) أن الضائقة المعيشية قد تسببت بمشكلات نفسية لـ 75% من الشعب السوداني ولكنه ليس بالتاثير النفسي الذي يصل مرحلة العلاج بالحبوب أو اللجو لأطباء نفسيين عند الكثيرين، فقط يتمثل في الزهج والدبرسه والقلق والتوتر!.. ومعظم السودانين مصابون بمصران عصبي وهو يأتي نتيجة للقلق والتوتر من الضغوط إذا كانت أقتصادية أو اجتماعية نتيجة ضعف الإمكانيات وعند السودانيين أصبحت كلمة عندي(نفسيات) شائعه كثيرا، ويبررون ذلك بأنه نتيجة للوضع المعيشي الضغط، ولكن هنالك من وصل مرحلة نفسية سيئة
▪️خبراء نفسيون: الدولة المسؤول المباشر والمجتمع والأسرة غير أبرياء
أوصلته للأكتئاب أو الانتحار، مؤكدة أن الوصول لتلك المرحلة يتوقف على التنشئة السليمة، واعتبرت التنشئة السليمة السوية التي تغرس في عمر تكوين الشخصية أولى مقومات الصحة النفسية للطفل، ثم بعد ذلك تاتي مرحلة المراهقة التى يكون فيها عرضة للأدمان الذي يشكل أقوى الأسباب اليوم للإصابة بالأكتئاب وسبب لانتحار الشباب وأكدت علي التأثير الكبير للضائقة الأقتصادية للاصابة بالامراض النفسية ففي المدارس مثلا او الجامعات يتاثر الشباب بالفوارق الطبقية مما يمكن أن يلجأ الشاب بسبب ذلك للمخدرات او يصاب بالأكتئاب إذا لم تكن قد تربى بصورة سليمة غرست فيه روح الإيمان بالله والتمسك بالقيم والأخلاق
ارتباط كبير:
ينظر المراقبون للوضع السياسي المتدهور وللاوضاع الاقتصادية والسياسية على أنها المسؤول الأول عن الاضطرابات النفسية التي ضربت المجتمع وهذا ما أكده حديث الأستاذ الطاهر المعتصم المحلل السياسي، في تصريح له لقناة النيل الأزرق، لبرنامج (بعد الطبع)، حيث أشار الى الإرتباط الكبير بين الإصابة بالأمراض النفسية والمخدرات خاصة، أن السودان أصبح دولة مستهدفة رغما عن مجهودات أجهزة مكافحة المخدرات فالسودان مستهدف استهدافا تجاريا وربما لأسباب أخرى لأن الشباب مستهدفون، فالشباب عصب المجتمع، والسودان نسبة 65% من الفئات العمرية فيه هي فئات شابه وهذا مصدر قوة للسودان، فبالتالي استهداف الشباب اكثر لان كبار السن لديهم الوعي الكافي،
▪️محلل سياسي: سببها استهداف السودان تجاريا وسياسيا بالمخدرات
والأطفال بعيدون عن استخدامها، فالشباب دائما بحاولون أن يجربوا المسائل القريبة منهم، مؤكدا أن انتشار الأمراض النفسية أمر طبيعي في ظل الظروف التي يمر بها السودان من ضغوطات اقتصادية وإجتماعية وما تسببه من أمراض، فالحالة الاقتصادية والأزمات لها تاثيرات اجتماعية فاي تأثير إقتصادي يتسبب في تاثير إجتماعي، فمثلا الطلاق يدفع بعض الأبناء إلى اللجوء للمخدرات أو تحدث لهم صدمات نفسية آخرى، فالتاثيرات الاجتماعية التي يتسبب فيها الوضع الاقتصادي دائما توصل إلى هذه المرحلة، وطالب المعتصم بضرورة استشعار الجميع المسؤولية في توعية الشباب في الجامعات، وطالب الإعلام وائمة المساجد وأصحاب الراي أن يعوا أن هذه المسالة خطر دائم يصيب المجتمع السوداني كله.
وصمة عار:
من جانبها أشارت الدكتورة مي النجومي استشاري العلاج النفسي بمستشفى السلاح الطبي أشارت إلى المسؤولية المشتركة للإصابة بالمرض النفسي مابين الأسرة والمجتمع والدولة، فعدم الالتزام بالتنشئة السليمة للأبناء وعدم حمايتهم من المشاكل والصراعات تسبب المرض النفسي، وعدم التصالح مع المرض النفسي ووجود الوصمة الاجتماعية وصمة العار في العلاج النفسي من الاسرة والمجتمع وعدم تشجيعه واحتوائه تفاقم المرض، كما أن الانتقادات والتوبيخ والتارجح في التعامل ما بين التدليل والشده كلها مسببات اسرية للمرض النفسي أضف إلى ذلك الرعاية الزائدة والانتقادات والسيطرة والسخرية والعنف الزائد جميعها مسببات مشؤولة عنها الأسرة، وقالت استشاري العلاج النفسي إن النظرة السالبة للمريض النفسي بالأسرة والمجتمع واعتباره وصمة عار، يفاقم من نتشاره ولا يساعد في علاجه واحتوائه، وطالبت الدكتورة مي بضرورة تقبل المجتمع للمرض النفسي والنظر اليه على أنه مثله مثل أي مرض عضوي، وتعتقد أن تلك النظرة سبب في زيادة انتشاره إضافة لذلك سكوت المجتمع عن الظواهر السالبة التي بدورها تساهم في زيادة انتشار المرض النفسي، مثل (المخدرات)، وأعتبرتها أقوى أسباب تزايد المرض النفسي بالمجتمع، وحملت الدولة المسؤولية المباشرة عنه، سواء في زيادته أو في الحد, لضعف اهتمامها بالجانب النفسي الطبي مع قلة المستشفيات وعدم الاهتمام بالكادر والموسسات الخدمية وعدم توفير الأدوية والمراكز المتخصصة في علاج المرض النفسي وعدم وجود القوانين الرادعة للمسببين للمرض (تجار المخدرات).
▪️باحث اجتماعي: تمثل أبعاداً خطيرة للفقر على مجتمعنا
وأشارت إلى وجود أسباب أخرى لانتشار الأمراض النفسية بشكل عام منها ما هو وراثي أو نتيجة للأصابة ببعض الامراض العضوية كمرض السرطان، الفشل الكلوى يمكن أن يصاب اصحابها بالمرض النفسي عندما لاتجد التقبل من المصاب، إضافة للمشكلات الأسرية وسوء المعاملة في الأسرة العنف والخلافات بين الوالدين والطلاق وكل ما يعرض الأبناء للصدمات النفسية في فترة الطفولة او فترة المراهقة تؤثر في المستقبل في إمكانية الإصابة بالمرض النفسي سواء اكتئاب أو زهايمر.
ظواهر سالبة:
وأشارت أختصاصي العلاج لنفسي بمستشفى السلاح الطبي إلى أن الذين يلجاون للانتحار هم المصابون بالأمراض النفسية أو العقلية والوسواس القهري والاكتئاب الذي هو الأكثر انتشارا، حيث يلجأ هؤلاء، عندما تكثر عليهم الضغوط والمرض للانتحار.. ونبهت إلى أننا يجب أن نحمي أنفسنا بالتحصن بالدين، ابتداء من الأسرة بالتنشئة السليمة واحتواء الأبناء، بجانب ورفع درجة الوعي بالعلاح النفسي وزيادة عدد المعالجين والمرشدين بالموسسات والمرافق العامة، مع الاهتمام بالصحة الجسدية والترفيه وتحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية لتكون لدى ابمجتمع حماية او حرس من الأمراض النفسية، كما أن الوقاية قد تتمثل في برنامج حياة مثل اللقاءات السعيدة والاهتمام بالذات، والوقاية خير من العلاج.