الاتحاد السوداني للعلماء والدعاة يرد على الاعتراضات الموجهة لمبادرة نداء أهل السودان من قبل بعض المحسوبين على الدعوة

الخرطوم: الطابية
دعا الاتحاد السوداني للعلماء والأئمة والدعاة (إسعاد) إلى التزام الإنصاف وأدب القرآن في نقد المخالف، مؤكداً أن ذلك خلق الإسلام ومنهج الربانيين.
جاء ذلك في بيان أصدره اليوم ردا على اعتراضات بعض المحسوبين على الدعوة والعلم الشرعي على مبادرة نداء أهل السودان التي أطلقها الشيخ الطيب الجد خليفة سجادة أم ضوا بان.
وأوضح البيان أن مبادرة نداء أهل السودان، بصرف النظر عن من أطلقها، تدعو إلى الحكمة والتعقل وجمع كلمة السودانيين وقطع الطريق على التدخلات الأجنبية، مبينا أنها مقاصد شرعية، وأن التعامل معها تسنده الأدلة من الكتاب والسنة.
ودعا البيان الذين أطلقوا ألسنتهم بالهمز واللمز والسخرية والتنابز بالألقاب من خلال المقاطع الصوتية والمرئية على وسائل التواصل الاجتماعي، أن يكفوا ألسنتهم عن كُلّ مايُثير ويُغضب ويُشتت الشمل ويُفرّق، وأن يلتزموا أدب القرأن في نقد المخالف.
وفيما يلي تنشر الطابية نص البيان:
♦️بيان الاتحاد السوداني للعلماء والأئمة والدُّعاة (إسعاد)حول بعض الاعتراضات على مبادرة نداء أهل السودان♦️
في 16 محرم 1444هجري
الموافق له 14 أغسطس 2022
﷽
الحمد لله القائل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (8) المائدة
والقائل(وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا )(152) الأنعام
والصلاة والسلام على النّبي القدوة والرسول الأسوة الذي كان خلقه القران ؛فلم يكن فاحشًا ولا مُتَفَحِّشًا ولا صَخَّابًا في الأسواقِ، ولا يَجْزِي بالسيئةِ السيئةَ.
أمّا بعد:
فقد انتشرت بعض المقاطع الصوتية والمرئية لنفرٍ من المحسوبين على العلم والدَّعوة في بلادنا السودان جانبوا فيها الإنصاف ،وركبوا مركب الإجحاف وسلكوا سبيل الاعتساف وأرخوا لمركب الهوى عنانه ، فكان جُلُّ همهم النيل من أعراض عباد الله، فأطلقوا ألسنتهم بالهمز واللمز والسخرية والتنابز بالألقاب يَصُكُّون به عِباد الله صكَّ الجَنْدَل.
ونظرًا لما يترتب على مسلكهم وطريقتهم من الضرر الكثير والكبير على العلم والعلماء والدّعوة والدُّعاة نحو رميهم بسوء الخلق وبذاءة اللسان وغيرها من التُّهم التي يروج لها خصوم الدّين والمِلّة ؛ فإنّ الاتحاد السوداني للعلماء والدُّعاة يصدر هذا البيان لايضاح جملة من الأمور:
♦️أولاً:
((الإنصاف)) خلق عزيز يتوارثه الربانيون بما استحفظوا من كتاب الله فمن لم يكن ربانيا لاينصف ، وكتاب الله تعالي زاخر بالأيات التي ترشدنا إلى هذا الخلق ، وحسبنا من تلك الأيات ما جاء في مواطن شتى من سورة آل عمران
في انصاف أهل الكتاب ؟؟
قال تعالى:((ومِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ۗ..)َ) 75 آل عمران
وقال تعالى :((لَيْسُواْ سَوَآءً مِّنْ أَهْلِ الكتاب أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ الله آنَآءَ الليل وَهُمْ يَسْجُدُونَ يُؤْمِنُونَ بالله واليوم الآخر وَيَأْمُرُونَ بالمعروف وَيَنْهَوْنَ عَنِ المنكر وَيُسَارِعُونَ فِي الخيرات وأولئك مِنَ الصالحين)) [آل عمران: 113 – 114] .وقال تعالى:((وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ۗ أُولَٰئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَاب))ال عمرانِ (199)
فمن تأمل وتدبر الأيات السابقة من سورة آل عمران لاستبان له أن الإنصاف هو منهج القران وأنّ من جانب الانصاف فقد خالف القران.
♦️ثانيًا :
قال تعالى:(وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ كَذَٰلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (108) الأنعام
قال القرطبي رحمه الله :
” نهى سبحانه المؤمنين أَنْ يَسُبُّوا أَوْثَانَهُمْ ، لِأَنَّهُ عَلِمَ إِذَا سَبُّوهَا نَفَرَ الْكُفَّارُ وَازْدَادُوا كُفْرًا.
وقَالَ الْعُلَمَاءُ: حُكْمُهَا بَاقٍ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ ، فَمَتَى كَانَ الْكَافِرُ فِي مَنَعَةٍ ، وَخِيفَ أَنْ يَسُبَّ الْإِسْلَامَ ، أَوِ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، أَوِ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَسُبَّ صُلْبَانَهُمْ وَلَا دِينَهُمْ وَلَا كَنَائِسَهُمُ ، وَلَا يَتَعَرَّضُ إِلَى مَا يُؤَدِّي إِلَى ذَلِكَ ، لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْبَعْثِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ ” انتهى من ” تفسير القرطبي.
وقال السعدي رحمه الله :
” ينهى الله المؤمنين عن أمر كان جائزا ، بل مشروعا في الأصل ، وهو سب آلهة المشركين ، التي اتخذت أوثانا وآلهة مع الله ، التي يُتقرب إلى الله بإهانتها وسبها.
ولكن لما كان هذا السب طريقا إلى سب المشركين لرب العالمين ، الذي يجب تنزيه جنابه العظيم عن كل عيب، وآفة، وسب وقدح -نهى الله عن سب آلهة المشركين، لأنهم يحمون لدينهم ، ويتعصبون له ……
وفي هذه الآية الكريمة ، دليل للقاعدة الشرعية وهو أنّ الوسائل تعتبر بالأمور التي توصل إليها، وأنّ وسائل المحرم ، ولو كانت جائزة ، تكون محرمة ، إذا كانت تفضي إلى الشر ” انتهى من ” تفسير السعدي
وبناءً على ماسبق فالواجب على أولئك النّفر أن يكفّوا ألسنتهم عن كُلّ مايُثير ويُغضب ويُشتت الشمل ويُفرّق ، وأن يلتزموا أدب القرأن في نقد المخالف فقد قال تعالى:(اذْهَبَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ 43 فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ 44 ) طه
وكان الأولى بهم أن يتقدموا بالنّصح والتبيين لما اشتملت عليه المبادرة من مخالفات شرعية ،بدل التسفيه والتهكم وقبيح المنطق ، الذي يغري الشيطان ؛قال تعالى: (وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا (53) الإسراء
♦️ثالثًا:
إنّ المبادرة التي أُطلقت تحت مسمّى نداء أهل السودان -بغض النظر عن الجهة التي اطلقتها – والتي تدعوا إلى التعقُّل والحِكمة وتنادي بجمع كلمة السودانيين ما أمكن وتقطع الطريق أمام التدخلات الخارجية وتؤكّد على سودنة حلول مشاكل البلاد والعباد .
مبادرة لا تعارضها نصوص الشريعة من كل الوجوه ؛ وإنّما فيها مايوافق مقاصد الشريعة الربانية من حفظ الدّماء والأعراض والأموال وبسط الأمن ومحاولة ايقاف نزيف الحروب العصبية والقبلية. وهي مظهر من مظاهر التعاون على البِّر والتقوى الذي حث الله سبحانه وتعالى عليه في كتابه الكريم.
♦️رابعًا:
إنّ في سيرة رسول الله ـ ﷺ ـ مواقف تدلُّ على مشاركته لقومه قضاياهم المهمة، مادام فيها حقا وعدلا، وموقفه لا يتعارض مع رفضه دين قريش وتصوراتها الخاطئة، ومعتقداتها الشركية، وأخلاقياتها الفاسدة ؛ فاشترك ـ ﷺ ـ في حلف الفضول؛ الذي كان تجمُّعا وميثاقا إنسانيا تنادت فيه بطون العرب لنصرة المظلوم، والدِّفاع عن الحقوق المغصوبة والمنهوبة وقطع دابر الفوضى بين النّاس.
تداعت إليه قبائل من قريش؛ بنو هاشم، وبنو المطلب، وأسد بن عبد العزى وزهرة بن كلاب، وتيم بن مرة، فاجتمعوا في دار عبد الله بن جُدْعان التيمي؛ لسنِّه وشرفه، فتعاقدوا وتعاهدوا على ألاَّ يجدوا بمكة مظلومًا من أهلها، وغيرهم من سائر الناس إلا قاموا معه، وكانوا على من ظلمه؛ حتى ترد عليه مظلمته، وشهد هذا الحلف: رسول الله ـ ﷺ ـ وقال بعد أن أكرمه الله بالرسالة: «لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفًا ما أحب أنَّ لي به حُمر النّعم، ولو أُدعى به في الإسلام لأجبت». قال الألباني صحيح بشواهده وطرقه/ فقه السيرة
♦️خامسًا :
يجدد الاتحاد وقوفه ودعمه لمبادرة نداء أهل السودان
وفي ذات الوقت يعلن رفضه للأساليب والطرائق التي ينتهجها بعض المحسوبين على العلم والدعوة في رفض المبادرة وتسفيهها
وختامًا:
نسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يهدينا سواء السبيل
♦️الأمانة العامّة
إنضم الى احدى مجموعاتنا على الواتس