تقاريرسياسة شرعية

الشيخ د. محمد عبد الكريم: ما هي المنجيات الثلاث والمهلكات الثلاث؟!

تقرير: عبد العزيز ضيف الله
تناول الشيخ د. محمد عبد الكريم، في خطبة الجمعة أمس، بالشرح حديث ابن عمر رضي الله عنه، الذي أخرجه البيهقي والطبراني: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(ثلاث منجيات وثلاث مهلكات، فأما المنجيات: فتقوى الله في السر والعلانية، والقول بالحق في الرضا والسخط، والقصد في الفقر والغنا، وأما المهلكات: فشح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه).
المنجية الأولى تقوى الله في السر والعلانية:
أكد الشيخ أن تقوى الله ملاك الأمور، وأوضح أنها تكون بمراقبة الله تعالى على الدوام، وأن يستحي المرء أن يراه الله حيث نهاه أو أن يفقده حيث أمره، موضحا أنها منجية من كل كرب وجالبة للرزق، مؤكدا أن العبرة في تقوى الله وخشيته تكون باستحضارها عند غياب الناس، مستشهدا بقول الله عز وجل (إِنَّ ٱلَّذِینَ یَخۡشَوۡنَ رَبَّهُم بِٱلۡغَیۡبِ لَهُم مَّغۡفِرَةࣱ وَأَجۡرࣱ كَبِیرࣱ)
[سورة الملك 12]

المنجية الثانية قول الحق عند الغضب والرضا:
قال إنها عنوان الصدق والعدل والتوفيق وأكبر برهان على الإيمان، ففيها قهر العبد لغضبه وشهوته، فلا يخرجه الغضب والشهوة من أن يتكلم بالحق ولو في أقرب الناس عنده، ويلزم الصدق، لا يحمله الغضب على أن يزور الأقوال لو كان هذا الذي يحكم فيه من أعدائه، كما لا يحملنه الهوى أن يكتم الحق لو على أقرب الناس إليه، لافتا إلى حاجة الناس في هذه الأزمان المضطربة إلى هذه المنجية، لأن حال الناس هذه الأيام إذا غضبوا جاروا، وإذا رضوا رفعوا من يرضون عنه إلى عنان السماء.
المنجية الثالثة- القصد في الفقر والغنى:
مشيرا إلى أن القصد ألا يبالغ في الإنفاق إذا يسر عليه ولا يقتِّر على نفسه في ذات الوقت، مشيرا إلى أن ذلك من علامات قوة العقل وحسن التدبير وامتثال إرشاد الرب سبحانه وتعالى، وقال إن في ذلك إشارة إلى أن الإسلام جاء بصلاح الدنيا والآخرة. مضيفا أن الاقتصاد خلق محمود يتولد منه خلقان عظيمان وهما العدل والحكمة لأنه يضع كل شيء في نصابه، موضحا أن الإمساك في مواضع الإنفاق مذموم، والإنفاق في مواضع الإمساك أيضا مذموم،
وقال الشيخ محمد عبد الكريم أن هذه المنجيات الثلاث جمعت كل خير في حق الله وحق النفس وحق العباد
كما تناول الشيخ الثلاث المهلكات موضحاً أن:
المهلكة الأولى هي الشح المطاع:
وعرف الشح بأنه منع الحقوق، وهو يشمل البخل لكنه أسوأ منه، مستشهدا بقول عبد الله بن عمرو رضي الله عنه البخيل يشح علىَ ما في يديه والشحيح يشح على ما في أيدي الناس، مضيفا أن الشح يجمع البخل والظلم بالتعدي على ما في أيدي الناس ومنع حقوقهم، ولهذا حذر النبي صلى الله عليه وسلم من شح آخر الزمان، (يقارب الزمان وينقص العمل ويلقى الشح ويكثر الهرج)، ومذكرا بقوله صلى الله عليه وسلم (شر ما في الرجل شح هالع وجبن خالع)، موضحا أن الشح يحمل على العقوق وقطيعة الرحم، ومنع مال اليتيم، وأكل أموال الناس، والغش، والربا وكل ما هو ذميم.

المهلكة الثانية – هوى متبع:
ابتدر حديثه مستشهدا بقول الله تعالى (وَمَنۡ أَضَلُّ مِمَّنِ ٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ بِغَیۡرِ هُدࣰى مِّنَ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ)
[سورة القصص 50] مشيرا إلى أنه ينبغي على المرء أن يجتهد في منع نفسه عن الهوى لأنه جامحة ميالة إلى الدعوة والراحة.

المهلكة الثالثة – إعجاب المرء بنفسه:
وقد عدّها الشيخ من أعظم المهلكات، لأن العجب باب إلى الكبر الزهو والغرور ووسيلة إلى الفخر والخيلاء وطريق إلى احتقار الناس الذي هو من أعظم الشرور،
وأضاف أن العجب هو أن يستعظم نفسه ورأيه وما أوتيه، فمن الناس من يعجب برأيه وذكائه، ومن الناس من يعجب بجسمه وقوته، منهم من يزهو بماله وبيته ومركبه،
وأوض الشيخ أن مما ابتلينا به اليوم إعجاب الناس بتنظيماتهم بجماعاتهم، فيقدمونها على كل شيء حتى على الحق الذي يكون واضحا بينا، فيتعصب بعضهم لجماعته وتنظيمه فيرى أن الحق في هذا التنظيم وهذه الجماعة ويتطاولون على الجماعات الأخرى، وأضاف أن بعض الناس يعجب بمقالة كتبها فلا يتراجع عنها وإن ذل قلمه في موضع منها! بل وبعض الناس يعجب بعمله الصالح فيتطاول به على الخلق فيحرم هذا العمل الصالح، وربما ابتلى بذنب عظيم لا يستطيع الانفكاك منه.

إنضم الى احدى مجموعاتنا على الواتس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى