
تقرير: الطابية
أمس الثلاثاء كشفت مجموعة “محامو الطوارئ”، عن وفاة معتقلين بسبب الجوع وسوء المعاملة ونقص الرعاية الصحية في مدينة “الخير الإصلاحية”، التي يُطلق عليها سجن دقريس، في ولاية جنوب دارفور.
هذه الحادثة أعادت للأذهان اسم هذا السجن الرهيب الذي صنعت سمعته المرعبة، مليشيا الدعـ م السـ ريع، لينافس في سوء السيرة “أبو غريب” في العراق، و”صيدنايا” في سوريا!!.
ما قصته وكيف بدأ؟!
يقع سجن دقريس على بعد 25 كيلومترًا غرب مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور، واسمه عند إنشائه، قبل تسع سنوات، “مدينة الخير الإصلاحية”، ولكن غلب عليه، عقب سيطرة المليشيا، اسم سجن دقريس نسبةً لبلدة دقريس الواقعة في محلية السلام، إحدى محليات ولاية جنوب دارفور الـ 21.
أُنشئت مدينة الخير على مساحة تبلغ 2000 ألف متر، بواسطة الإدارة العامة للسجون والإصلاح التابعة لرئاسة الشرطة السودانية في 2016. وكان من المقرر أن يتم الانتهاء من أعمال تشييد السجن في نهاية العام 2020، لكن المشكلة في توصيل خط الكهرباء الناقل من مدينة نيالا حالت دون ذلك.
كان السجن يستخدم كمركز احتجاز رسمي تحت إدارة حكومية محدودة، ولم يكن معروفًا بسمعة سيئة أو اكتظاظ شديد كالذي ظهر بعد سيطرة المليشيا.
ولكن مع اندلاع الحرب في دارفور وتصاعد نفوذ مليشيا الدعـ م السـ ريع في المنطقة، تم تحويل المدينة الإصلاحية إلى سجن دقريس، حيث استغلت المليشيا المكان لاحتجاز معتقلين بتهم سياسية وأمنية، وبدأت تقارير عدة عن سوء المعاملة، التعذيب، التجويع، والوفاة داخل السجن، مما جعله سجنًا مرعبًا بحق المجتمع المحلي والدولي.
ظروف اعتقال قاسية:
يضم السجن العديد من المعتقلين من مختلف المناطق، بينهم سياسيون ونشطاء وعسكريون، وهو يخضع لإجراءات أمنية مشددة، حيث يُمنع الاتصال بالعالم الخارجي ويُراقب كل تحركات المعتقلين.
هذه الظروف تُمثل انتهاكات خطيرة بحق المعتقلين، وتثير قلقًا واسعًا حول حقوق الإنسان والأوضاع الإنسانية في إقليم دارفور، وتدعو إلى تحقيقات عاجلة وشاملة.
ذكر معتقل سابق أن السجن يحتوي على 24 زنزانة في كل قسم، تبلغ مساحة كل زنزانة مترًا في مترين، حيث خُصصت لاحتجاز شخص واحد، لكن المليشيا تتعمد إدخال 5 أشخاص في كل زنزانة.
ويضم السجن قسمين، يحتوي كل قسم على خمس سرايا بالإضافة إلى الخلوة الشرعية ومقصلة الإعدام، فضلًا عن احتوائه على منظومة آبار مياه تتكون من 6 محطات غاطسة.
وأشار إلى أن السجن يضم حوالي ثلاثة آلاف معتقل من أسرى الجيش السوداني والقوات المشتركة ومدنيين وعناصر من مليشيا الدع-م الس-ريع.
أهم الأحداث التي وقعت بسجن دقريس:
توفى على الأقل شخصان داخل السجن خلال الشهر الفائت نتيجة سوء المعاملة، كانوا مصابون بأمراض مزمنة مثل السكري وضغط الدم، ولم يُسمح لهم بتلقي علاج مناسب.
حالات وفاة أخرى أكدتها تقارير إعلامية وحقوقية، غالبًا بسبب التعذيب، نقص الغذاء، والقيود المشددة على الزيارة والتواصل مع الأسر.
تم توثيق حالات تعذيب وضرب، مع فرض قيود صارمة على الطعام والدواء، ما يزيد من خطورة الأوضاع على المحتجزين.
في يونيو الماضي، وقعت اشتباكات عنيفة بين مجموعات تتبع للقيادي في المليشيا اللواء عصام فضيل، الذي كان قد اعتقلته مليشيا الدع-م، الس-ريع في وقت سابق والقوة المكلفة بحراسة سجن دقريس جنوب غرب نيالا،
وأوضحت المصادر أن المجموعة اقتحمت السجن وأطلقت سراح اللواء بالقوة، مشيرة إلى أن السجن كان يضم أسرى من ضباط الجيش ومواطنين، بالإضافة إلى عناصر من مليشيا الدعـ م السـ ريع. وتمكّن عدد كبير من المساجين من الهروب أثناء الاقتحام.
أبرز الانتهاكات المبلغ عنها في سجن دقريس:
التعذيب الجسدي والنفسي القاسي للمعتقلين، والذي أدى إلى وفاة بعضهم داخل السجن نتيجة لهذه الممارسات.
حرمان المعتقلين من الأدوية والعلاج خصوصًا لمن يعانون من أمراض مزمنة مثل السكري وضغط الدم، ما زاد من خطورة حالتهم الصحية.
نقص الغذاء والاحتياجات الأساسية، مع فرض قيود مشددة على حصص الطعام، مما أدى إلى سوء التغذية والجوع.
منع المعتقلين من الإتصال بالعالم الخارجي، وعدم السماح بزيارات عائلاتهم، مما يعزلهم ويزيد من معاناتهم النفسية.
الاحتجاز في ظروف غير إنسانية من حيث الاكتظاظ، قلة النظافة، وعدم توفير بيئة صحية مناسبة.
استخدام السجن كمكان لتنفيذ اعتقالات سياسية وحبس نشطاء ومعارضين، مع غياب العدالة وعدم إتاحة محاكمات عادلة.
هذه الانتهاكات ترسم صورة مروعة عن أوضاع حقوق الإنسان في سجن دقريس، حيث يعاني المعتقلون من قمع منهجي وانتهاكات متعددة تهدد حياتهم وكرامتهم، ويعطي صورة عن الطبيعة النفسية للمليشيا الإرهابية وعشقها لإذلال الناس وامتهان كرامة الإنسان.
إنضم الى احدى مجموعاتنا على الواتس


