الطيب مصطفى يكتب: الترتيبات الأمنية ..القنبلة الموقوتة لتمزيق السودان إربا إربا
تحسست مسدسي او كدت حين قرأت خبرا يقول بان الوساطة (الجنوبية) سلمت الحكومة مقترح الحركة الشعبية (لتحرير) السودان – شمال – جناح مالك عقار – حول دمج قواتهم في القوات المسلحة السودانية في اطار بند الترتيبات الأمنية.
لكن ماذا عن الجناح الاخر للحركة والجيش الشعبي (لتحرير) السودان -جناح الحلو -والمتحالف مع الحزب الشيوعي (الحاكم) في الخرطوم والذي خاض مع الجيش السوداني قبل ايام قليلة معركة حامية الوطيس ازهق فيها ارواحا عزيزة في منطقة خور الورل بجنوب كردفان؟!
معلوم أن ذلك الجيش الاكثر عنصرية والذي يتأبط مشروع قرنق القديم (السودان الجديد) هو الاقوى عسكريا من بين جميع الحركات المسلحة ، والاخطر أنه لا يرضى بمقترح دمج قواته في الجيش السوداني انما يعمل – بقوة السلاح – على فرض اجندته العنصرية والسياسية على السودان ولا يخفي عنصريته بل يعلنها على رؤوس الاشهاد ، سيما بعد تحالفه مع الحزب الشيوعي من خلال واجهته (تجمع المهنيين) المنشق من التجمع الآخر برئاسة قائده الابرز
د.الاصم.
هل تذكرون الشيوعي د. محمد يوسف احمد المصطفى صاحب شعار (سودان جديد او لا سودان) الذي صرخ به وهتف امام القيادة العامة ايام الاعتصام وضباطها الموجوعون ينظرون؟! هل تذكرون طلعته المتحدية وهو يرتدي علم الحركة الشعبية (لتحرير) السودان ويصدح طربا بعبارة (اويي) (الجنوبية) بينما بعض الصبية (المخدرين) يهتفون خلفه ويهرفون بما لا يعرفون؟!
جناح الحلو ايها الناس يعمل على تنفيذ مشروع السودان الجديد وتفكيك الجيش السوداني واعادة تشكيله وتغيير عقيدته العسكرية تماما بما ينهي قوميته الحالية وتعبيره عن كل مكونات الشعب السوداني وعلى احالته الى جيش يعبر عن مكونات اثنية معينة بعيدا عن قوميته وهويته الجامعة ليكون نواة لدولة السودان الجديد الافريقاني المعادي للاسلام وللثقافة العربية الاسلامية.
ذات الشيء ينطبق على جيش الشيوعي بل والعنصري الآخر عبد الواحد محمد نور المتماهي تماما مع طرح السودان الجديد.
بربكم كيف سيكون حال اتفاق الترتيبات الامنية مع الحلو وعبدالواحد اللذين لا يعملان على الدمج في الجيش السوداني انما على ان يحلوا محله ليكونوا جيشا اخر غريب الوجه واليد واللسان؟
ثم ماذا عن ادماج حركات دارفور المسلحة سواء جبريل ومناوي وغيرهما في القوات المسلحة وكيف ستكون محاصصات هؤلاء جميعا في السلطة والثروة؟!
العجب العجاب بل والمحك المبكي أن الوثيقة الدستورية القحتية والمعطوبة حددت ستة اشهر للفراغ من ابرام اتفاق السلام وقد مضى عام على توقيعها ولم تتحقق ذرة من السلام الموعود ، فبالله عليكم اليس من حقنا ان نطلب من موقعيها ان يبلوها ويشربوا
مويتا) ويغادروا غير مأسوف عليهم بعد ان فشلوا في كل شيء؟!
صحيح ان قحط وحمدوكها العاجز وحزبها الشيوعي افقروا الناس واجاعوهم وحاربوا دينهم وفعلوا بهم الافاعيل ولكن هل توجد مقارنة بين الجوع وبين الانفلات الأمني المتصاعد الذي يحلق كطائر الشؤم فوق رأس السودان وشعبه المغلوب على امره ، ويهدد بخراب ودمار واحتراب اخشى ان يكون اكبر مما حدث في سوريا والصومال سيما وان بلادنا الحديثة النشأة والتكوين وبنيتنا الاجتماعية الهشة المحتقنة بالتباين القبلي والاثني والثقافي لا تقارن بدول الجوار في محيطنا الاقليمي الذي تنعم دوله بتجانس اثني وثقافي حميم رسخه وزاد من انصهاره انتماء حضاري راسخ ضارب في اعماق التاريخ؟
كلنا يشهد بحسرة والم ما يحدث من احتراب قبلي في مناطق شتى من السودان ومن تهديد خطير لامن السودان ومن ارتفاع لصوت التمردات الجهوية والقبلية والاثنية وانحسار لهيبة الدولة في مواجهة تلك التمردات والتحديات المتصاعدة ومن تدخل سافر لبعض السفراء في الشأن السوداني ومن هوان وانكسار بلغ درجة تقديم رئيس وزراء السودان (العاجز) حمدوك طلبا للامم المتحدة لانتداب بعثة أممية تمارس الوصاية الدولية على السودان!
لو كنت مكان البرهان وحميدتي بعد هذه التطورات الخطيرة والفشل الذريع الماثل امامي لاقتنعت تماما اني لست مفوضا من الشعب السوداني بتحقيق سلام محفوف بالاخطار والاشواك والقنابل الموقوتة في هذا المناخ الانتقالي المضطرب ولحذوت حذو المشير سوارالدهب الذي قاد الفترة الانتقالية التي اعقبت سقوط النظام المايوي في عام 1985 بحسم وعزم ونكران ذات واستعجل اجراء الانتخابات خلال عام واحد وخلد اسمه في التاريخ كقائد وزعيم وطني زاهد ومتجرد ، وذلك حتى ابرئ نفسي من المسؤولية التاريخية امام الله وامام الشعب السوداني سيما بعد الفشل الذريع الذي جعل الكثيرين يحنون الى النظام السابق بعد أن ذاقوا الامرين ، ويعضون اصابع الندم بعد ان استحالت حياتهم الى جحيم لا يطاق.