قيادي بالوطني وصفه بالنيران الصديقة.. خطاب البرهان يفجر أزمة سياسية واسعة

تقرير: الطابية
أحدثت تصريحات رئيس مجلس السيادة، القائد العام للجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان بشأن خارطة الطريق لإدارة المرحلة المقبلة، حراكاً كبيراً في الساحة السياسية بين مؤيد ومتحفظ، ومن يتحدث عن عدم ملاءامة الوقت لذلك.
وحسب مراقبين فإن قطاعات واسعة من المنشغلين بالسياسة يبدون تحفظات بشأن حديث رئيس مجلس السيادة بشأن قوى الحرية والتغيير والحديث الخاص بحزب المؤتمر الوطني، فبينما يرى مراقبون أن البرهان كان مرناً مع قادة تنسيقية تقدم رغم تورطهم في التعاون مع المليشيا كان قاسياً بعض الشئ مع الإسلاميين الذين يقاتل شبابهم في معركة الكرامة مع القوات المسلحة.
المؤتمر الوطني يرد
فور حديث البرهان بعدم وجود فرصة للمؤتمر الوطني للعودة للحكم، ضجت الأسافير تحليلاً وقراءة لهذا الخبر، من ناحية التوقيت ودلالة الحديث وجدوى التصريح به علناُ.
حزب المؤتمر الوطني لم يتأخر كثيراً للرد على تصريحات البرهان، وأصدر بياناً ممهوراً بتوقيع رئيسه المكلف أحمد هارون، أكد فيه دعم الحزب الكامل للقوات المسلحة في حربها ضد الدعم، السريع، قاطعاًً بأنه لا يريد العودة للحكم إلا عبر الانتخابات، مشيرا إلى أن مشاركة بعض منسوبيه في القتال في صفوف القوات المسلحة جاءت تلبية لنداء القائد العام للجيش وهو واجب وطني والحزب لا يبحث عن مغانم من وراء ذلك.
ونصح المؤتمر الوطني، في بيانه قيادة الدولة بالقول، أن المعركة لم تنتهي بعد، مشيرا إلى أهمية المحافظة على وحدة الصف الوطني، واعتبرها مهمة حيوية لمعركة الوطن الوجودية.
وأوضح الحزب أن مشاركة منسوبيه في القتال بجانب الجيش واجب ديني ووطني، وأضاف
“وهو أغلى من أن نقايضه بمغنم أو نطلب عنه ثمنا، عهدنا ألا نعود إلى الحكم إلا عبر تفويضكم الانتخابي الحر”.
نيران صديقة
بعد ساعات من صدور بيان المؤتمر الوطني، وصف القيادي بالحزب، أمين حسن عمر، تصريحات البرهان بالنيران الصديقة، وقال أمين في منشور على صفحته بموقع فيس بوك، “في خضم المعركة قد تصيبك نيران صديقة، هذا لا يعني أن تدير سلاحك للوراء، أرموا قدام”.
أمين عمر بدأ متوافقاً مع البرهان، حال كان المقصود من حديثه أن رجال المؤتمر الوطني السابقين لن يعودوا للحكم، لكنه تحفظ على حديث البرهان، حال كان المقصود الحزب نفسه، مشيراً إلى أن من يقرر هذا الحزب يحكم والأخر لا هو الشعب عبر انتخابات حرة ونزيهة.
محاولات تهدئة
الكاتب الصحفي القريب من الإسلاميين، إبراهيم الصديق أبدى اتفاقه مع كل ما قاله البرهان، مشيراً إلى أن حديثه كان هادئاً وعلى درجة عالية من التركيز، وأوضح الصديق، أن البرهان أراد أن يقول للقوى السياسية أنه سيشكل حكومة انتقالية بكفاءات مستقلة وأن الأحزاب مكانها العملية الانتخابية، واعتبر إبراهيم تخصيص البرهان لذكر حزب المؤتمر الوطني دون غيره، محاولة لتهدئة القوى السياسية وأطراف أخرى داخلية وخارجيةوليس المقصود أنه يريد عزل حزب المؤتمر الوطني.
في مرمى النيران
وحسب متابعات الطابية، فإن تصريحات البرهان بشأن العفو عن قادة تنسيقية تقدم وجدت استهجاناً واسعاً من قبل الناشطين، وكان البرهان قد أكد عدم ممانعته العفو عن قادة تنسيقية تقدم حال خرجوا من الصف الداعم للتمرد وأعلنوا انحيازهم للوطن.
وفي أول رد فعل، قال القيادي بالمؤتمر الوطني، أمين حسن عمر، أن الدولة لديها ضروريات لمنح العفو أو عدمه بشأن المعارضين السياسيين أو المتمردين الذين أعلنوا الحرب على الدولة وأضاف، “هذا ليس المهم، المهم هل سيعفو الشعب السوداني عن قادة تقدم”.
قريبا من ذلك يرى الكاتب الصحفي إبراهيم الصديق أن حديث البرهان بشأن العفو عن قادة تنسيقية تقدم يأتي في سياق تخليها عن التمرد والتراجع عن معاداة الجيش والشعب، بل وطلب منهم نفض أيديهم عن المواقف المساندة للمليشيا لقبولهم في الساحة السياسية مع غيرهم من القوى السياسية وليس للمشاركة في الحكم.
مراقبون تحدثوا للطابية، قالوا إن حديث البرهان بشأن العفو عن قادة تنسيقية تقدم، ليس موقفاً شاذاً في السياسة السودانية، فقد سبقه بذلك الرئيس الراحل جعفر نميري، عندما عقد اتفاقا مع الصادق المهدي ممثلاً للجبهة الوطنية، ما عُرف تاريخياً باتفاق السبعات لتزامنه مع يوم 7/7/1977، رغم أن قادة الجبهة الوطنية بزعامة الشريف الهندي ومحمد صالح عمر، دخلوا في حرب مباشرة مع الجيش السوداني داخل الخرطوم بقيادة محمد نور سعد في الثاني من يوليو عام 1976، وكان من بين جنودها غازي صلاح الدين العتباني القيادي السابق بالمؤتمر الوطني، ويرى المراقبون، أن البرهان يبحث عن مسعى لتصفير عداد الأزمات السودانية، ومن يبحث عن هذا المسعى يشتريه بأي ثمن، حتى ولو كان هذا الثمن يتمثل في كظم الغيظ عن تصرفات ومواقف كانت قاسية وغير مقبولة.
في المجمل يمكن القول أن البرهان، وضع فورماناً للبلد، يتمثل في أن القوى السياسية بما فيها المؤتمر الوطني ستحكم عبر الانتخابات وليس خلال الفترة الانتقالية، وأن الجيش لا يمكن ابتزازه، وأن من يقاتل تحت لافتة حزبية عليه أن يضع السلاح، وأن القوى السياسية المتماهية مع التمرد يمكن استصحابها حال تراجعت عن موقفها وعادت لرشدها، لأن وضع البلد لا يحتمل الإقصاء والتجاذبات السياسية التي تسببت في الحرب، وهذا ما لا يريده الجيش.
إنضم الى احدى مجموعاتنا على الواتس