الطيب عبد الرحمن يكتب: الأزمة السودانية.. مبادرات أم بوابات للتدخل الخارجي؟!

يعيش السودان في توهان وفراغ سياسي كبير وعريض منذ ٢٠١٩وحتى تاريخه حيث أصبح مرتعا لدول المحاور التي استغلت هذا الفراغ وتريد أن تحقق مكاسب لا يمكن أن تحصل عليها في ظل حكومة ووضع مستقر،
ما زال الشعب ينتقل من أزمة إلى أزمة ومن نكبة إلى نكبة بسبب العجز والفشل السياسي النخب السياسية المحكمة في المشهد.
ومن الطوام العظام التي لا يمكن أن تغتفر لرئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك طلبه إرسال بعثة أممية للمساعدة في إدارة شؤون السودان، وهذا ما لم نسمع به في تاريخ السودان القديم والحديث!.. ولا في تاريخ الدول المحترمة التي ترفض التدخل في الشأن الداخلي إطلاقا.
طرحت هذه البعثة مبادرات آخرها الاتفاق الإطاري الذي وقع بين الجيش والحرية والتغيير المركزي وأقصت بقية المكونات السياسية الأخرى والحركات الموقع على اتفاق جوبا والجماعات الإسلامية والطرق الصوفية والإدارات الأهلية والموكونات الأخرى التي لها وزنها المجتمعي.
مما يتعجب له في دور البعثة تدخلها السافر في الشأن الداخلي دون حدود ولا قيود، حتى تدخلت في تحديد من يشارك الاتفاق الإطاري ومن لا يشارك، مما سبب انقساما كبيرا، رغم أنها تؤكد، بلسان رئيسها، أن دورها مسهل فقط، ولكن الواقع يكذب ذلك فهي الحاكمة والأمرة ومعها دول الترويكا وبعض الدول العربية التي لا تريد استقرارا للبلاد ولا اتفاقا.
ومن هذا الاتفاق الإطاري خرجت نسخ عديدة تختلف في المواد والبنوك، وكل طرف يدعي أن معه النسخة الأصلية، كما في الميثاق الأول بعد سقوط البشير وما زالت لعنة النسخ المتعددة تطارد الاتفاقيات.
في ظل هذا المشهد السياسي القاتم والمعتقد، ومن إفرازات عدم التوافق، ظهرت المبادرة المصرية التي ليس لها بنود واضحة ودعت مصر الأحزاب إلى ورشة في القاهرة،
أسئلة تطرح نفسها ما هي تفاصيل المبادرة المصرية التي قدمت دعوة لأحزاب وتيارات سياسية للاجتماع في مصر خلال شهر فبراير المقبل والمشاركة في ورشة بعنوان آفاق التحول الديمقراطي نحو سودان يسع الجميع؟!.
ثم زيارة أبي أحمد إلى الخرطوم، ماذا قدم أبي أحمد رئيس وزراء أثيوبيا خلال زيارته يوم الخميس التي التقى خلالها رئيس المجلس السيادي ونائبه كل على حدا، وهذا مؤشر له ما بعده! ثم التقى شتات القوى السياسية التي لا تتفق على الذهاب بسيارة واحدة دعك من أجاد حلول.
غير أن أبي أحمد قدم دعوة لهؤلاء لشرح تفاصيل الاتفاق الإطاري الذي بدأت تظهر الإرهصات بموته. وفي نفس الوقت يخشى أبي أحمد من دعوة القاهرة التي جعلته يأتي مسرعا إلى الخرطوم لتقديم المشورة والدعم.
ثم زيارة جوبا من قبل قوى الحرية والتغيير المركزي ولقاء الرئيس سلفا ونائبه الذي يتفق ويختلف معه.
إلى متى هذه الهرولة إلى دول هي نفسها تحتاج إلى مصالحات وإصلاحات داخلية.
إلى متى الارتهان للخارج إذ أصبح السودان سوقا للنخاسة السياسية، وما يحدث الآن في المسرح السياسي السوداني أسميه حرب مصالح داخلية أو خارجية تدور على رؤوس الشعب المسكين.. متى كان الغرب حريصا على استقرار السودان؟ ومتى كانت دول الجوار حريصة على ذلك؟ ، الكل يلعب على مصالحه ولا غيرها.. ماذا تريد مصر وأثيوبيا غير مصالحهم ومصالح شعوبهم وبلدانهم؟.
ما يجب أن يعمل عليه السودانيون هو مصالح بلدهم العليا والتعامل بالندية مع أي بلد صغر أو كبر حجمه، أي بلد يعمل على مصالحه الخاصة مهما كان ما يقدمه من منح ظاهرة.
المشكلة ليس في هذه البلدان… المشكلة في من يسمونهم بالنخب وهي فاشلة تبحث عن حلول في السفارات الأجنبية ولدى بلدان لا تريد الخير لبلد يرقد في ثروات معدنية ومائية وحيوانية وأراضٍ خصبة! ودولة توصف بأنها شابة، هذا الحال يجعل الأطماع يسيل لها اللعاب وتلفت الأنظار .
السودان يحتاج إلى رجال متجردون أتقياء اصفياءاوفياء خلص همهم تقدم السودان غير معنيين بمحور ولا أجندة حزبية ضيقة.
وما لم يكن الحل سودانيا سودانيا ويكون التفاوض على أساس قبول الآخر لا يمكن أن تستمر أي مبادرة.
ثم ماذا ينتظر الجيش من أحزاب ونشطاء لا يبحثون إلا عن السلطة والكراسي؟ إلى متى ينتظر توافقهم الذي لن يتحقق وقد مضت عليه ٤ سنوات خلت بكل ما تحمل معاناة وانسداد سياسي وتدهور اقتصادي وظواهر مجتمعية دخيلة على الشعب، لا بد للجيش أن يتخذ موقفا ويكون شجاعا ويعلن عن فترة انتقالية لا تتجاوز سنة واحدة محددة المهام والزمان ويُدعى بعدها لإنتخابات، يشارك فيها الجاهز من الأحزاب.. أما بغير ذلك فلن يتفق هؤلاء المتشاكسون ولا يمكن أن نجرب المجرب ويضيع البلد، وهذا ما يراد له.