أمين منظومة الاقتصاد بالتيار الإسلامي العريض: المليار الرشيق آخر تقليعات الغرب لتقليل سكان العالم
النظام الاشتراكي انهار والنظام الرأسمالي يترنح وفقد كل فروضه التي يرتكز عليها
من الفرص المحفزة للنمو الاقتصادي قيام المناطق الحرة
الأستاذ الدكتور حسين سليمان اقتصادي ضليع، يشغل حاليا أمين المنظومة الاقتصادية بالتيار الإسلامي العريض، ويعمل مع زملائه أعضاء المنظومة على ابتدار مشاريع ودراسات تساهم في النهوض الاقتصادي، عمل استاذا جامعيا للاقتصاد، ثم استقل بأعماله الخاصة بعد سنوات من التدريس الجامعي، وهو يمتلك رؤية واضحة عن مشاكل الاقتصاد السوداني، وكيفية النهوض به، كما يقف بوضوح على عيوب النظامين الرأسمالي والاشتراكي ومساوئ الأفكار التي أنتجتهما… جلسنا إليه في هذه السياحة الاقتصادية لنقف على الفكر الاقتصادي للرجل، ومجمل آراءه في المشهد الاقتصادي السوداني وكيفية الخروج من الأزمة الاقتصادية الحالية التي يرزح فيها السودان، فأجاب إجابة العالم المتخصص والممارس المتمكن.
حوار: حسن عبد الحميد
ــ النظام الاقتصادي ايا كان نوعه يرتبط بالفكر الاقتصادي الذي ينتجه، ما الفرق بين الأنظمة الاقتصادية الحالية وبين النظام الاقتصادي الإسلامي من حيث الأسس الفكرية التي يستند إليها ومن حيث المبادئ؟
* لابد من الاهتمام بالفكر الاقتصادي والنظم الاقتصادية، النظرية الاشتركية، والنظام الاشتراكي انهار بانهيار الاتحاد السوفييتي في عام 1992، وتبعه النظام الرأسمالي، الذي يترنح للسقوط منذ سنة 2008، وفقدت النظرية الرأسمالية كل فروضها التي تركز عليها، ونتيجة فشلها تظهر في أرقام الدَين الأمريكي، الذي تجاوز ٣١ ترليون دولار حتي الشهر الماضي (سبتمبر 2022م) وبلغ نصيب المواطن الأمريكي من الدين العام 92,633 دولار، والدين الاوروبي مجتمعا تجاوز 11 ترليون دولار. ذكرت هذه الأرقام، لمعرفة شيءٍ عن المشكلات الاقتصادية العالمية. لذلك النظام الاقتصادي الإسلامي هو الحل.
أُسُّ الإصلاح الاقتصادي يكمن في تنظيم المجتمع في جمعيات تعاونية وإضعاف حلقات الوسطاء
لابد أولا من إبراز الجوانب الأساسية في الفكر الإسلامي. فإن كان النظامان الاشتراكي والرأسمالي يؤمنان بمبدأ ندرة الموارد، فقد أدى الإيمان بهذا المبدأ لتكلس إرادة المفكرين الغربيين، فإن النظام الإسلامي لايؤمن بمبدأ ندرة الموارد قال تعالي “ورحمتي وسعت كل شيء”، وقال تعالي “ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لايحتسب”. هذا هو مرتكز الفكر الإسلامي القويم، الذي يؤمن بوفرة الموارد، ولكن ممارسات وسلوكيات البشر التي تغير في السنن الكونية، تتغير معها حالة الدول والمجتمعات والأفراد. وفي جانب الملكية النظام الإسلامي، يقر بأن المال مال الله، وأن البشر مستخلفون فيه، قال تعالي “وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه. أما النظام الاشتراكي فمن مبادئه ملكية الموارد للدولة، والنظام الرأسمالي من مبادئه ملكية الموارد للقطاع الخاص. ومن أهم عوامل تغيير السنن، إدارة العالم من خلال الإدارة بالأزمات، ومحورها إزهاق الأرواح التي حرم الله قتلها. آخر تقليعات الغرب الحديث عن المليار الرشيق، أي تقليل عدد السكان بكل السبل إلى مليار واحد ليعيش في رفاه، لذلك سلط الله عليهم الجفاف، والأمراض، والحروب. وفي ظل هذه المحن، سننقب لنجد المنح، ما دام المال مال الله، والموارد لامتناهية، وتتكاثر بالتقوي، إن شاء الله.
ـــ النظامان الرأسمالي والاشتراكي دخلا في أزمات ولم يتمكنا من الاستجابة للمشاكل الاقتصادية في العالم، ما هي مشاكل النظامين؟
* اثبتت التجارب العملية أن النظرية الرأسمالية غير قادرة علي الاستجابة الفورية في حالة الأزمات (المالية العالمية 2008، وكوفيد – 19، 2019م)، والنظرية الاشتراكية تقتل روح الإبداع والابتكار في أداء الأعمال، لذلك الجمع بين النظريتين يحقق استدامة النمو الاقتصادي. الصين مثلا عملت علي تطبيق النظامين الاشتراكي والرأسمالي منذ العام 1978، والولايات المتحدة الأمريكية منذ العام 2008م.أغلب دول العالم بما فيها السودان تطبق النظامين. النظام الرأسمالي من خصائصه: يقوم علي ملكية الموارد للقطاع الخاص ويعمل على تقديم الخدمات والإنتاج، والحرية الاقتصادية، والربح هو الدافع للإنتاج، والمنافسة الكاملة، والأسعار تحددها آلية السوق. أما النظام الإشتراكي من خصائصه: يقوم علي ملكية الموارد للدولة، التخطيط المركزي لإدارة الاقتصاد، وتقديم الخدمات عن طريق الحكومة. لذلك القطاع الخاص لايستجيب في بعض الأحيان لمعالجة الازمات، والعكس صحيح في القطاع العام، والنظام الإسلامي أكثر فعالية إذا تم تطبيقة بشفافية ومسؤولية، وتقوي وإيمان.
ــ الاقتصاد السوداني حاليا يعاني من أزمات، لكنه يمتلك ميزات يمكن أن تنقلنا إلى النمو الاقتصادي، ما الذي ينقصنا لننمو، وما هي رؤيتكم للتنمية الاقتصادية؟
* سنعمل علي تفجير الطاقات والإمكانات المتاحة والمستدامة في الاقتصاد، وذلك بإستخدام التقانات المناسبة في إنجاز العمليات الاقتصادية، بالتركيز علي الميز النسبية في الاقتصاد السوداني، وتطبيق اقتصاد المعرفة، لتحقيق ريادة الأعمال.
لا بد من التركيز على الميزات النسبية للاقتصاد السوداني وتطبيق اقتصاد المعرفة
ويهدف هذا الجهد لبلوغ مرتبة تطبيق السياسات الرشيدة في الاقتصاد، لتخفيف حدة الفقر وتحقيق التوازن التنموي المطلوب. ويتم ذلك بالعمل الإداري المستمر، وإعداد الدراسات والبحوث، وتحديد الأولويات. والتي ستكون من أولوياتها التأكيد علي أهمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تعمل علي تعجيل تحقيق الاستقرار الاقتصادي، لأنها تتناسب مع مرحلة نمو الاقتصاد السوداني الراهنة، وتمتص بطالة الشباب، وتخفف من حدة الفقر. يعزز ذلك التقييم والتقويم المستمرين للسياسات والأهداف والمشروعات الاقتصادية. ثمرة هذه الإصلاحات تهدف لتحقيق التنمية الاقتصادية بزيادة الناتج المحلي الإجمالي ودخل الفرد، وتحسين الوضع المعيشي للمواطنين (الرفاه الإجتماعي)، وتخفيض معدل الأسعار (التضخم)، وتحسين سعر صرف العملة السودانية.أي لمعالجة الاختلالات الرئيسة في الاقتصاد السوداني: الاختلال الداخلي ليكون الإنتاج أكبر من الاستهلاك، واختلال الموازنة لتكون الإيرادات أكبر من المصروفات، واختلال ميزان المدفوعات لتكون الصادرات أكبر من الواردات، وإختلال المورد البشري حتي يكون قادراً على تحويل الموارد الطبيعية الضخمة لمنافع تشبع حاجيات ورغبات المجتمع.
ـــ من المشاريع الرائدة سابقا في السودان في هذا المجال الجمعيات التعاونية لكنها شهدت ضمورا في السنوات الأخيرة مما انعكس على معاناة المواطن السوداني، كيف تنظرون إلى موضوع الجمعيات التعاونية؟
* لابد من إكمال بنيان الاقتصاد السوداني ونعني بذلك تكوين الجمعيات التعاونية في مواقع السكن والعمل، وتوليد الأموال بها في صناديق، حتى تقوم بدعم وسائل الإنتاج من جانب، وتسويق المنتجات في الجانب الآخر تتحصل على السلع الضرورية من
ريادة الأعمال هي المخرج ومجالها الريف حيث الزراعة والأعمال الصغيرة
مصادر إنتاجها بسعر المصنع، ونضعف بذلك حلقة الوسطاء، ونقوي من حلقة شركاء الإنتاج الحقيقيين (الممول، المنتج، والمستهلك). وجود الجمعيات القاعدية يجعلنا لا نحتاج للأسواق المؤقتة للبيع المخفض، وتعمل على تخفيض أسعار السلع الاستهلاكية، وتتحكم في تسويق منتجات الجمعيات بالسعر المجزي، وفي حالة تدني الأسعار تسلم المنتجات للجمعية، مقابل سلفية حتي تزيد الأسعار، وتكون الأرباح الزائدة على يوم تسليم المحصول شراكة بين الجمعية والمنتج. بالإضافة لتوليد الاموال من الموارد الذاتية والمدخرات المحلية للجمعات، يمكن للجمعيات الحصول على التمويل من المؤسسات المالية العامة، والخاصة ومنظمات المجتمع المدني.
اس الإصلاح الاقتصادي يكمن في تنظيم المجتمع في الجمعيات لأنها تمثل استكمال بنيان الاقتصاد السوداني، وهي تمثل أساس التنمية المستدامة. وللاقتصاديين مقوله “المجتمع بلا تكوينات قاعدية كالاستاد بلا شباك فأن لنا أن نحقق أهداف”. فهي محاضن تطبيق السياسات الاقتصادية، وتحقيق التنمية المستدامة، والرفاه الإجتماعي.