“الطابية” تنشر المناصحة الشاملة لهيئة علماء السودان لرئيس مجلس السيادة حول الأوضاع بالبلد

*بسم الله الرحمن الرحيم*
*رؤية*
*هيئة علماء السودان*
*في الراهن السياسي*
*إلى السيد رئيس مجلس السيادة الانتقالي والسادة أعضاء المجلس*
*وإلى الثلة الحاكمة الآن من قيادات القوات المسلحة التي قدر الله لها أن تتحمل اليوم المسؤولية كاملة في الإبحار* *بسفينة الوطن إلى بر النجاة في موج متلاطم وعواصف لا تبقي ولا تذر..*
*إلى الشعب السوداني المسلم*
*إلى قياداته الدينية والاجتماعية والأهلية*
*إلى هؤلاء جميعا نتقدم بهذا المذكرة الناصحة من منطلق التكليف الشرعي لأهل العلم في بذل النصح للراعي*
*والرعية كما في قوله تعالي*
*كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ*
*آل عمران ١١٠*
*وكذلك*
*إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون)*. *[البقرة:159]*
*ولقوله صلى الله عليه وسلم : ” من سئل عن علم وكتمه ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة “. رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والترمذي من حديث أبي هريرة*
*فمن منطلق التكامل بين اهل العلم وأهل الحكم نتقدم بهذا النصح للراعي وللرعية*
*الفترة الانتقالية*
*إن الفترة الانتقالية هي فترة يجب أن تكون خالية من النزاعات الحزبية والاختلافات*
*ولا يحدث ذلك ولا يتحقق إلا بالتوافق أو بوجود قوة غالبة عادلة تفصل بين الناس بالعدل لا تدع فئة تبغي على فئة* *ولا تنحاز هي إلى فئة دون فئة.. ولهذا سميت انتقالية*
*وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ*
*الحجرات ٩*
*القوات المسلحة*
*تقوم القوات المسلحة بمهمة القوة الغالبة العادلة وذلك بتعيين حكومة كفاءات من المستقلين تحقيقا لقوله تعالى*
*الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ*
*قريش ٤*
*إن القوات المسلحة هي الحارس للأمن والحامي حمي العقائد والحاقن للدماء والأموال والأعراض وميلها إلى إطالة الفترة الانتقالية فوق ما تقتضيه الحاجة يعد* *صبا للزيت علي نار الفتنة المتقدة..*
*وفتحٱ لباب الشكوك فيها والظنون*
*فإذا انضاف إلى ذلك انحيازها لفصيل دون آخر بلا مسوغ من عقل ولا نقل فإنه يترتب على ذلك وزر*
*تنوء به الراسيات* *ويحدث من الفساد في الأمة ما لا ينصلح ومن الكسر ما لا ينجبر*
*الوثيقة الدستورية*
*ووضح ذلك فيما يسمي بالوثيقة*
*الدستورية لبعض* *المحامين التي جاءت مخالفة ومخلة بمفهوم الانتقال ومخالفة لكل قيم الدين والعقل والعدل*
*إن الوثيقة الدستورية الذميمة فقدت قيمتها* *وشرعيتها منذ أن حكمت المحكمة العليا بعدم شرعية اللجنة التسييرية نفسها التي *أعدتها ففقدت*
*الشرعية بل نالها من الذم والخزي ما لا يوصف لما تبين أن المحامين الذين أعدوها هم أنفسهم مخالفون للقانون فكيف يستقيم أن يعدوا دستورا تحتكم إليها الأمة في دينها ودنياها.*
*كما أنها أعدت بأيد غير سودانية*
*إن من فكّر فيها ومن أعدها ومن تسلمها ومن نظر فيها هم جميعا في الإثم والوزر سواء ولو كان من أعدها هي هيئة علماء السودان*
*ذلك لأن الدستور ليس من هموم ولا تكليفات الفترة الانتقالية..*
*نقول ذلك إبراء” للذمة..*
*ومن نافلة القول إن الفترة الانتقالية تهتم بالمتغير الذي يساس سياسة ولا شأن لها بالثابت الذي يحرس حراسة*
*إن تعرضها لثوابت الدين والعرف تكمن وراءه خلّة لا تخفى على من في قلبه مزقة من إيمان..*
*فالحق جل وعلا هو القائل*
*فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا*
*النساء، ٦٥*
*فالوثيقة لا تعبر إلا عن ذلك الحرج لذا فبعد تجريم من أعدوها بواسطة أعلى جهة قضائية في البلاد..فقد أصبحت بنت سفاح وآل نسبها إلى من تبناها ووقع عليها وقبلها بكل ما فيها من ضلال وسفه وتطاول علي القيم والأعراف واستطالة علي شريعة الرحمن*
*فمن أعدها فقد الحق في التفاوض حولها لأن شخصيته الاعتبارية بحكم القانون أصبحت معدومة..*
*الطامة الكبري*
*ثم نأتي إلى الطامة التي تتضاءل أمامها وفي حضرتها كل الطوام.. وهي طامة الانكسار والانخذال أمام السفارات*
*إن هذا ليس مخالفا للعرف الدبلوماسي وحده ولا الدستور السوداني ولا العرف الإنساني بل هو مخالف لشرف الرجولة والعزة والكرامة..*
*إن أيما رجل دعا لهذا أو رضي به أو سكت عنه فقد نزعت عنه أهليته في البناء على عفيفة..*
*إن السودان اليوم في مفترق طرق وقد ساقته إليه أقدار الله منذ أن نزعت الملك من فصيل وآتت الملك فصيلا آخر ثم نزعته منه مرة أخري إيذانا بملك جديد يخرج من رحم المعاناة ومن شدائد وكرب الابتلاءات فلا يقيم للأذي وزنا ولا للخوف سوقا ولا يبالي الموت بآلة بل يتجه إلى الله على هدى وبصيرة..*
*نقولها بجلاء لا يحتاج إلى شجاعة.*
*إن استطالة الدبلوماسين الأجانب والسفارات وولوغهم في الشأن الداخلي أضحي عارا وسبة في وجوه أهل السودان جميعا، خاصة وهو يجري تحت سمع وبصر القيادات العسكرية التي ارتضاها أهل البصيرة حاكما للفترة الانتقالية بلا منازع بالصدفة والشروط التي بينا آنفا..*
*ملخص ما نشر*
*١/ تختص القوات المسلحة والقوات النظامية الأخري بحراسة الفترة الانتقالية عبر مجلس انتقالي عسكري مهامه حفظ الأمن وسيادة البلاد والأسراع بتكوين حكومة خبراء انتقالية لتدير دولاب العمل*
*٢/ الحكومة الانتقالية يجب أن تكون حكومة خبراء مدنيين مستقلين يهتمون بمعاش الناس والخدمات وحفظ سمعة البلاد. دبلوماسيا*
*٣/ لا تزيد الفترة الانتقالية على عام أو عام ونصف عام بعد أربع سنوات من المماطلة والفشل*
*٤/ تعد مسودة دستور انتقالي يشارك فيها الجميع حيث ينص فيه صراحة على ثوابت الدين واللغة وتنشأ مفوضية للانتخابات علي النمط المتعارف عليه دوليا لا يقصي فيه أحد وإذا لم يتم التوافق عليه يستفتى الشعب حول كل ما قدم من دساتير*
*٥/ يسرع المجلس العسكري الانتقالي في تعيين قضاة المحكمة الدستورية ليكتمل بها البناء العدلي*
*٦/ تلتزم الحكومة الانتقالية ممثلة في رئاسة الوزراء ووزير الخارجية بحمل الدبلوماسيين الأجانب والسفارات على احترام العرف الدبلوماسي بصرامة وعدم الاستخفاف بما استقر عليه الوجدان السوداني اليقظ من أن قيمهم مستهدفة وثرواتهم مستهدفة، وأرضهم مستهدفة وأيضا القوات المسلحة لأنها حجر عثرة أمام مخططاتهم الشيطانية*
*٧/تناشد الهيئة جموع الشعب السوداني بالتماسك والتآزر والبعد عن الصراعات والنزاعات والفتن استجابة لقول الله تعالى (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم) ليتسني لنا الخروج من هذا المستنقع الآسن إلى بر السلامة والأمان*
*ختاما..*
*لقد نادينا في بيانات سابقة ومناصحات سالفة بمعظم ما ورد في هذا البيان*
*إن أي انحراف عن هذه الرؤية أو أية مخالفة لكلياتها تعد خيانة للتكيف، بل خيانة لله ولرسوله وللمؤمنين.*
*اللهم احفظ البلاد والعباد وأبرم لها أمر رشد يعز به أولياؤك*
*ويذل به أعداؤك*
*وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين*
*هيئة علماء السودان
٢٥ ربيع الثاني ١٤٤٤ه*
*الموافق ٢٠٢٢/١١/١٩م