تقاريرسياسة

سباق استخباري في السودان.. زيارة رئيس المخابرات التركي وما وراءها من خبر؟! 

تقرير: الطيب عبد الرحمن الفاضل 

بدون مقدمات وبصورة مفاجئة حطت طائرة رئيس المخابرات التركية هاكان فيدان في مطار الخرطوم، ويعتبرفيدان من أخطر قادة المخابرات في العالم، ويعتمد عليه الرئيس أردوغان اعتمادا كبيرا، وتأتي الزيارة والسودان في مفترق طرق وتشظي داخلي كبير ومبادرات هنا وهناك ، ماهي الملفات التي حملها ضيف الخرطوم الذي جاء على عجل ماهي الملفات ودلالات الزيارة.. والمعلوم ان لتركيا تعاون كبير في المجال المخابرات مع السودان.

التقى هاكان فيدان خلال زيارته رئيس المجلس السيادي عبد الفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو القائد العام لقوات الدعم السريع كل على حدا.. والغريب في الأمر أن الحكومة لم تخرج بأي بيان رسمي عن ذلك، مكتفية بخبر في حسابها على الفيس بوك قالت فيها ان رئيس مجلس السيادة الإنتقالي ، الفريق أول ركن: #عبدالفتاح_البرهان التقى بمكتبه مساء اليوم رئيس المخابرات التركية هاكان فيدان، بحضور مدير المخابرات العامة، الفريق أول أحمد إبراهيم مفضل.

وأكد البرهان خلال اللقاء متانة وازلية العلاقات بين السودان وتركيا وأن السودان يتطلع الي تطويرها في كافة المجالات بما يحقق المصالح المشتركة للبلدين والشعبين الشقيقين.

ورحب سيادته بزيارة رئيس المخابرات التركية مشيراً إلى أنها تصب في خانة حرص البلدين على تطوير التعاون بينهما.

من جانبه أمن رئيس المخابرات التركي على متانة علاقات البلدين مؤكداً أن الزيارة كانت مثمرة وحققت أهدافها فيما يلي التعاون والتنسيق بين السودان وتركيا في القضايا ذات الاهتمام المشترك.

بنفس العبارات جاء خبر لقاء حميدتي برئيس المخابرات التركي.

 

وتطرح هذه الزيارة أسئلة حول الهدف منها في هذا التوقيت، وعلاقتها بما يدور الآن في السودان من اتفاق إطاري يجمع بين الجيش وبعض قوى الحرية والتغيير.

وتأتي الزيارة في ظل حالة من ارتباك في المشهد السوداني وانقسام حاد بين كل المكونات السياسية السودانية وتصاعد كبير في مواجهة الاتفاق الإطاري من قبل مكونات كانت أساسية في الحرية والتغيير ولجان المقاومة والكيانات الإسلامية والقوى الوطنية والإدارة الأهلية.. وهو وضع أنتج حراكا دبلوماسيا واستخباري كبير من قبل الدول ذات الصلة بالملف، ويشار في هذا الصدد إلى زيارة رئيس جهاز المخابرات المصري عباس كامل.

هل يمكن أن نقرأ الزيارة القصيرة غير المعلنة مسبقا لفيدان على أن تركيا لا تستطيع أن تقف موقف المتفرج ازاء التحركات التي تقوم تلك الدول سواء كانت في الرباعية الدولية أو مصر الساعية لجمع الفرقاء؟.

 

زيارة مستغربة في هذا التوقيت:

 

ويستغرب جدا الصحفي عبدالماجد عبدالحميد زيارة هاكان إلي السودان بالنظر إلى حراك المشهد السياسي والأمني في تركيا هذه الأيام، ويرى أن السودان لا يُشكل حالياً أحد شواغل أنقرة، التي نأت بنفسها منذ فترة عن التدخل المباشر في الشأن السوداني وأكتفت بتعاملها المسؤول مع جهاز المخابرات السوداني، الذي تعترف تركيا أنه من أفضل وأكفأ الأجهزة الأمنية في المنطقة التي تتداخل فيها مصالح تركيا الاستراتيجية مع دول ومحاور أخري في العالم ..

ويرى عبد الحميد أن الذي جاء برجل تركيا القوي إلي الخرطوم؟! لا يخرج عن ثلاثة شواغل تضعها تركيا في الاعتبار ..الأول صراع السلطة في تشاد والذي قد يطيح بابن دبّي من العرش وقد ينتج عن هذا الصراع من تأثير تحسب له أنقرة ألف حساب.

• الثاني مايحدث في إفريقيا الوسطى وتنامي التنافس الأمريكي الفرنسي الروسي علي كرسي السلطة في بانقي

• الثالث ..أمن البحر الأحمر ..

وقال عبدالحميد: الحديث خارج التسجيل عن الزيارة المهمة لمدير المخابرات التركية إلى السودان هو حديث صريح وواضح مع الممسكين بأعنة الأمور في السودان وتحذيرهم من الانسياق وراء مخطط تفكيك المنظومة العسكرية والأمنية في السودان.. مضيفا أن تركيا لها تجربة تعامل احترافي مع جهاز الأمن والمخابرات في السودان.. وتركيا تعلم أن المخابرات السودانية تجلس على رصيد هائل من التجارب والمعلومات التي لا تتوفر لأي جهاز مخابرات في إفريقيا خاصة..

وتابع: إن تركيا لا تتعامل بردود الفعل مع الملف السوداني..لكنها قطعاً ستتدخل إن وجدت أن الأمور في هذا البلد المهم بالنسبة لها تمضي باتجاه التفكيك والتقسيم والاختطاف..

 

دور السودان في الملف الليبي:

وفي تصريح للباحث الاستراتيجي محي الدين محمد للطابية يقول أحسب أن الزيارة تاخذ أهميتها من عدة عوامل اولها تطورات الأوضاع في إفريقيا التي توليها أنقرة اهتماما خاصا؛ فهي مشغولة بما يدور في ليبيا، علما بأن تركيا منشغلة بكيفية تحقيق الاستقرار فيها لارتباط ذلك بأمن الطاقة في البحر الأبيض، وهناك مشروعات التنقيب عن الغاز في المنطقة البحرية بين تركيا وليبيا. ولا شك أن تركيا تتفهم قدرة السودان على لعب دور في الملف الليبي رغم إصرار بعض دول الإقليم على استبعاد السودان.

وكذلك هناك اهتمام مشترك بين البلدين بأمن البحر الأحمر في ظل التنافس الدولي على الممر المائي المهم.. والسودان دولة لها ثقلها وتأثيرها وتملك كروت مهمة في ما يدور من صراع دولي في غرب إفريقيا حيث التنافس الروسي الفرنسي وتطورات الأوضاع في كل من تشاد وأفريقيا الوسطى.

العامل الثاني هو ملف الإرهاب حيث تتخوف تركيا من تبعات تمدد التنطيمات الإرهابية في القارة وكذلك في محيطها القريب، ومعلوم أن لتركيا تعاون مع كل دول العالم المهتمة بمكافحة الإرهاب، ويظل السودان من أهمها لموقعه وتجربته المميزة وإسهاماته في ابتدار نهج المراجعات الفكرية بهدف تفكيك الخلايا الإرهابية.

 

التخوف التركي:

ويقول الباحث وائل علي هناك تخوف تركي على مصالحها في ليبا وتشاد وإفريقيا الوسطى كما يوجد عمل كبير لفرنسا وأمريكا ومن الملاحظ أيضا تحركات السفيرة الفرنسية في السودان وتواجدها خاصة في غرب دارفور، وهذا يدل على أمر ما. ويضيف أيضا التنافس الفرنسي التركي في المنطقة، حيث تعتبر تركيا التحركات الفرنسية في المنطقة أمرا مقلقاً بالنسبة لها، وتعتبر أن الزيارة لها علاقة بثلاث دول ليبيا وتشاد وإفريقيا الوسطى والتحركات المتعلقة بنقل للأسلحة عبر منظمات الأممية.

 

الفريق مفضل في أمريكا:

 

في ٥ يناير من هذا العام، وبدعوة خاصة من الإدارة الامريكية زار الفريق مفضل مدير جهاز الأمن والمخابرات السوداني أمريكا، ورشح أن الزيارة كانت في إطار اطمئنان امريكا على مصالحها لأنها تعتبر السودان بوابة إفريقيا ويمكن له أن يمسك بخيوط كثيرة كما في عهد البشير والتعاون الاستخباراتي السوداني الامريكي حتى وصل نقل مدير المخابرات وقتها صلاح قوش بطيارة خاصة إلى هناك، هل تريد امريكا بذلك إيقاف التمدد الصيني الروسي في السودان لذا كانت هذه الزيارة، ويبدو أن ثمة ارتباط ما للزيارة التي قام بها مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية وليام بيرنز لليبيا التي التقى خلالها رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة، كما التقى أيضاً قائد قوات شرق ليبيا خليفة حفتر في بنغازي.

 

زيارة مدير المخابرات المصرية:

 

من الأحداث المهمة، الزيارة التي قام بها عباس كامل مدير مخابرات مصر، الذي حمل نصائح للمكون العسكري، وفق ما نقلت صحيفة العربي الجديد، أن مصر قدمت نصائح منها توسيع دائرة القوى المدنية التي يمكن أن ينسق معها البرهان، لضمان تحقيق جملة من الأهداف، ربما يكون في مقدمتها عدم السماح للمعسكر المناوئ للبرهان وفريقه بأن يكون هو الممثل الوحيد أو المسيطر على القوى المدنية، في ظل تزويد القاهرة للخرطوم بتقارير وتقدير موقف يحذر من اعتماد مكون مدني بعينه، يلقى قبولاً إقليمياً ودولياً، يسمح له بأن يبدو ممثلاً مقبولاً للقوى المدنية في السودان، في حال وجود خطة دولية متفق عليها لحل الأزمة السودانية المعقدة.

كما حملت الزيارة “نصيحة” أخرى بتجنُّب الإسراع في اتخاذ البرهان، ومعه المكون العسكري المؤيد له، خطوات قد تفضي لانسحابهم من المشهد السياسي بشكل كامل، ولو حتى من باب الشكل، لأن ذلك من شأنه، وفقاً لتقديرات مصرية، أن يجعل السودان مسرحاً لمزيد من الأزمات الأكثر عمقاً، وربما قد يسمح بتدخل أطراف وقوى إقليمية ودولية لا تراعي المصالح المصرية.

ويمثل السودان أهمية كبيرة لمصر لكونه امتداداً للأمن القومي المصري من الجهة الجنوبية، وكذلك لحرص مصر على الحفاظ على موقف مصري سوداني موحد في مواجهة التعنت الإثيوبي في أزمة سد النهضة.

ختاما هناك من الملفات المتشابكة والتي يصعب حلحلتها وتزداد صعوبة بالتدخلات الخارجية للدول الكبرى التي لها مصالح خاصة في السودان وفي الدول الإفريقية التي لها موارد كبيرة، وتريد هذه الدول الهيمنة والسيطرة عليها بشتى الطرق.

إنضم الى احدى مجموعاتنا على الواتس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى