سياسةكاتب ومقالمقالات

*البروفسور علاء الدين الزاكي يكتب.. إغراق الإطاري*

*بعد التوقيع على الاتفاق الاطاري استخدم الموقعون عليه، في منعهم توسيع قاعدة التوقيع، عليه كلمة ( *إغراق الإتفاق الإطاري* )
والإغراق أصلها الثلاثي (غرق).
قال الرازى: (والغرق والإغراق في اللغة بمعنى واحد).
والغرق في الأصل هو ملأ المكان بالماء يقال غرق فلان أي غاص في الماء حتى هلك، وهو أصل استخدام هذه اللفظة إذا جاءت لأزمة، وهو الاستخدام الحقيقي.
قال تعالى: (وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ)
وقال تعالى في حق فرعون:{حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ ءَامَنْتُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إلاَّ الَّذِي ءَامَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ}.
وقال تعالى: ﴿وأغرقنا آل فرعون﴾ ، وقال ﴿فأغرقناه ومن معه أجمعين﴾ ، وقال ﴿ثم أغرقنا الآخرين﴾ ،وقال ﴿ثم أغرقنا بعد الباقين﴾، وقال ﴿وإن نشأ نغرقهم﴾، وقال ﴿فكان من المغرقين﴾.
وقد يستخدم متعديا بحرف فيحمل على المجاز وليس الحقيقة ويكون مدلوله بحسب حرف التعدي.
فإما أن يتعدى (بفي) ويكون للحال فتقول:
غرِق في النَّومِ: أحاط به وغمره وغلبه، وغارِق في أفكاره مستغرق.
ومنه قوله تعالى :﴿ والنازعات غرقا ﴾ وهم الملائكة.
أو يتعدى (بالباء) التي تفيد السببية فتقول: أغرقه بالدين أو أغرق السوق بالسلعة.
أو يتعدي باللام للتعليل فتقول اغرقه لقتله.
وعندما تقول قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي: *(إغراق الاتفاق الإطاري )* فماذا تريد بمدلول هذه الكلمة؟
الواضح الذي لاشك فيه أنها تريد الفعل المتعدي وليس اللازم وتريد المجاز وليس الحقيقة.
ولإرادتها الفعل المتعدي:
– إما أنها تريد تريد السببية فتقول:إغراق الاتفاق الإطاري (بكثرة الموقعين عليه) أو (بالفلول) فهي بذلك تريد تضيق دائرة المشاركة واحتكار السلطة لنفسها فقط، والشراكة مع المكون العسكري دون غيره ومع من تشاء ممن شارك في النظام السابق وتخرجه عن دائرة الفلول، والا فكيف توافق على توقيع جعفر الميرغني وقد كان مساعدا للبشير حتى سقوط النظام وتمنع توقيع تجاني السيسي وغيره بحجة الفلول، فما هو المعيار وماهو الضابط في هذه المسألة ويبدو أنها مسألة هوى ليس إلا.
وهذه سمة سائدة عند كثير من السودانيين اذا صعدوا إلى سدة الحكم أو شمو رائحة الكرسي.
مع اليقين التام أنه لا حل لهذه البلاد ولا نجاة لها إلا بإغراق هذا الاتفاق ليحقق وفاقاً وطنياً شاملاً لايستثني أحداً *فإغراق الإطاري أهون من إغراق البلاد بكاملها في الفضوى والتقسيم والانفلات الأمني*.
واذا أردوا تعدية الكلمة (بفي) لإرادة الحال فيكون مدلولها إغراقه في فضوى التوقيعات ودخول من هب ودبَّ:
– فهذا المدلول فيه تجني على الآخرين؛ لأن فيه اتهام للكيانات الفاعلة في الساحة بالفضوى وهذا أمر غير مقبول فهناك من له تأريخ ناصع في السياسة السودانية والتضحية من أجل الوطن.
– وكذلك فيه تعالٍ وتكبرٌ على الآخرين ممن هم أكثر جمهورا وأوسع قاعدة وأكثر كفاءة، فجعلوا أنفسهم عمدة وما عداهم فضلة، وجعلوا أنفسهم أصلا وما عداهم فرعا وأنهم هم من يحق لهم تحديد من يحق له التوقيع ومن لا يحق له ذلك، وما أدري من أين أتتهم الأحقيقة وليس ثمة تفويض.
وإن أردوا بالإغراق التعليل فهو إما خشية مشاركة الجميع وهذا يحرمهم الانفراد بالسلطة ويجعل سهمهم كسهم غيرهم وهم يريدون الانفراد بتوجيه الفترة الانتقالية، وهذا التعليل أبطلته التجربة، فانفراد حزب أو مجموعة أحزاب بالسلطة دون مشاركة الآخرين بدون تفويض يعني إدخال البلاد في مأزق المعارضة الهدامة بسبب الغبن الذي سيقع.
والمنطق والعقل يقودان إلى أن الوضع السليم لأي تسوية أو إعلان سياسي يجب أن تكون على قاعدة واضحة وهي: *(اشتراك الجميع في إدارة العملية السياسية في الفترة الانتقالية وترك الحكومة التنفيذية لكفاءات مستقلة تنال رضى الجميع تشرف على تنفيذ متطلبات الانتقال دون تدخل من أحد)* ومن أراد حكم البلاد فعليه بالتفويض الشعبي عبر الوسائل المشروعة.
بغير هذا ستكون البلاد في حالة فوضى وعدم استقرار هذا إن سلمت من التقسيم)
والله الموفق

إنضم الى احدى مجموعاتنا على الواتس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى