“الكيكليون” في صفوف المليشيا.. واقع مر ومستقبل أمر
تقرير: الطابية
يعيش عناصر مليشيا الدعم السريع المنتسبة بالدم أو الجغرافيا للقائد بالمليشيا أبو عاقلة كيكل، واقعا مأزوما، داخل أسوار الدعم السريع التي أحكم الماهرية إغلاقها وأخذوا المفاتيح، فتحول “الكيكليون” بمن فيهم أبو عاقلة نفسه، إلى مجرد قطع شطرنج في طاولة الماهرية والعطاوة، وكل من يحاول التمرد على هذا الواقع أو القفز من السور تلاحقه رصاصة دون أي تباطؤ، مثلما ما حدث مع شقيق كيكل وحرسه الخاص ومدير إعلامه بولاية الجزيرة.
رجل بلا ماضي ولا مستقبل
قبل الحرب، وتشكيل قوات درع السودان، كان أبو عاقلة كيكل رجلا مغمورا، يعرف على نطاق ضيق في قريته “ود الكاهلي” 45 كيلومتر شرقي رفاعة، ويعرف في قرى مجاورة أخرى،، ويعرفه أشخاص متفرقون في سهل البطانة، إما عن طريق الدم أو المصاهرات أو أن حظهم العاثر أوقعهم في الطريق الذي كان يرابط به لينهب المارة ويخلع ختم النساء من أصابعهن، مثلما فعل ذلك في بواكير حياته.
كان كيكل، الذي عاش في قرية متواضعة كعموم قرى البطانة، تنتابه هواجس وكان مهموما على الدوام بأن يصنع من نفسه شئ له قيمة، يقوده طموح دون إمكانيات وأحلام بلا سيقان،، حيث لم يكمل تعليمه، كما أن الفطنة والفراسة التي يتمتع به إنسان شرق الجزيرة يجلس كيكل في صفها الأخير.
تقول الفلسفة الإغريقية القديمة، إن الفضيلة وسط بين رذيلتين، فالطموح فضيلة، لأنه بين الخمول والطمع.
وفي رحلة بحثه المحمومة عن تكوين ذاته، مدفوعا بطموح بلا إمكانيات، تحول كيكل من “همباتي” يخلع ختم النساء من أصابعهن إلى داعم لقوات الدفاع الشعبي في التسعينيات ومتماهيا مع نظام الإنقاذ، ثم عندما لم يحقق ما يريده من إستؤزار لا يملك أدواته، تحول الرجل لمهرب سلاح في منطقة الدمازين ومن ثم مناطق التماس المتاخمة بين النيل الأبيض وولايات الجنوب.
ترك الرجل، تهريب الأسلحة وأعاد تنشيط علاقاته الإجتماعية مع المجتمعات المحلية ومثقفيها، تمهيدا لإعلان تشكيل قوات درع السودان، أراد كيكل بإنشاء هذه القوات مغازلة القوات المسلحة، طمعا في رتبة عسكرية وعددا من السيارات، لكن القوات المسلحة أدارت ظهرها للرجل، بعدما تيقنت أنه بلا سند حقيقي ومجرد عاطل يبحث عن أطماع شخصية.
انتقاما من هذا التهميش، لم ينتظر كيكل سوى 57 يوما على الحرب ليعلن إنضمامه لمليشيا الدعم السريع، ليضع أخيرا عصا الترحال التي كان يستخدمها لنهب الضعفاء وعابري الطرقات في أدراج مملكة اللصوص.
هابط من الفراغ
أكثر تناقضا من كيكل، وأقل ذكاءا،، يجلس الطاهر جاه الله من أبناء تمبول في المقعد الثاني في كابينة قيادة المليشيا بشرق الجزيرة، خلف كيكل، ورغم أن الرجلين لم يتعارفا إلا في أزمنة الحرب، فقد بدأ تعاونا وتنسيقا مشتركا، لكنه سرعان ما انتهى بالزج بالطاهر جاه الله معتقلا من قبل استخبارات المليشيا بمنطقة الرياض بالخرطوم، بتهمة موالاة الجيش بوشاية من كيكل، حسب ما يعتقد المطلعين ببواطن الأمور بمنطقة تمبول،وذلك بدافع الغيرة، حيث بدأ جاه الله في كسب ثقة أهل تمبول.
الطاهر جاه الله، لا يعرفه الكثيرون، شاب غامض، لم يتجاوز 45 عاما، كل المعلومات في سيرة حياته تقول أنه دخل في اشتباكات مع شرطة تمبول بسبب قضية تهريب سلاح واختفى من تمبول لسنوات، يرجح أنه فر إلى ليبيا وانتهج خطا متدينا أقرب للدواعش، لديه لحية كثة ويلبس بنطال الدعم السريع تحت الركبة بقليل ولايصافح النساء، وانضم للدعم السريع بعد الحرب، ولا يعرف مصيره حاليا، حيث جاءت سيارات مسلحة تتبع للمليشيا وأخذته من منزله بتمبول منذ نحو شهرين وغادرت إلى الخرطوم.
مهمة قذرة
رغم أن كيكل نفى بشدة أن يكون قد أوشى بالطاهر جاه الله، لدى استخبارات المليشيا، لكن لم يعد أحد يعتد بكلامه، عقب تحوله لمكنسة تنظف جرائم الماهرية وسط قواته، حيث إضطر كيكل تحت ضغط الماهرية لسرد رواية مضحكة حول ملابسات قتل شقيقه حمد النيل المتعمد في خلاف حول عربة دفار منهوبة،، بالقول ان طلقة طائشة وراء المقتل وأنه عفى عن قاتل شقيقه.
لم يمر وقت طويل حتى قتل أحد المقربين له، على يد الماهرية، وقال كيكل أن القتل تم بالخطأ، لظن الجنود ان العربة التي كان يوجد بها القتيل تتبع للجيش.
وربما أدرك كيكل، أن الأعذار القديمة لم تعد مقنعة، فلجأ يوم الاثنين الماضي لتبرير مقتل مسؤول إعلامه بولاية الجزيرة، المتمرد عباس الزين، إلى القول أن قوات العمل الخاص التابعة للجيش وراء مقتل الزين، رغم أن راعي الضان في الخلاء يعلم أن مسؤول إعلام كيكل أطلق عليه الماهرية النار في منطقة المحيريبة بولاية الجزيرة.
مستقبل أمر
حسب متابعين، فإن مصير كيكل لن يختلف كثيرا عن مصير جنوده الذين بدأوا يتساقطون بنيران الماهرية داخل صفوف المليشيا، وهو الأمر نفسه الذي أدركه كيكل، لكن متأخرا، حيث لم تعد هناك مساحة لخطوة واحدة لا للأمام ولا للخلف.
إنضم الى احدى مجموعاتنا على الواتس