ثقافةمقالات

*بروفيسور محمد وقيع الله يكتب للطابية: خضر حمد.. البعد الفكري والعروبي للوطنية السودانية (٢/٢)* 

*التوجه العربي:*

بانسداد أفق العمل العسكري المسلح ضد الإنجليز في السودان امتد جهاد خضر حمد إلى خارج نطاق السودان؛ ففي سنة 1945م أذاع الرئيس الأمريكي ترومان بيانا دعا فيه للسماح بدخول مائة ألف يهودي أرض فلسطين، وأثار ذلك خاطر الثائر السوداني، فعزم أن يتطوع للجهاد في أرض الميعاد.

وقد بعث الخامس عشر من أكتوبر 1945م خطابا إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية، الأستاذ عبد الرحمن عزام، ورد فيه:” لست من رجال السياسة، ولكني رجل أُعير الشؤون العربية اهتماما زائدا، وقد دعاني هذا الاهتمام أن أزور بعض البلاد؛ كمصر، وسوريا، ولبنان، وفلسطين، والأردن، والحجاز، والعراق؛ حبا في التعرف عليها، والاطلاع على مدى ما نالت من تقدم وبلغت من رقي.

وقد أرشدني تتبعي للحركة العربية أن قضية فلسطين في طورها الأخير، وأصبح الواجب المقدس يحتم على كل عربي أن يبذل كل ما يستطيع في سبيل حل هذه القضية؛ حلا يريح الفؤاد العربي، ويحفظ الكرامة العربية.

ولست – والحمد لله على كل حال – من ذوي الثراء حتى أجود بالمال فأفدي نفسي بمالي، ولكني شاب لا يملك من خير الدنيا إلا هذا المرتب الضئيل؛ ولذلك استخرت الله أن أهب نفسي ومجهودي للقضية العربية، وأرجو ملحا ألا أحرم من شرف الجهاد في صفوف المجاهدين”.

وبعد أن سرد وصفا مختصرا لشخصه ومؤهلاته خاطب الأمين العام لجامعة الدول العربية:” يا صاحب العزة.. إنني أقدم نفسي طائعا مختارا للجهاد في سبيل البلاد العربية والإسلام، وأرجو أن أُحظى بالقبول، أو التوجيه الذي يحقق لي هذا الأمل، وسأتخلى عن وظيفتي بمجرد وصول أمركم”.

وارتجاه:” إن لم يكن عمل المتطوعين للجهاد يتصل بعملكم أن توجهوا خطابي هذا إلى من يهمه”.

وما تلبث إلا يسيرا حتى جاءه رد من أمين الجامعة العربية يعرض عليه الالتحاق بالمنظمة الوليدة في وظيفة إدارية، واستغرب صاحب الخطاب أن يعرض عليه وضع وظيفي مغرٍ، وهو الذي طلب أن يفرَّغ لعمل جهادي فدائي، وقرر أن ينفض يده العرض تأففا منه، إلا أن صديقا له يدعى إبراهيم يوسف، أقنعه أنه طالما قدم نفسه متطوعا فليس له أن يرفض الوظيفة التي من خلالها يمكن أن يخدم قضية تحرير فلسطين، فضلا عن خدمة قضية استقلال السودان، التي كانت أيضا مشتعلة في الأوان.

وباقتناعه بنصح صديقه الفطن أقدم على الاستقالة من وظيفته في الحكومة السودانية، وأقبل على القاهرة وقابل السيد عبد الرحمن عزام الذي أوكل إليه مهمة تنظيم أرشيف المعلومات التابع للجامعة، وكلفه بإعداد الدراسات الخاصة بالقضايا الوطنية، ومنها القضية السودانية، وقد تاح له أن يقوم بدور بارز في خدمتها؛ دور مؤسس على الدراسة القوية، والفكر المتعمق، والتحليل النافذ، والخلاصات المقنعة، بعيدا عن صخب العواطف ودوي الشعارات.

وهو يحدثنا عن ذلك فيقول:” حاولت شرح القضية الوطنية السودانية في أروقة الأمم المتحدة أولا، ثم للأمين العام نفسه، وكان من حسن الحظ أن ساهمت الآراء والأفكار التي كنت أرفعها إلى الأمين العام؛ وهو رجل يؤمن باستقلال السودان، وكان يريد الحقائق القائمة على الواقع، ولا يؤمن بحديث العواطف والشعارات التي كانت تتردد آنذاك، وتطور الأمر من محيط الأمين العام والأمانة العامة إلى القصر الملكي، وإلى رئيس الديوان، ورئيس الوزراء، وإلى بعض الوفود العربية”.

وعندما أزمعت الحكومة المصرية عرض قضية السودان على الجامعة العربية عام 1947م لتنال موافقتها على اتحاده مع مصر واستغلال تلك الموافقة أثناء عرض الموضوع بعد ذلك على الأمم المتحدة حتى يجاز الأمر بتلك الكيفية من المنظمة العالمية، أعد خضر حمد تقريرا آخر معتمدا على رؤية مغايرة للرؤية المصرية الرسمية رفعه للأمين العام عزام جاء فيه:” إن السودان لن يستجيب لهذه الوحدة التي ينادي بها بعض الناس، وإن السودان يجب أن يكون له كيانه الخاص، ووضعه الخاص، وإن السودان اليوم قامت به حكومة، وتطلع أبناؤه إلى تولي شؤون بلادهم، بل وصلوا إلى درجة الوزارات، فهل يقبل العقل أن يعودوا مرة أخرى ليكونوا في المؤخرة”؟

وأكد التقرير بحزم أن السودانيين مهما آمنوا بالقومية العربية، ومهما تذكروا تاريخهم وتراثهم العربي القديم، إلا أنهم ينفرون – ولهم الحق كل الحق – من أي خطة تسعى لتذويبهم في إطار قطر آخر، وبذلك بدا التقرير مقنعا للجامعة العربية ولكل سياسي معتدل التفكير من سياسيي القطرين المعنيين.

ولم يكتف خضر حمد بصوغ هذا التقرير المبدئي القويم، والدفع به لمقام الأمين العام للجامعة العربية؛ بل سعى إلى ترويج فكرته والدفاع عنها بمقالات قومية قوية مقنعة نشرها بصحيفة (البلاغ):” إلى جانب اتصالات أخرى في نادي الشباب العربي، وجماعة الإخوان المسلمبن، التي استطعت أن أحاضر فيها عن الجنوب والتبشير، وذلك في اجتماع الثلاثاء الذي كان يحضره ويتحدث فيه المرحوم السيد حسن البنا المرشد العام”.

وعندما قدم وفد السودان إلى القاهرة لعرض قضية الاستقلال أعانهم خضر حمد بالرأي المستخلص من خبرته الجيدة في التعامل مع المسؤولين المصريين، ثم قرر الرجوع إلى السودان حتى يتسنى له يسهم مباشرة في العمل الوطني في ذلك الظرف الحرج، فقدم استقالته إلى الأمين العام للجامعة وكان عذره أن:” قد جدَّت ظروف وأحداث وطنية وسياسية في السودان… تدعوني للرجوع إلى هناك لأسهم بجهد المقل في تلك الحركة التي سايرتها منذ نشأتها، ويعزُّ علي أن أكون بعيدا عنها في هذا الطور”.

وقد حاولت الجامعة أن تثنيه عن الاستقالة، فثنَّى بخطاب آخر عضَّد به طلبه الأول وأكده، وذكر فيه ما لم يذكره في الخطاب الأول؛ فقد اضطر الآن إلى كشف مثالية سليقته وسمو سجيته ببسط عذره الأريحي الذي خلاصته:” عدت من السودان منطويا على هذه الرغبة لأنني أحسست أن علي واجبا وطنيا لا بد من أدائه؛ لأن زملائي وإخواني الذين تقاسمت معهم السراء والضراء في السودان… أكثرهم موظف، وقد رأت الحكومة أن خير وسيلة تقضي بها على الحركة الوطنية هي أن تضيق على هؤلاء المجاهدين في أرزاقهم، وأكثر هؤلاء الزملاء متزوج وله أطفال، ومعنى تخليه عن وظيفته هو حرمانه من مورد رزقهم الوحيد، أما أنا فأحسن حالا منهم ولله الحمد؛ فلست متزوجا، وليست علي تبعات كثيرة كتبعاتهم، وهنا أحسست أني أحق بالتضحية، وأن الواجب يدعوني لأن أقف أمامهم وفي الصف الأول، ولا يليق بي أن أبقى هنا في القاهرة وغيري يتعرض للسجن والمجاعة”.

ومع ذلك أصر الأمين العام للجامعة على رفض استقالته، وقرر أن يعتبر عمله مع السيد علي البرير في الدعوة لاستقلال السودان من العاصمة الفرنسية عملا من صميم أعمال الجامعة، وأن له أن يمكث فيه ما شاء من الوقت؛ فكان حلا وسطا قبل به المجاهد السوداني الأبي، بيد أن مهمته في الدعوة إلى استقلال السودان من الخارج لم تستغرق أكثر من شهر واحد عاد بعده إلى السودان مسهما في النضال ضد فكرة الجمعية التشريعية فاعتقل على إثر ذلك وأودع سجن كوبر ولم يحاكم.

ثم رأى يرجع عقب إطلاق سراحه لمواصلة عمله بالجامعة العربية، ثم عندما اشتعلت قضية فلسطين سنة 1948م قدم طلبه للأمين العام للجامعة كي يسمح له بالانخراط في القتال من أجل فلسطين:” ولكنه اعتذر عن عدم استجابة طلبي وقال إن العمل الذي تقوم به في الأمانة العامة هو أيضا لا يقل عن عمل المجاهدين في الميدان، وأننا نعد لهم السلاح ونجمعه…”.

وهكذا كان من قدر خضر حمد أن يحرم من المشاركة في أعمال الجهاد القتالي في السودان وفي فلسطين، كي يسهم بقِدح مُعلى في الجهاد الفكري والسياسي والعملي والإداري اليومي الدؤوب من أجل الغرضين معا.

 

*في وجه الحركات الهدامة*

كان طبيعيا أن ينبثق من لبِّ الاهتمامات العروبية والإسلامية لخضر حمد نزوع قوي انبعث في مناهضة الحركة الصهيونية، ومواجهة الدعوة الماسونية، وكشف خبايا أوكار أندية الروتاري والليونز؛ وهي مجموعة مؤامرات شريرة متكاثرة متضافرة يجهل أسرارها أكثر الناس مع أنهم بنيرانها يصطلون.

وقد نشر الأستاذ خضر حمد سلسلة من مقالات جريئة في الحديث عن الماسونية وتوعية الشعب بالخطر الذي سينجم من تغلغلها في أحشاء النخبة السياسية السودانية؛ فأنشأ يقول:” علاقة الماسونية بالصهيونية والشيوعية عريقة وقديمة، وإن أساليب العمل واحدة، والذي يثيرني ليس الماسونية وحدها، ولكن هذه الأندية المستوردة المشبوهة التي تأتي إلينا من الخارج، ويقوم على رأسها رجال بارزون في المجتمع؛ يخطبون في احتفالاتها السنوية، كأنما هي ضريبة يؤدونها لهذه المؤسسات المشبوهة، وللماسونية أساليب طريفة في كسب أعلام الرجال لتنتشر وراءهم، كما قال صاحب كتاب (صرخة بوجه الدجالين) والماسونية يهودية أما وأبا، وصهيونية روحا ونشاطا وهدفا”.

وعلى إثر تفصيله القول في شرح مبادئ الماسونية ونقدها اتجه إلى الربط بينها وبين الصهيونية:” فالبناؤون الأحرار يقيمون الهياكل تيمُّنا وتمثُّلا بهيكل سليمان؛ ومسلك الصهيونية العام منذ إنشائها هو مسلك الماسونية حذوك النعل بالنعل، والماسوني يجب أن يتجرد من عقيدته، ولا يتعصب لدينه، وهو يقر بذلك متى انخرط في سلك الماسونية؛ لأنه جاء في النشرة الرسمية التي أذاعها الشرق الأعظم في فرنسا سنة 1856م:” نحن الماسون لا يمكننا أن نقف عن الحرب بيننا وبين الأديان؛ لأنه لا مناص من ظفرها أو ظفرنا، ولأنه لا مناص من موتها أو موتنا، ولن يرتاح الماسون إلا بعد أن يقفلوا جميع المعابد”.

وبمثل هذا التحليل – وهذا غيض من فيض تحليله الحصيف – يمكن أن يقال – من الناحية التاريخية المحضة – إن خضر حمد كان سباقا في كشف:” أن الماسونية بالتعاون مع الصهيونية عملت على هدم السلطان عبد الحميد… فعندما أراد اليهود أن يشتروا منه فلسطين رفض طلبهم ولم يمنحهم أي امتياز طوال عهده، إلى أن جاء عهد الاتحاد والترقي، كنا نحن في الشرق والبلاد الإسلامية نهلل لأتاتورك وجمعية الاتحاد والترقي، التي كان اليهود من ورائها يدفعونها للنجاح بالمال والرجال، ولأن كثيرا من الأتراك كانوا في الأصل يهودا، اشتركوا في الحركة، وساهموا في نجاحها، ولما جاءت إلى الحكم سمحت لليهود بإنشاء المستعمرات في فلسطين”.

ومن الناحية المحلية أشار خضر حمد بإصبع الاتهام إلى الحركة الماسونية في السودان؛ منبها الشعب إلى أنماط من ممارساتها السرية، ومدى نفوذها الطاغي في أوساط النخبة السياسية والتجارية:” كنا نسمع ونحن صغارا إذا ما تحدث الناس عن شخص ينتسب إلى الماسونية في السودان تحدثوا عنه في همس وخوف كأنما قد فارق دينه أو ارتكب معصبة لا تغتفر، وعندما يحدِّث الفرد زميله يتلفت يمنة ويسرة ويقول له في همس: إنت عارف أن فلان ماسوني.

وكان لا ينتسب الماسونية أو تنتسب الماسونية إلا شخصية بارزة من رجال المال أو الوظائف، وهذا يؤكده قول أحد اقطاب الماسونية الإيطالية سنة 1846م إذ قال:” إننا لا نستطيع أن نبلغ غايتنا إلا بواسطة الأعيان والأمراء؛ هم تذكرة المرور، فضموهم إلى الماسونية، وإياكم أن تكشفوا لهم غايتنا”.

وناشد خضر حمد جموع الشعب السوداني أن:” هُدُّوا هذا الركن المظلم الذي ما زال باقيا، وقد أزال الشعب تمثال كتشنر وغردون، وبقى هذا الركن الماسوني، وهو أخطر منهما؛ ركن مظلم تجهل حتى الحكومة ما يدار أو يقال فيه، ويدخل الداخلون إليه ليلا كالخفافيش التي تُعشِيها النار ويضر بأعينها النور، ويخشى الفرد منهم أن يقول لك: إنه ماسوني؛ فهو يعلم أنه يعمل عملا يخجل أن عرفه الناس”.

وأرسل نداءه مدويا:” يجب أن تحل هذه الجمعية السرية؛ فالحريات في هذا البلد مطلقة بنص الدستور، ولا حاجة إلى التستر إلا في حالة اللصوص”.

ولكنه لنبل في طواياه وجد في سياق ندائه العذر لمن خدع في الماسونية، وانساق في ركبها عن غير وعي، ونشدهم نفض أيديهم عنها، ودعا الشعب للتسامح معهم:” ظهرت الماسونية في عهد الاستعمار، وكان الشرف كل الشرف عند بعض الناس الاتصال بالأجانب، ومصادقتهم، والعمل معهم، والتقرب إليهم، ومن خطة الماسونية اجتذاب البارزين من ذوي الجاه والمراكز والمال؛ ولذلك فإن معظم الذين انخرطوا في سلك الماسونية كانوا من هذا النوع.

والآن مضى عهد التمسح بالأجانب، وكُشف المستور، وعرف الناس أن التمسح بالفرنجة غير مجدٍ، ووجب عليهم أن يؤمنوا بأنفسهم، وأن يشعروا بوجودهم، وأن يصبحوا قادة لا أذناب.

لقد كانت الماسونية خفية عليهم، وكانت المغريات كثيرة، وكان الضعف والجهل سائدين، ومضى ذلك العهد لا أعاده الله، ولكن ما عذر الذين يظلون ماسونيين بعد اليوم، ويحاولون لها الاستمرار والحياة، ولو أنهم لن يقفوا أمامها مدافعين؛ لأن الذين كشفوا خفاياها هم الذين صنعوها.

عفا الله عما سلف، نحن لن نتهم سودانيا بالخيانة لعروبته أو دينه أو وطنه، ونذهب إلى أبعد من ذلك فنقول: إن الدافع له سابقا للانضمام إلى الماسونية هو الرغبة في خدمة وطنه، وقد حسنوها وزينوها له، حتى جعلوها عروسا يتنافس عليها الخطاب، ومضى ذلك العهد، وعفا الله عما سلف، وغفر الله للذين فارقوا هذه الحياة، وفتح أبصار وبصائر الأحياء، وما نطلب منهم إلا حَلَّ هذه المحافل في السودان وغلق أبوابها، وبارك الله فيمن أراح واستراح”.

 

 

*التبرع بمكتبته لجامعة الخرطوم*

 

وختم خضر حمد حياته الكريمة أكرم ختام؛ إذ تبرع بمكتبته الغنية التي ظل يجمع محتوياتها منذ كان في صدر شبابه إلى مكتبة جامعة الخرطوم، ولعله اقتدى في تصرفه الحكيم هذا بسنة إهداء المكتبات الخاصة للجامعات؛ وهي السنة الحميدة التي أحياها في العصر الحديث بعض كبار المفكرين والمثقفين ورجال السياسة الغربيين؛ فوهب مكتبته الغنية بأمهات الكتب وروائع كتب التراث والكتابات الحديثة باللغتين العربية والإنجليزية إلى من يواصل الإفادة منها من الأجيال الجديدة من المتعلمين.

ولا شك أن هذا التصرف السليم قد سلَّم مكتبته الشخصية من مصائر التشتت والتبدد إن استقرت في مكان آخر غير هذا المكان، فبقيت – بفضل الله تعالى – في مثابة الصدقة الدائمة الجريان.

 

*خاتمة*

نذر خضر حمد حياته العامرة من أجل الهموم الوطنية القومية العربية الإسلامية؛ فسلح نفسه منذ شبابه الباكر بعُدَد العلم الوفير والثقافة الرفيعة، وبرز في الطلائع الأولى من كبار مثقفي القطر؛ إذ كان أحد مؤسسي حلقات الاطلاع الثقافي ورواد الجمعيات الأدبية.

وبقي شديد الإحساس بالخطر الصهيوني الذي استطار شرره باحتلال فلسطين؛ فقدم نفسه متطوعا للجهاد ضد العصابات الصهيونية، وعمل بالأمانة العامة للجامعة العربية؛ وخدم قضية استقلال السودان من هناك.

ثم عاد إلى البلاد؛ وكان أول من دعا إلى تنظيم مؤتمر الخريجين العام، وانخرط في نشر التعليم عن طريق بناء المدارس الأهلية، ونشط في بث التوعية الوطنية عن طريق الكتابة الصحفية، ولم يترك بابا للجهاد والإصلاح إلا طرقه، وكانت آخر كتاباته في التنبيه على مخاطر الدعوات الصهيونية والماسونية وغيرها من الحركات التخريبية السرية.

لقد عاش خضر حمد حياة قصيرة نسبيا [ نحو ستين عاما] ولكنها حفلت بالإنجازات الكثيفة، ولم يتلوث في غضونها بما يمكن أن يؤخذ أو يؤاخذ أو يعاب عليه؛ لا من جانب ديني، ولا فكري، ولا سياسي، ولا اقتصادي نفعي خاص.

مَضَى طَاهرَ الأثوابِ لم تَبقَ رَوضةٌ غَداةً ثوَى إلا اشْتَهتْ أنَّها قَبرُ!

 

نشيد العلا

نظم الأستاذ خضر حمد

 

للعلا.. للعلا

وابعثوا مجدنا الآفل

واطلبوا لعلاه المزيد.. للعلا

أمةٌ أصلها للعرب

دينًها خير دين يحب

عزُّها خالد لا يبيد

قد نفضنا غبارَ السنين

ونهضنا بعزم مكين

لنعيد فخار الجدود.. للعلا

***

انهضوا يا شباب للعلوم

سامروا في هواها النجوم

واطلبوا كل صعب المنال

مهر هذي المعالي الحياة

فابذلوا الروح للمكرمات

واحتذوا بنبيكم مثال.. للعلا

***

وحدة القطر أول ما

نرتقي للعلا سلما

ونضحي لها بالدما

فانبذوا كل جبس وما

ساد جيل ضعيف الُعرى

وارتقى شامخاً أو سما.. للعلا

***

بارك الله هذي البلاد

وعلى نيلها الاعتماد

فيه سر الهدى والسداد

انظروا سهلها والجبل

فهي تحيي موات الأمل

والغني في ثراها اكتمل.. للعلا

***

اكفروا بالشمال والجنوب

فهي أصل البلاء والخطوب

واجمعوا شملنا للوثوب

واغرسوا حبه في القلوب

وطني في هواه نذوب

شرقه غربه أو جنوب.. للعلا

***

انهضوا فكفانا جمود

وانبذوا كل نكس قعود

للردى لن نعاف الورود

واقطعوا بالوفاء العهود

واحملوا للجهاد البنود

عاش من عن حماه يذود.. للعلا

إنضم الى احدى مجموعاتنا على الواتس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى