كاتب ومقالمقالات

(تقدُّم) وإدمان الفشل!!

أحمد غباشي

(أوَ لَا يَروْنَ أنَّهم يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتين ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ ولَا هُمْ يَذَّكَّرُون)..

حدثان، وقعا الأسبوع الماضي كانا لافتين بشكل غير عادي.. ندوة حمدوك في (شاتام هاوس) بلندن!..وتصريح غوتيرش أنه تلقى طلبات من أصوات سودانية لنشر شكل من أشكال القوة لحماية المدنيين، واعتذاره عن ذلك بأن الظروف ليست متوفرة لذلك!.

ما جرى لزعيم (تقدُّم) عبد الله حمدوك وزمرته في ندوة شاتام هاوس في لندن، الأربعاء الماضية، كان نموذجاً مجسمًا (للذهول السياسي) وفقدان القدرة على استيعاب الواقع!!.. فالجموع الغفيرة الغاضبة من السودانيين التي احتشدت أمام فندق ثيسل بماربل آرش أمسية الفعالية البائسة كانت تعبيرًا واضحاً عن شهادة الوفاة التي حررها الشعب السودان لأفَّاقي قحت وتقدم وأضرابهم من الخونة، مهما تعددت الأسماء والأقنعة!!.. وحمدوك الذي عجز عن الولوج عبر بوابة الفندق الرئيس إلى حيث تقام الندوة بسبب هذه الجمهرة الغاضبة من السودانيين المفجوعين في بلادهم وأسرهم وأهليهم، جراء ما جنته أيدي تقدم وحلفائها الجنجويد الذين جلبوا الدمار والفتك والخراب للسودان!!.. لولا طاقم الحراسة الإنجليزي الذي نجح في تهريبه إلى الداخل عبر البوابة الخلفية للفندق، ما كان لحمدوك أن يدرك البقية الباقية من ندوته، بل وما كان لينجو من من الأيدي الغاضبة التي كانت تهفوا للبطش به!!.

والعجيب أن هذه ليست المرة الأولى التي يواجه فيها قادة تقدم الحالية، وقحت السابقة، غضب السودانيين في كل بلد تطأ أقدامهم أرضها، فأين ما ذهبوا أو ساروا كانت اللعنات تلاحقهم، لقد شربت آذانهم من عصارة الاستحقار والازدراء حتى طفحت!!..ألم تكن تلك آيةٌ لهم ليعلموا أنهم سقطوا من عين السودانيين، ولم يعد لهم بينهم مكان؟! فيكفوا عن ما يوهمون به أنفسهم من أنهم ما زالوا هم الممثلين الشرعيين لشعب السودان!!.. بل لم يكونوا يومًا كذلك!.. فكم من الحوادث المماثلة يحتاجون حتى يستوعبوا؟..(أوَ لَا يَروْنَ أنَّهم يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتين ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ ولَا هُمْ يَذَّكَّرُون)..

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش، الذي قال إنه شعر بالصدمة من المعلومات عن العدد الكبير من القتلى والمعتقلين والنازحين، بالإضافة لأعمال العنف الجنسي بحق النساء والفتيات..إلخ..بعد عام نصف فقط شعر بالصدمة فقط الأسبوع الماضي!!.. هذا الغوتيرش كشف أنه تلقى طلبات، ممن وصفهم بــــ (أصوات سودانية متنوعة)، بوضع تدابير معززة، بما فيها نشر شكل من أشكال القوة المحايدة لحماية المدنيين!!.. وقال أمام جلسة مجلس الأمن الأسبوع الماضي، إنه في الوقت الحالي لا تتوفر الظروف اللازمة للنشر الناجح لقوة تابعة للأمم المتحدة لحماية المدنيين بالسودان!!..فمن هي تلك الأصوات التي يتحدث عنها غوتيريش؟!..وإن تكن (تقدُّم) فمن؟!.

والواقع أن سعي (تقدم) وكل لهاثها، هو للوصول إلى تدويل الوضع في السودان، وهي التي حقيت أقدامهم خلف ذلك، فإذا كانت قحت قد عمدت إلى تدويل الأوضاع في السودان في وقت حكمها في أوان السلم قبل اندلاع الحرب، فجاءتنا ببعثة (الوصايا) الأممية (يونيتاميس) التي أوصلت تدابيرها السودان إلى الحرب!!.. فكيف لا تسعى إلى ذلك وقد فقدت كل أوراقها؛ أوراق (الميسر) التي تلعب بها السياسة، وأوراق (التوت) التي تستر بها سوءتها!!..وفوق ذلك طاشت سهام حلفائها المحاربين، وعجزت جحافلهم وبربريتهم ووحشيتهم في أن توطئ لها في مقعدًا في الحكم!!.. لم يبق أمامها إلا أن تحاول استجداء وكلائها الأمميين أن يفعلوا باسم الأبرياء المغدورين، شيئاً يعيدها إلى بحبوحة الكرسي الذي لم يمهلها الزمان لتنعم به كما كانت تؤمل!!.

لم يأت حمدوك زمرته إلى (شاتام هاوس) من أجل بحث حل يوقف دماء السودانيين التي سفكها حلفاؤهم الجنجويد، ولم يأت من أجل وقف مذابح الجزيرة ودارفور..وإنما جاء يستجدي صناع القرار في بريطانيا، التي ترأس مجلس الأمن في هذه الدورة، لتبذل جهودها من أجل إقناع الدول الأعضاء بإصدار قرار بنقل السودان من البند السادس إلى البند السابع، وإرسال قوات دولية إليه!!..هكذا يريد حمدوك وزمرته التعسة أن يعودوا إلى الخرطوم على صهوة جواد القرار الأممي!!.. ومع ذلك فشلوا!!.

في الوقت الذي تبين للعالم أجمع أن الأمر في السودان صار إلى فسطاطين، فسطاط الشعب الجيش والحق الشرعي في الزود عن الأرض والعرض ودفع الصائل، وفسطاط الجنجويد والمرتزقة وحلفاؤهم من الساسة الفاشلون ومن خلفهم من الدول المتآمرة معهم !!..يريد حمدوك وزمرته أن يسوقوا الأوضاع إلى مزيد من التعقيد، بعد أن فشلوا في المجيء على صهوة جواد الغزاة من عربان الشتات، يريدون أن يجيئوا في مركبات الغزاة من أصحاب القبعات الزرقاء!!..

ومع ذلك فشلوا.. كما كانوا دائماً يفشلون!!.. فشلوا كما فلشوا وهم في الحكم أن يكونوا حكاماً كما يجب أن يكون!!.. وفشلوا يعارضوا كما ينبغي للمعارضون الشرفاء أن يكونوا!!..وبعد أن صاروا خونة.. فشلوا إنجاز مهام الخيانة..(وإن الله لا يهدي كيد الخائين)!.

إنضم الى احدى مجموعاتنا على الواتس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى