استطلاعحوارات وتحقيقاتسياسة

الأزمة السياسية السودانية.. ماهي الخيارات والحلول!!

استطلاع: منال صديق

حالة من الاحتقان يعيشها المشهد السياسي بالسودان منذ المحاولة الانقلابية في أواخر شهر سبتمبر الماضي وبعد الملاسنات بين المكون العكسري والمدني بالمجلس السيادي وتبعها انقسام المكونات المدنية نفسها والإعلان عن الحاضنة الجديدة لقوى الحرية والتغيير، بدأ أنصار الأخيرة “مجموعة الميثاق الوطني” اعتصاما منذ 16 أمام القصر الجمهوري في أعقاب مظاهرات طالبت بتشكيل حكومة جديدة وتوسعة المشاركة في الحكومة.
ويطالب المعتصمون بتوسيع قاعدة المشاركة في حكومة الفترة الانتقالية، وتشكيل حكومة كفاءات، وتحسين الأوضاع المعيشية، و”استعادة الثورة من مختطفيها”، وكذلك إكمال هياكل الفترة الانتقالية من المحكمة الدستورية ومجلس القضاء وكل المفوضيات الواردة في الوثيقة الدستورية. تبعتها دعوة قوى الحرية والتغير مجموعة الأربعة الجماهير للخروج في التظاهرات التي انطلقت بعد ظهر اليوم 21 اكتوبر، أطلقت عليها مسيرة داعمة للتحول الديمقراطية، فالكل يريد أن يرسل رسائل في بريد الآخر عبر تحريك الشارع.
في ظل هذا الوضع الذي ينذر بحدوث الصدام والاحتكاك ماهو الحل الأمثل وكيف يكون الخروج من حالة الاحتقان والتشرذم السياسي في الشارع السوداني، هل بتوسعة المشاركة في الحكومة، أم بإقالتها وتكوين حكومة كفاءات مستقلة، في ظل تصاعد الدعوات بإقالة الحكومة؟!..
(الطابية) أجرت استطلاعاً لرؤية الحل السياسي المناسب، وماهي السيناريوهات المتوقعة حال فشل الحكومة في الوصول إلى الحل المناسب بأسرع ما يجب؟.

أجرته: منال صديق

في البداية التقت (الطابية) بالأستاذ وائل علي كاتب صحفي ومحلل سياسي فأبتدر حديثه قائلا: “ليس للحكومة رؤية للحل ،فالحل في (الحل)..حل الحكومة وتعين حكومة كفاءات لأنه أذا حدث اليوم أي صدام ومات فيه أشخاص سيتحمل أعضاء

محلل سياسي: الحكومة مسؤولة أخلاقياً وجنائيا عن كل صدام يحدث

مجلس الحكومة المسؤولية الجنائية والأخلاقية، لأنهم دعوا بشكل واضح للمظاهرات، وزير الصناعة إبرهيم الشيخ ووزير مجلس الوزراء خالد سلك يتحملون المسؤولية السياسية والجنائية والأخلاقية عن ما يحدث، فدعوة الحكومة لمظاهرات تأييد لها، دليل على الإفلاس السياسي! لأنه من المفترض أن تكون الدعوات للمظاهرة من قبل المعارضة، لأن الحكومة في يدها السلطات، ومفترض أن تصدر قرارات وتنفذها، لذلك يمكن القول بأنه لايمكن لحل سياسي أن يحدث في ظل بقاء هذه الحكومة.. فقط الحل السياسي يكون بتقديم الوزراء استقالاتهم، ويقوم حمدوك بتشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة، توافقية تتوافق عليها كل القوى السياسية في السودان، فهذا هو الحل الأفضل.
ويضيف الأستاذ وائل في حالة رفض هذا الخيار سيمضي الناس لخيار سيئ لكنه لكنه يكون الحل.. وهو أن يقوم المجلس العسكري بتشكيل حكومة بموجب صلاحيته في الوثيقة الدستورية على غرار ماحدث في تونس، إن مجلس السيادة يمكنه أن يحل الحكومة على حسب نص المادة 80 من الوثيقة الدستورية، أضافة إلى أن المادة المتعلقة بتشكيل مجلس الوزاراء تتكلم عن أن الحكومة تكون حكومة كفاءات.. ويمكن يعملوا تفسيراً لهذه المواد عن طريق وزارة العدل، ويشكل حكومة كفاءات وطنية.. أما السيناريو الثالث في حالة تعذر ذلك، فيكون بأن تقوم القوات المسلحة بتعليق الوثيقة الدستورية!!.. لكنها لن تبادر بهذا في الوقت الحالي، فغالبا ما ستأتي!!.. والأسبوع القادم سيتكون مطلع نوفمبر، اذا استمرت الأوضاع في التوتر والشارعان لم يحسما حتى ذلك الوقت، يكون أمام المجلس العسكري حلّان، التوالق على استقالة حكومة حمدوك، أو أن يستغل المجلس السيادي المواد الموجودة في الوثيقة الدستورية ويشكل هو حكومة كفاءات.
ختم المحلل السياسي حديثه بقوله: نتمنى أن يكون الخيار هو الحل سياسي، فهو الأفضل، لأنه به الحماية للانتقال الديمقراطي في البلاد، أما أذا استمر الصدام وأصرت القوى المتصارعة على التصعيد فنتوقع أنه سيحدث تصعيد بالبلاد وسلسلة من الأحدث كالسيناريو الليبي والسوري يمني مصري تونسي وهو أمر غير مرحب به.

محلل سياسي: دعوة الحكومة للتظاهر دليل على الإفلاس السياسي

مطامع ومصالح:
أما الأستاذ محمد عثمان الرضي الكاتب الصحفي والمحلل السياسي فيختلف مع رأى سابقه حيث يقول “الحل لا يكون بحل الحكومة الحالية، ويمكن حلها في وقت آخر، ولكن تظل المشاكل التي حلت من أجلها قائمة، فشخصنة القضايا من أكبر المعوقات التي تعقد المشهد السياسي، ويضيف أن الحل في الاتفاق علي الرؤية الشاملة لحلحة كل المشاكل، ولايتم ذلك إلا بالتسامي فوق الجراحات والمرارات، وتقديم المصلحة العامة على المصلحة الحزبية الضيقة، واصفا الأحزاب السياسية الموجودة بالساحة بافتقادها للبرامج الواضحة والمقنعة لخدمات الجماهير، فلذلك البون شاسع ما بينها وبين حكومة الكفاءات!!..

محمد عثمان الرضي: الدولة تديرها مخابرات إقليمية ودولية

وعاد الرضي، وتراجع عن رأيه السابق، ورأى بضرورة تكوين حكومة من التكنوقراط وبلا خلفيات سياسية، يتمثل مهامها الترتيب للانتخابات فقط، وتوقع محمد عثمان الرضي عند فشل الأطراف في الوصول لحل ساسي توقع أن يحدث تدخل دولي من قبل الأمم المتحدة، ولم يستبعد أن يكون تحت البند السابع الذي يخول لهذه القوات استخدام القوة في إعادة الأوضاع إلى طبيعتها، خاصة أن السودان يدار من الخارج، وتلعب المخابرات الإقليمية والدولية فيه أدواراً مفصلية في توجيه البوصلة، وفقا لتوجاتهم التي تخدم مصالهم في السودان.

تمرين ديمقراطي:
أما المحلل السياسي الأستاذ نصر الدين التيجاني إلياس فيري بضرورة ضبط النفس والتعامل بحكمة لإدارة الأزمة الحالية لتجنيب البلاد الانزلاق.. وقال أن ما يحدث بين شركاء الفترة الانتقالية، هو عبارة عن تمرين خشن يحتاج للتعامل معه بروح المسؤولية الوطنية والحكمة والحنكة، وتوقع أن يتوصل الطرفان إلى توافق وطني لإدارة الفترة الانتقالية، وصولا لانتخابات حرة ونزيهة تكون للشعب كلمته، داعية كافة الأطراف إلى الالتفات إلى معاش الناس، وقال إن هذا لن يتحقق إلا بوضع الرجل المناسب في المكان المناسب، من خلال تكوين حكومة كفاءات يحاسبها مجلس تشريعي.

هيمنة لجهة محددة:
من جانبه يرى الدكتور عبد الله ضيفة، أستاذ القانون بجامعه بحري أن الحل يكون باستغلال رئيس الوزراء الصلاحيات الممنوحة

باحث سياسي: ما يدور تمرين خشن للممارسة الديمقراطية

له بتشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة لإدارة ما تبقى من الفترة الانتقالية.. وبالنسبة لاتفاقية وثيقة جوبا مثلما، تم تعديلها أكثر من مرة، يمكن تعديلها مرة أخرى، فالدساتير نوعين جامد ومرن، فالجامد أسلوب تعديله صعب جداً، وهناك اشياء نصت عليها الوثيقة الدستورية لكن تجاوزوها وتم تعديلها أكثر من مرة، سلطات المجلس التشريعي في حالة غيابه الوثيقة الدستورية أحالتها للمجلسين؛ المجلس السيادي ومجلس الوزراء بالتالي الكلام وفقا للوثيقة الدستورية صحيح، مع أنه لا يمكن أن تضع سياساتك في الدولة وتراقب نفسك، بنفسك وتضع تشريعاتك!!.. فهذا ليست دولة موسسات!!.. كيف توجد جهة واحدة مهيمنة على كل شيء؟!.. الصحيح أن تتفرغ الأحزاب في المرحلة القادمة إلى بناء نفسها، وتهيئتها للانتخابات القادمة، بإقامة مؤتمراتها، ويجب عليهم تمكين ريئس الوزارء وإعطائه الاستقلالية التامة في اختيار وزراءه من كفاءات وطنية، ليعملوا على إنجاز مهام محددة؛ مثل تأسيس قوانين الانتخابات، وعملية التعداد السكاني، ومعالجة الاختلالات الاقتصادية التي تعيشها البلاد حتى تستطيع تجاوز التقاطعات الموجود الآن فيما بين مكونات قوى الحرية والتغير نفسها!!..
ووصف ضيفة انقسامات الحرية اوالتغيير بالأمر المؤسف، خاصة في ظل ثورة ظافرة قدمو لها تضحيات كبيرة جدا، وأضاف الحرية والتغير يجب أن نعترف بدورها المحموري في إسقاط نظام الإنقاذ، فوصولها لهذه الدرجة من التشظي والانقسام شئ مؤلم، والحل يكون بأن يتحاوروا ويجلسوا مع بعض ويتناقشوا، وأن يفتحوا الحوار حتى مع أفراد المجتمع الآخرين، فهم سودانيون في هذه الدولة، على الأقل يتحاور مع بعض بحق الرأي.. ومن ثم يتوصلوا لحلول لمثل هذه الاشكاليات.. لأن هذا التشظي أذا ما استمر مع هذا الاصطفاف مابين ناس القصر وضد القصر سيودي إلى تفكك الوطن، والتفكك المجتمعي!!.. وعلى رئيس الوزراء أن يأخذ بزمام الأمر بيده لأنه هو المسؤول امام الشعب السوداني، لأنه، حسب رأيه، هو الوحيد المتفق عليه من كل السودانين.

الاحتكام للوثيقة:
من جانبه يري البروفيسور منتصر الطيب أستاذ جامعي وباحث سياسي بأن المخرج هو الإحتكام للوثيقة قائلا” لايوجد مخرج للبلد مما فيه من من غير الاحتكام للوثيقة الدستورية لأنها جاءت في أعقاب صراع مرير وتكلفة ضخمة ودماء سالت، والسودانيون اتفقو على أنها هي المتاح في الظرف التاريخي المعين وقتها، ولاتوجد قوى سياسية رفضتها، حتى الشارع قبل بها على مضض, في أي ظروف، وفي الظروف الحالية لابد ان يكون هنالك مرجع، وطالما لا توجد محكمة دستورية فعلى الناس أن يرجعوا لروح الوثيقة الدستورية، والالتزام بها، إذا ماعاوز تتقاضى أمام جهة معينة.. لكن الواقع يقول إنه لا يوجد التزام بالوثيقة الدستورية، فالوثيقة تنص على وجود مجلس سيادي، وهذا المجلس هو الذي يجسد وحدة السودان والتنوع، ولكن الواقع أن هذا المجلس أصبح صامتاً، لايدخل في مثل ما يحدث، الآن من مناكفات بين مكونات السلطة، مع انه هو الجهة التي من المفترض أن تعمل على التهدئة واستقرار البلاد .. وفيما يتعلق بالحكومة تنص الوثيقة على أنها حكومة كفاءات مستقلة، ولكن لايعني ذلك ان لايكون السياسيون ضمنها!!.. يمكن يكون هناك سياسي كفؤ..
ويضيف الطيب أن الضلع الثالث هو المجلس التشريعي، وهذه الأضلاع الثلاثة ضرورية للحكم في اي بلد.. المجلس التشريعي لما تمت التوقيع علي الوثيقة الدستورية، تم حل مايسمي بالمجلس العسكري واندمج في المجلس السيادي، أما تحالف الحرية والتغيير فمن المفترض أن تذهب إلى المجلس التشريعي، ومن هنالك تدير صراعاتها، تنقسم إلى اثنين أو ثلاتة لايهم!!.. فهي موجودة هناك بالكتلة حقتها، عاوزة تعمل حاجة إسمها الديمقراطية التوافقية تعمل، ماعاوزة ما تعمل!!.. لكن دا التقسيم الواضح.. لكن حاجة إسمها (حاضنة سياسية) وتحالف حاكم، هذا لم يقابلني طيلة بحثي في المسيمات السياسية في كل العالم !!..
وتابع الطيب، وما حدث في جوبا، هو مثلما حصل في الإنقاذ؛ تقسيم السلطة والثروة.. لكن للسلام ثمن فالقوى المسلحة دخلت في مجلس السيادة والحكومة، لكن دخولها للحكومة كان من المفترض أن يتم وفقا للكفاءات، إذا كانت القوى السياسية والحركات تقدم كفاءات فهذا أمر جيد!!.. ولكن على الدكتور حمدوك أن يقود هذه الحكومة ويضمن أن الوزراء يعملون وفقا لموجهات الحكومة وليس أحزابهم ولا حركاتهم المسلحة.

إنضم الى احدى مجموعاتنا على الواتس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى