استطلاعاقتصاد

استطلاع: أصحاب المركبات شككوا في جدواها وخبراء حذروا منها.. تسعير تعرفة المواصلات بالكيلو  يثير استياء المواطنين

 

*طالب جامعي: ستزيد من معاناتنا كطلاب*
*سائق مركبة: مية المية معانا ولكن سينعدم الركاب*
*سائق مركبة:غير منصفة ولن أطبقها وليأتي من يحاسبني*
*خبير اقتصادي: مثير للجدل ويسبب إشكاليات تعطل حركة المواصلات بالذهاب إلى أقسام الشرطة*

شهدت بالبلاد في الآونة الآخيرة ارتفاعا متكرراً في تعرفة المواصلات بشكل كبير نتيجة للزيادات المتكررة في أسعار الوقود، وحتى بعد التخفيض في أسعار الوقود في بداية الشهر الحالي لم تنخفض تعرفة المواصلات العامة، ودار جدل حول ضرورة خروج منشور يتبع التخفيض بتعديل تعرفة المواصلات، ومن وقتها  كثيراً ما يدخل الركاب في ملاسنات حادة مع أصحاب المركبات باعتبار أنهم يزيدون قيمة التذكرة بمجرد زيادة أسعار الوقود، ولكن عند التخفيض لا يتبع ذلك نقصان لتعرفة المواصلات..
ولكن الجديد في أنه في الأحد 19 سبتمبر حددت غرفة النقل والمواصلات بولاية الخرطوم، 25 جنيهًا قيمة التعرفة عن كل كيلو متر تقطعه المركبات العامة بولاية الخرطوم، زعما منها أنها بذلك تراعي ظروف المواطنين، وفي نفس الوقت تحفظ لأصحاب المركبات حقوقهم وتضمن لهم الاستمرار في العمل، ولكن كيف ينظر المواطنون وأصحاب المركبات وخبراء الاقتصاد إلى التعرفة الجديدة.. عبر المساحة التالية أجرت شبكة (الطابية) الإخيارية استطلاعا واسعا حول الموضوع.

*أجرته:منال صديق*
في البداية التقت (الطابية) بأبو أحمد سائق حافلة على خط السامراب- السوق العربي، حيث ابتدر حديثها ضاحكا: “بالنسبة لنا نحن مية المية.. ولكنها ستقضي على بقية الركاب الذين يستقلون المواصلات!. لأن  التزكرة القديمة بي (500) جنيه وكان هنالك تراجع كبير في عدد الركاب بسبب ارتفاع سعرها، فكيف إذا حددنا سعرها بالمسافة بالكيلو ستصبح وقتها (750) جنيها، وقال أبو أحمد إنها ستكون مرهقة جدا للركاب وستكون سببا في أن تتحول كل العربات للعمل في الخطوط الطويلة، مما يؤدي إلى نقص في المركبات التي تعمل في الخطوط القصيرة، بل ستنعدم بحسب مايرى سائق حافلة بخط منطقة السامراب(ببحري).

تلاعب وفوضى:
من جانبها أستنكرت المواطنة (أميمة أحمد) من منطقة الكدرو ببحري تحديد التعرفة بالكيلو قائة” يبدو أن من حددها قد زار دولة بها شوارع ليست كشوارعنا والمسافات محددة بالكيلو، وقد يكون شخصا جاهلا تماما بحال شوارعنا ورداءتها وتناسى أنه في أيام التظاهرات يمكن أن تسلك المواصلات شوارع تزيد من مسافتها عن تلك التي تعبرها يوميا، فهذا يعني أن التذكرة في أيام المظاهرات ستكون أضعافا مضاعفة. وقالت أميمة إنها تعمل في العمارات شارع 15 وتذهب يوميا بي (600) جنيه أذا حسبت بالكيلومترات ستدفعا وقتها 1200 ذهابا، هذا أذا لم يستغل أصحاب المركبات الأمر وكل يحسب مسافته بعدد كيلومترات بعيدا عن الواقع بما يغطي معه ويأتي منه بعائد أفضل وقالت أميمة إن الأمر ليس فيه إنصاف لها كمواطنة وسيزيد من تلاعب أصحاب المركبات بسعر التعرفة خاصة في ظل غياب الرقابة، وتساءلت عن من يركب وينزل في الشارع ولم يقطع مسافة كيلو واحدة فكيف سيحسبها صاحب الحافلة؟ وهل ستكون بصورة منصفة وعادلة؟ وقالت المواطن اميمة إن تحديد التعرفة بالكيلو لن ينجح ولن يتقبله الكثيرون سواء مواطنون أو اصحاب مركبة ألا من يجد بها منفعة فقد يتمسك بها.

مصلحتنا ولكن!! :
أما المواطن عبد الرحمن أحمد موظف يسكن منطقة الدروشاب ببحري ويعمل في شمبات فيقول الأمر أذا طبق فسيكون في مصلحتنا لأن وقتها تذكرة مواصلاتنا إلى بحري ستنخفض إلى اكثر من مئة جنيه من 500 ستصبح 325 ولكن من أين سنتحصل على الـ 25 جنيها، ومن أين سياتي لنا صاحب المركبة بباقي الدفع إذا انعدمت فئة الـ 20 جنيها والعشرة جنيهات والخامسة؟!.. فيري الموظف عبد الرحمن أن الأمر فيه تلاعب واستهتار بمعطيات واقعنا، وتوقع عبد الرحمن عدم تطبيق التعرفة إلا من له مصلحة من أصحاب المركبات في حالة أن تطبيق التعرفة سيزيد عن قيمة تعرفته السابقة، وأشار إلى الكيفية التي سيحسب بها الكيلومتر خاصة، أن شوارع الخرطوم ليست بها علامات للكيلو، ورأى (عبد الرحمن) أن الأمر سيحدث فوضى وربكة،  وأنها غير مجدية وغير عملية وفاشلة من الآن، لا الجمهور ولا الكمساري يعرفون عدد الكيلومترات، فكيف ستحب لما يركب من مسافة أقل من كيلو وينزل هل ستحسب له التذكرة كاملة أم بالمسافة التي قطعها.

تحدى كبير:
أما مبارك الطيب صاحب عربة كريز بخط (كبري الحلفايا مهداوي) فقال إنهم سيتضررون بحكم أن مسافة الخط الذي يعمل به لا تتجاوز الخمسة كيلومترات، يعني بـ (125) جنيها!!.. إذا كانت بـ 500 ومابتغطي معنا، وفي بعض الأحيان ننقصها ولا نجد ركاب!! فهذا سينهي المركبات التي تشتغل في الخطوط القصيرة، ووصف صاحب عربة (الكريز) الأمر بأنه غير منصف لهم و سيواجه بالكثير من التحديات ومنها العدادات والمسافة التي تكون أقل من الكيلو، وقال إن القرار غير مفهوم، كما أن بعض المواطنين ينزلون في مسافة أقل من الكيلو، كيف تحسب التعرفة لها، وتساءل مبارك: وأين تتوفر فئة (25) جنيهاً؟، وطالب بتحديد تعرفة محددة وملزمة من الجهات المختصة تراعي حقوقنا كأصحاب عربات ولكنهم لن ينجحوا بواقع الحال وما فيه من أسعار وقود واسبيرات وغلاء الأسعار العام بالبلد.. وقال مبارك إنه لن يطبق التعرفة ولياتي مسؤول أو حاكم ليحاسبه.
أما (هيثم كمال)، الطالب بجامعة الخرطوم، فقدانتقد تعرفة الكيلو قائلا” البلد دي ماشه بالتخبط وشغالين يطلعو قرارات غير مدروسة وليست بها فهم بواقع الحال ولا لما يمكن أن يوصلنا له الأمر، فكيف سيتم التعامل معنا كطلاب بهذه التعرفة؟!.. نصف المسافة أو (ربع أونصف الكيلو) وقال إنه يركب من بحري المحطة الوسطى لجامعة الخرطوم والمسافة يمكن أن تكون أقل من كيلو فكيف سيتم محاسبتي وأين هي فئة الـ(25) جنيهاً بعد أن انعدمت كل الفئات الصغير من التداول بمزاج التجار وليس بمنشور رسمي يلغيها؟!.. فهل ستضخ الدولة فئات ورقية صغيرة لتنفيذ هذا القرار؟!.. وراى الطالب بجامعة الخرطوم أن في القرار تخبطا وسيزيد من معانتهم كطلاب.

مثير للجدل:
من جانبه وصف الدكتور محمد الناير الخبير الاقتصادي في تصريحه لـ (الطابية) قرار حساب تعرفة المواصلات بالكيلو بأنه مثير للجدل ولايحقق النجاح المطلوب وسيؤدي إلى إشكاليات كثيرة بين الركاب وأصحاب المركبات ستعطل حركة المواصلات بالذهاب الي أقسام الشرطة، مشيرا إلى أن مسالة الكيلومترات قضية تقديرية بها الكثير من الجدل حول المسافة فعلا كما حددت، أقل ام أكثر؟.. وهذا لن يعالج القضية بصورة جذرية، المعالجة تكون من الدولة بتخفيض المزيد من اسعار المحروقات بما يتناسب مع الانخفاض الذي حصل بالأسواق العالمية، وبنفس الوقت تعالج الدولة قضية ارتفاع الأسعار الخاصة باسبيرات السيارات بما يعالج قطاع النقل بصورة كبيرة، فضلا عن وجود حالة من الركود الاقتصادي والتضخم وهذا قد طال قطاع النقل، ووسائل النقل الآن لا تعمل كما كانت تعمل في السابق، بل تعمل في اليوم مشوارا واحدا او مشوارين ذهابا وعودة على أكثر لأنه قد يغطي أحيانا تكاليف الوقود والسائق والكمساري وأيضا العائد الذي يعود على صاحب المركبة وبالتالي فالمشهد معقد، وتحديد تعرفة في ظل سياسية التحرير تسبب تعقيدات كثيرة جدا فالسودان استمر لفترة طويلة لا يحدد تعرفة للمواصلات، وكان من الأفضل أن تكون للدولة القدرة على إنشاء شركة لقطاع  النقل العام كما هو الحال في كل دول العالم والعواصم العربية، وقتها يمكن أن تتدخل لتحديد تعرفة المواصلات!!.. مثل هذه الظروف، حتى وإن حصل ارتفاع في أسعار المحروقات، فالمعالجة لابد من النظر إليها بصورة كلية، ومن الضروري الجلوس مع النقابات التي تتبع لها وسائل النقل للتفاوض معهم والتوافق على ترتيبات محددة يمكن العمل بها حتى نتفادي حدوث إشكالات في تحديد تعرفة المواصلات.

منهجية جديدة:
من جانبه يري البروفيسور عصام عبد الوهاب بوب، الأكاديمي والخبير الأقتصادي، أن الحكم سابق لأوانه، ورأى ضرورة أن يخضع الأمر للتجربة، وأشترط تحقيقها لفوائد عديدة أذا طبقت بصورة عادلة وتراعي التكلفة الحقيقية للنقل، وأضاف بوب الخبير الأقتصادي بأن تحديد تعرفة المواصلات بقيمة محددة ليس بدعة ولا منهجية جديدة في المواصلات العامة، بل هي أمر محمود ومنطقي وكانت متبعة من قبل بالسودان، قبل أن ينقلب الحال الى الفوضى الموجودة حاليا بعد دخول الحافلات وعربات النقل التي تقل 11 راكبا وغيرها من وسائل النقل، وربط الخبير الاقتصادي بين الفوضى في تعرفة المواصلات وبين الفوضى الأقتصادية التي سادت البلاد منذ سنوات طويلة، كأن يجبر صاحب الحافلة او الهايس المواطن على دفع الفاتورة التي يحددها أو يجبره على النزول! وكذلك التاجر يفعل أمراً مماثلا مع المستهلك المشتري برفض البيع، ويذهب القانون الذي يحاسبهما الي الجحيم، مما يعكس الفوضى المطلقة في سبل الإدارة التي تعيشها البلاد.

إنضم الى احدى مجموعاتنا على الواتس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى