ثقافة

كتبت بعض فصولها عن السودان : رواية “البحث عن التابوت ” ..ثنائية الغرائبية والدهشة

الخرطوم : نجاة حاطط

رواية “البحث عن التابوت ” للروائي الدكتور أسامة جمعة الأشقر من الروايات التي تجمع بين الغرائبية والدهشة، حيث ينقب كاتبها بين كتب العهد القديم والعهد الجديد وما بين المخطوطات والوثائق القديمة، ليجمع ما بين جغرافية المكان الصلبة بين الجبال الوعرة والصخور الحادة والكهوف المستورة، وما بين الأساطير القديمة.

كسلا حاضرة

تحكي الرواية عن قصة باحث أكاديمي شغف بالمخطوطات القديمة ورسومات الكهوف الموغلة في القدم، وأراد أن يصنع بحثا في الممالك القديمة بإثيوبيا، ولأن الجامعة التي أوفدته أعطته مبلغا زهيدا لإجراء بحوثه فإنه فضّل أن يذهب مع تلميذه إلى إثيوبيا عن طريق البر.. ويبدأ الكاتب في سرد معالم مدينة كسلا والقبة المفتوحة إلى السماء، “قبة سيدي الحسن”، وليس انتهاء بماء توتيل وذكرى البطل عثمان دقنة وكرامات المراغنة، وليس انتهاء بسباق الهجن في كسلا.

مرفعين آدمي

اضطرت الظروف الراوي الباحث أن يلجأ للرجل المرفعين، وهو أعظم صيادي المنطقة، للوصول خلف الجبال بدلا عن دليلهم السابق، وعندما توغلوا وسط الجبال والصخور، إذا برجلين تائهين يطلبان منهما العون، ولكن المرفعين المتوحش يطلب من الباحث أجرتهما إذا أصر على اصطحابهما وإلا فليضحي برحلته من أجلهما، وفي صبيحة اليوم التالي انضم الرجلان لركب القافلة، وهو ما استغربه الدكتور في المرفعين.

غيبوبة وأسر

في اللحظة التي تحدث فيها المرفعين الى الرجلين بانتهاء رحلتهما، شعر الراوي كأن صخرة ثقيلة وقعت على رأسه لتخرجه من عالم الحياة إلى عالم اللا وعي في تجويف صخري هو أقرب للمدفن ..تعرض الباحث للضرب، وقيد الرجلان وثاقه وربطاه على صخرة ..عانى ما عانى في الكهف إلى أن سلمه الدليل المتوحش إلى جماعة علمية بقيادة بروفيسور يهودي يدعى يورام، ليعرف فيما بعد أن البروفيسور اليهودي وجماعته يبحثون عن التابوت الذي ورد ذكره في الكتب المقدسة..عرف فيما بعد أن هناك نسخا مزيفة كثيرة منه تم وضعها في أماكن كثيرة من العالم.

إرغام على العمل

تعرض الدكتور لظروف طبيعية صعبة، وتعرض للموت أكثر من مرة، ولكن البروفيسور اليهودي أرغمه على العمل معه ليجد التابوت، وكان يطلعه على شفرات وألغاز موجودة على جدران المعابد والكهوف ليجبره على فك شفرتها، وينتهي الأمر به وبالبروفيسور اليهودي؛ أن تختطفهما مجموعة من قطاع الطرق الباحثين عن الذهب في المعابد والكهوف، وتجبرهما على العمل لكشف أماكنه، وفي اللحظة التي يفك فيها الراوي لغز القلادة، بعد أن يصعد إلى سطح الجبال، يجبره قطاع الطرق على البحث عن الذهب ويجبره البروفيسور على البحث عن التابوت، وفي غمرة يأسه تلوح له مروحية في الأفق، وينزل منها رجل ألماني يتضح له فيما بعد أنه بروفيسور يعمل أيضا في الآثار ويبحث عن التابوت، ويعمل على إقناع البروفيسور الألماني على الرحيل معهم عبر المروحية، ولكن الرجل يراوغه وتطير المروحية بدونهما.

بحث بواسطة السحر

يلجأ الراوي لوسيلة السحر كنوع من الاستخفاف بعقل العالمين، ويفاجأ بقبولهما الذهاب للساحرة للبحث عن التابوت، ويكتشف حينها أن الساحرة هي الأخت غير الشقيقة للبروفيسور اليهودي يورام وبينهما عداء سافر، وعندما يرجع الراوي من عند الساحرة تختطفهم مجموعة أخرى من قطاع الطرق، ووتبدأ في تعذيبهم تعذيبا شديدا للإقرار بمكان الذهب، حيث تظن أنهم يعرفون كهوفه ومعابده.
ويستطيع الراوي أن يفسر لقطاع الطرق وثيقة قديمة ويدلهم على موقعها الأثري، فتجد العصابة زمردة خضراء باهظة الثمن وتماثيل كثيرة وفخار مقلوب، ولكن تكون خيبة قطاع الطرق كبيرة لعدم وجود الذهب بالمدفن، وعندما يخبر البروفيسور ياور بالأمر يخبر الراوي أن المكان الذي وجدت فيه الزمردة هو مدفن جده، والذي ينتهي نسبه إلى النبي سليمان، الذي التقى بسلطان الفونج عمارة دنقس بالسودان، وكان عضدا له.
وتنتهي القصة عندما تطلب الساحرة من الراوي الباحث مساعدتها في البحث عن الذهب، وتصطحبه إلى أحد المعابد ليحل لها شفرة رسوماته فيهرب منها.

قساوة الطبيعة

يهرب الراوي من الساحرة ليفاجأ بالسيول والتي يثور غضبها، ويستطيع أن يحمي نفسه في أحد الكهوف بعد أن يطرد ثعلبا قابعا بداخلها، وعندما تنقشع عاصفة السيول يفاجأ بوجود المرفعين (قاطع الطرق) محتضرا بعد أن لدغته أفعى.
وبعدها يتغلب الراوي على نفسه، ورغم وعورة الطريق، فإنه يقطعه مشيا، متغذيا على الحشائش وبيض الطيور حتى يصل إلى أقرب وحدة حكومية، وعندها يجد شائعة تقول إنه ساحر عظيم استطاع دحر الساحرة القديمة تماما، وبفضل الإشاعة والتبجيل الذي وجده من الخائفين منه وجد نفسه يصل إلى السفارة السودانية لتعيده إلى السودان.

موظفون وليسوا علماء

عندما رجع الباحث الأكاديمي إلى جامعته التي أوفدته، استغرق زمنا طويلا في الحكايات والتي اعتبرها العلماء ضربا من الأساطير، وعندما أعد نفسه لمشروع جديد عن الغزو القادم للأساطير المجنونة القادمة من القرن الأفريقي لم يجد من يناصره، ولم يجد تلميذا في كفاءة تلميذه السابق “قدال: الذي قضى نحبه في الرحلة الفائتة، وبدت له البحوث التي يصححها لتلاميذه خائبة الأفكار ضعيفة المحتوى إلى جانب ما وجده في رحلته، فآمن بأنه يخرّج جيوشا من الموظفين لا علماء.

نهاية دائرية

تبدأ نهاية الرواية بخطاب يأتي للرواي لحضور دورة علمية عن تاريخ الحضارات القديمة في أعالي النيل، وليجد أن رئيس المؤتمر هو البروفيسور دينكن، ومقدم الورقة الرئيسية فيه هو بروفيسور يورام، وهو ما يدفعه لتمزيق الورقة..
هذه النهاية تأتي متوافقة مع البداية التي يشكو فيها الراوي من رسوم المنحة والتي تبلغ 2000 دولار، فيذكره العميد بسفره المتواصل الذي اكتسبه بواسطة علاقاته، والتي يكتشف لاحقا في الرحلة أن البروفيسوراليهودي هو من كان وراءه.

إنضم الى احدى مجموعاتنا على الواتس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى