*هل جاء الدور عليها بعد تشاد؟!.. بيوت العزاء تنتقل إلى الإمارات*
*أحمد غباشي*
على استحياء، اضطرت أبو ظبي للكشف عن هلاك أربعة من جنودها أثناء نقل ذخائر، بعد أن حاولت التكتم على الخبر، الذي سرعان فضحته الميديا التي لا ترحم، وعرف العالم أجمع أن الجنود الأربعة قضوا خلال هجوم شنته نسور الجو السودانية على مطار مدينة نيالا، جنوب دارفور، حيث استهدفت بالقصف طائرة إماراتية كانت تفرغ حمولتها من الأسلحة والتشوينات للمليشيا المتمردة، وتضيف الأخبار أن تسعة إماراتيين آخرين أصيبوا في القصف!.
تسرب الخبر، ونزل كضربة مباغتة، على رأس المسؤولين في دويلة الشر فأربكهم، في الوقت الذي كانوا يرتبون فيه أوراقهم بحثًا عن سيناريو مناسب يوصلوا به الخبر لأسر القتلى!.
ويظهر ذلك الارتباك في الطريقة التي أخرجت بها وزارة الدفاع الإماراتية الخبر، ففي أول الأمر أعلنت، الثلاثاء الماضي، عن مقتل ٤ من منسوبيها وجرح ٩ آخرين، دون ذكر أية تفاصيل عن مكان مصرعهم أو الطريقة التي لقوا بها حتفهم!!.
ثم عادت، يوم الأربعاء لتضيف، عقب تسرب الفضيحة، أن الجنود الذين أعلنت عن مقتلهم، قضوا خلال مهام تتعلق بنقل ذخائر!.. وأن وفدا من كبار ضباط وزارة الدفاع يترأسه وكيل وزارة الدفاع مطر سالم الظاهري قدم “واجب العزاء” لعائلات القتلى..
ونقلت وكالة الأنباء الإماراتية عن الظاهري قوله إن الجنود الأربعة قتلوا “أثناء تأديتهم مهام نقل بعض الذخائر داخل أحد المعسكرات داخل الدولة.. وأن المصابين يتلقون حاليا خدمات الرعاية الصحية” داخل الإمارات.”!.
ويبدو أن القادة في السودان قرروا، بعد كل هذا الطوفان الهادر من الأدلة على إدانة الإمارات وتورطها في قتل السودانيين بدعمها غير المحدود للمليشيا بالمال والعتاد، قرروا أن (آخر الدواء الكي)، وأن نقل سرادقات العزاء إلى الداخل الإماراتي، هو العلاج الأمثل لهذا النوع من التمادي في العدوان، الذي يسانده التجاهل الدولي لجرائم هذه الدويلة في السودان!.
لقد شهدت أروقة مجلس الأمن على خطابات مندوب السودان الكاشفة، والأدلة الدامغة التي وضعها الفريق السوداني بين يدي ممثلي الدول بالمجلس!.. كما شهد العالم أجمع تقارير الصحافة الحرة التي فضحت ما تقوم به الإمارات من إسناد لأقذر حروب التاريخ.. بي بي سي، الغارديان.. وول ستريت جورنال، فورين بولسي.. بالإضافة إلى تقرير لجنة خبراء مجلس الأمن!. ومؤخراً نيويورك تايمز التي قالت إن الإمارات “تؤدي لعبة مزدوجة قاتلة في السودان”ٍ!!.. واتهمتها بالتخفي تحت راية (الهلال الأحمر) لتهريب الأسلحة ونشر الطائرات بدون طيار، مدعمة اتهاماتها تلك بتحليل لصور الأقمار الصناعية، وفي الوقت نفسه تقدم نفسها كبطل صانع للسلام والدبلوماسية والمساعدات الدولية.
لهذا جاء خطاب البرهان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، حاملاً إشارات واضحة إلى موقف السودان الرافض لمشاركة أي دولة (شاركت في قتل السودانيين وتشريدهم سواءً بالإمداد بالسلاح أو تسهيل عبوره أو قدمت الدعم السياسي أو أي من أنواع الدعم في ما يلي العدوان على الدولة السودانية وشعبها)..وتساءل (لماذا لم تتخذ المنظومة الدولية إجراءً حاسماً ورادعاً حيال هذه المجموعة ومن يقف خلفها رغم كل ما ذكرت وشاهد العالم من إرتكاب لجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب)؟.
خلال ١٧ شهرًا من القتال المرير في السودان، تكفل السودان بنصب الآلاف من سرادقات العزاء في قلب دول الجوار التى تورطت بإرسال مرتزقتها لمساندة المليشيا في حربها ضد السودان وأهله!..فهل رأي الجيش الآن، أن الوقت قد حان، لتأخذ هذه الدويلة نصيبها من سرداقات العزاء والتوابيت المرسلة من السودان؟!.. فحين لا تجدي الوسائل الدبلوماسية والقانونية نفعا، لابد أن تكون هناك سبلاً كفيلة بالردع، ولا تفتقر إلى المسوغات القانونية، بل تستند إلى كامل الحق، حق صاحب الدار في دفع الصائل!..
وحتى يدرك أبناء زايد أن العربدة في صحن دور الآخرين ليست دائماً بلا ثمن، بل إن الثمن يمكن أن يكون باهظاً، وأعلى بكثير من دراهمها التي تنثرها هنا وهناك بلا حساب!!..
بل حتى يدرك شعب الإمارات، حين يعلم أن أبناؤه يقتلون في بلاد غير بلادهم، بلا هدف سوى إرضاء غرور أبناء زايد إشباع أوهامهم بأن بلدهم قوة إقليمية.. ويعلم الإماراتيون أن طغيان حكومتهم وسعيها في بلاد الآخرين لتفسد فيها وتهلك الحرث والنسل، ليس دائماً يبقى خارج ساحة ديارهم، بل يطالهم أذاه، وبالتالي فإن سكوتهم عن فعلها سيجر عليهم الويلات، كما جره على الدول التي ساقتها معها في سبيل المجرمين.. لعل نواح النائحات حين يكثر في مدنهم يجعلهم ينهضون ليحكموا سفهائهم ويأخذوا على أيديهم ويأطرونهم على الحق أطراً.