
من الأخطاء الجسيمة التى وقع فيها النظام السابق وإعلامه وأجهزته المختلفة هي التعامل مع حراك الناس -أي المظاهرات -والتى اتخذت فيما بعد إسم ورقم (المليونيات)..وتمثلت أخطاء النظام السابق وإعلامه في التقليل من حجم تلك المظاهرات والسخرية منها ثم نسبها بالكامل إلى جهات محدودة مثل الحزب الشيوعي أو جماعة عبد الواحد محمد نور، حتى اتضح خطل تلك التقديرات يوم لا ينفع ندم وفوجئت أجهزة وإعلام النظام السابق بأن الشوارع تفيض بالناس وأن الأقل بينهم الشيوعيين والمتمردين!.
عندما نجح حراك ديسمبر -أبريل وسقط النظام السابق فإن السلطات التالية له، التى تشكلت من القوى السياسية التي اشتهرت طوال سنوات نظام الإنقاذ بمعارضته، فإن السلطات والقوى السياسية تلك وقعت في ذات أخطاء النظام السابق وتقديراته، ومن بين ذلك التعامل مع حراك الشارع المستمر ومظاهرات المعارضيين لهم -!
منذ ان بدأت مجموعة نداء أهل السودان في الدعوات للخروج للشوارع رفضا للتدخل الأجنبي في الشأن الداخلي بل ومنذ تداعي هذه المجموعة في التشكل للبحث عن حل للمشكل الوطني فإن ما توصف نفسها وحدها بقوى الثورة دأبت على التعامل مع (أهل السودان) وتوصيفها بأنها مجرد عمل (كيزاني)يجب رفضه !
خرجت جموع مبادرة أهل السودان التى يتصدرها التيار الوطنى الإسلامي العريض للشوارع في حراك أطلقت عليه مسيرة الكرامة رفضا للتدخل الأجنبي ولكن قوى الثورة المزعومة لم تر في ذلك الخروج سوي محاولات لأنصار النظام السابق للعودة، لذا واجهته بالتوصيف( الكيزاني )والتقليل والسخرية على شاكلة الزواحف ومسيرة الموز والطحنية إضافة إلى محاولات إنكار الحجم الحقيقي للحراك في مسيرته الأولى والثانية والثالثة قادمة لا محاولة وقوى الثورة المزعومة تجهد نفسها في التلاعب بالصور (فتوشوب)وإنكار المعلوم بالنكران-!
هناك ثمة حقائق لابد من الإقرار بها والتعامل بها لأن إنكارها لا يفيد ومنها أن هناك حراك حقيقي على الأرض اليوم وهو حراك قاصد ومرتّب وفي تزايد مستمر كمّاً وكيفاً، ومن هذه الحقائق أيضا أن هذا الحراك المتنامي يتجاوز قيادة وعضوية (المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية)، والثالثة أن دعاوى الحراكِ الجاري منطقية ومقبولة ووطنية في مواجهة التدخل الأجنبي الذي أكل وشرب ونام وبال في بلادنا، والحقيقة الثالثة هذى هي ما تزيد من حجم الحراك المناويء للتدخل الأجنبي وتجعله يكسب بشكل مستمر وقادر -مع الأيام – على جر القوات النظامية إلى ما يريد بالإنحياز
للشعب -!
صحيح أن المؤتمر الوطني ليس بعيدا من هذا الحراك وأنه على المدى المتوسط والبعيد قد يفيد منه لكن الحقيقة الأكبر أن المؤتمر الوطني ليس الوحيد في هذا الميدان وأن هذا العمل أي مقاومة التدخل الأجنبي قائم به أو بدونه وأنه بالغ منتهاه بإنهاء هذا التدخل من خلال الإبقاء على السفراء في سفاراتهم وفي حدود مهاهم، وطرد المبعوثين وملاحقة العملاء حتى طائرات الهروب على عجل وجناح !
الحل في نقاط- (أولا) الإقرار بحقيقة وحجم الحراك وتزايده المستمر، (ثانيا)التعامل مع هذه الحقيقة بشكل إيجابي، (ثالثا) العمل المشترك على المسائل الوطنية المتوافق عليها، (رابعا) الاعتراف بالآخر وإيجاد صيغة للتعايش معه، بما في ذلك عضوية المؤتمر الوطني وعدا ذلك فإن الشوارع لا تخون بلادها !.
إنضم الى احدى مجموعاتنا على الواتس