د. عبد الحي يوسف: الوحي لا يأتي بمُحالات العقول ولكن قد يأتي بما تحار فيه العقول!

الطابية/تقرير: عبد العزيز ضيف الله
تناول الشيخ د.عبد الحي يوسف، في خطبة الجمعة أمس، نعمة العقل مبيِْناً أنها من أعظم نعم الله على الإنسان، يميز بها الخبيث من الطيب والحق من الباطل، وجعل الله العقل مناط التكليف، فلا أثر للشرع بلا عقل، لافتا إلى أن العقل لا يستقل بإدراك الخبيث والطيب والحلال والحرام بدونل الشرع،
وأوضح أن أصحاب العقول السليمة هم الذين يدركون أسرار العبادات (ٱلۡحَجُّ أَشۡهُرࣱ مَّعۡلُومَـٰتࣱۚ فَمَن فَرَضَ فِیهِنَّ ٱلۡحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِی ٱلۡحَجِّۗ وَمَا تَفۡعَلُوا۟ مِنۡ خَیۡرࣲ یَعۡلَمۡهُ ٱللَّهُۗ وَتَزَوَّدُوا۟ فَإِنَّ خَیۡرَ ٱلزَّادِ ٱلتَّقۡوَىٰۖ وَٱتَّقُونِ یَـٰۤأُو۟لِی ٱلۡأَلۡبَـٰبِ) [سورة البقرة 197]، وهم الذين يعتبرون بقصص القرآن وأمثاله (لَقَدۡ كَانَ فِی قَصَصِهِمۡ عِبۡرَةࣱ لِّأُو۟لِی ٱلۡأَلۡبَـٰبِۗ مَا كَانَ حَدِیثࣰا یُفۡتَرَىٰ وَلَـٰكِن تَصۡدِیقَ ٱلَّذِی بَیۡنَ یَدَیۡهِ وَتَفۡصِیلَ كُلِّ شَیۡءࣲ وَهُدࣰى وَرَحۡمَةࣰ لِّقَوۡمࣲ یُؤۡمِنُونَ) [سورة يوسف 111] (وَتِلۡكَ ٱلۡأَمۡثَـٰلُ نَضۡرِبُهَا لِلنَّاسِۖ وَمَا یَعۡقِلُهَاۤ إِلَّا ٱلۡعَـٰلِمُونَ) [سورة العنكبوت 43] وهم الذين يدركون أسرار هذا الكون ويعتبرون بالتاريخ وآثار الحضارات.
وأكد الشيخ أن تعطيل العقل جريمة يندم عليها أصحابها يوم القيامة (وَقَالُوا۟ لَوۡ كُنَّا نَسۡمَعُ أَوۡ نَعۡقِلُ مَا كُنَّا فِیۤ أَصۡحَـٰبِ ٱلسَّعِیرِ)[سورة الملك 10] منبها إلى أنه من الواجب استعمال العقل لمعرفة نعمة الوحي لتهتدي إلى الله عز وجل.
ووجه الشيخ نصيحة لأولئك الذين يقدمون العقل على الشرع ويجعلونه حكما عليه، مفادها (اعلموا أن عقولنا محدودة شأنها في ذلك شأن سائر الحواس، لا تستطيع أن تدرك بعقلك عالم الغيب، لا تستطيع أن تدرك أسرار الشرع كلها) مستشهدا بقصة الإسراء والمعراج وقصة شق صدر النبي صلى الله عليه وسلم، مشيرا إلى أن المشركين كذبوهما لما استعملوا عقولهم وحواسهم المحدودة، لكن هذا الأمر في زماننا هذا صار مصدقا لما رأى أن البشر أصبح بإمكانهم السفر مسافات بعيدة في ساعات قصيرة وإجراء العمليات الجراحية للقلب المفتوح.
وأضاف أن الوحي لا يأتي بما هو محال على العقل السليم، لكن قد يأتي بشيء يحآر فيه العقل لأنه محدود. وشدد على أن الإيمان بالله ورسوله يقتضي أن نسلم للوحي بكل ما جاء به سواء أدركت عقولنا تلك المغازي أم عجزت عن إدرأكها.
وأكد الشيخ عبد الحي أن كلمة الإسلام تعني الاستسلام لله عز وجل، في أمره ونهيه وقضائه وقدره، منبها إلى أن ذلك لا يعني إلغاء العقل، بل أن دور العقل مع الوحي يتمثل في خمسة أمور هي:
استيعاب النصوص، ثم تمحيصها لنميِّز الصحيح من السقيم، ثم استخراج هدايات تلك النصوص، ثم استعمال العقل لحل التعارض المتوهم بين تلك النصوص، ثم تنزيل النصوص على الواقع الذي نعيشه.
وأشار الشيخ إلى أن الذي دعاه إلى تذكر هذه المعاني ما نقلته الصور عن رئيس وزراء بريطانيا الجديد الذي كان أول ما فعله بعد انتخابه أن ذهب يتمسح ويتبرك بالبقرة التي يعبدها!.