تقاريرسياسة

إعدام الأسرى السودانيين لدى إثيوبيا.. وانعكاساته على الداخل السوداني والعلاقة بين البلدين!!

تقرير/ عبد العزيز ضيف الله

أدى قيام القوات الإثيوبية بإعدام 7 من الجنود السودانيين الأسرى لديها، إلى رفع حالة من توتر في العلاقات بين الخرطوم وأديس أبابا، وهو توتر موجود مسبقاً بسبب ملفي “سد النهضة” و”الصراع على الشريط الحدودي” في منطقة الفشقة.. وكان الحدث بمثابة صب الزيت على النار.

ووصفت القوات المسلحة الحادث بأنه عملية إعدام بحق الجنود السبعة ومواطن مدني قامت بها القوات الإثيوبية بعد اختطافهم، قبل شهر، من داخل الأراضي السودانية، موضحة أنها قد تم التمثيل بجثث الشهداء وعرضها على المواطنين، معتبرة ذلك خرقاً لكل الأعراف والقوانين الدولية خاصة اتفاقية جنيف والملحقات التابعة لها.

مساران للرد السوداني:

وبدت الحكومة السودانية غاضبة جداً مما حدث من انتهاك بحق الأسرى، بقتلهم والتمثيل بجثثهم، واعتبرت ذلك تعدياً سافراً على السودان، وجاء الرد الرسمي سريعاً، متمثلاً في مسارين؛ مسار عسكري، وآخر دبلوماسي، حيث توعدت القوات المسلحة السودانية بالرد الحاسم على الحادث، الأمر الذي لم ينتظر طويلاً، فقد وصل على جناح السرعة الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي القائد العام للجيش، لمنطقة الفشقة الحدودية، في زيارة خاطفة، ليأتي بعدها الرد سريعاً، حيث قام الجيش بهجوم كاسح على مواقع الجيش الإثيوبي والمليشيات الموالية له داخل الأراضي السودانية، وبسط سيطرته على منطقة “قلّع اللبان” بالفشقة الصغرى، بحسب مصادر عسكرية.

وفي الجانب الدبلوماسي استدعت الخارجية السودانية، الاثنين، السفير الإثيوبي، لإبلاغه رسمياً احتجاج السودان على العدوان الإثيوبي، وبحسب مصادر مطلعة فإن وزير الخارجية المكلف السفير على الصادق رفض مصافحة السفير الإثيوبي وأبلغه إدانة السودان وشجبه بأشد العبارات ما أقدمت عليه إثيوبيا من عمل شنيع ووحشي وبربري يتنافى مع القوانين الدولية ويتعارض مع الأديان السماوية والأخلاق والقيم الإنسانية وحسن الجوار.. كما قدّمت الخارجية شكوى لمجلس الأمن الدولي، ولمفوضية الاتحاد الأفريقي، ومجلس السلم والأمن التابع لها، كما نورت السفراء الأفارقة بالحدث ما قامت به من إجراءات.

الجانب الإثيوبي ..التملّص وسيلة للخروج من المأزق وجدت الحكومة الإثيوبية نفسها في مأزق، بسبب الحادثة التي وقعت في وقت دقيق من الناحية الدبلوماسية بالنسبة لها، فهي على أعتاب “الملأ الثالث لسد النهضة” مما أعاد للسطح الأزمة الدبلوماسية بينها وبين مصر والسودان.. ووقوع الحادثة في هذا التوقيت بالذات يجعل الجانب السوداني يتصلب أكثر في مساندة الجانب المصري.. بالإضافة إلى الصراع على الشريط الحدودي الذي ما زال محتدماً، والحادثة تعطي الجيش السوداني ذريعة للتقدم أكثر في تحرير مزيد من الأراضي السودانية المغتصبة من الجانب الإثيوبي.

وأزاء ذلك لجأت الحكومة الإثيوبية إلى إلقاء مسؤولية الجريمة على عاتق من أسمتهم بـ “المليشيات المحلية”، وقالت الخارجية الإثيوبية إن الحكومة الإثيوبية ستفتح تحقيقاً في هذا الملف مبدية أسفها للخسائر في الأرواح، كما لجأت تغليب خطاب المهادنة، حيث دعت الجانب السوداني إلى التحلّي بضبط النفس وعدم التصعيد وعدم اتخاذ إجراءات من شأنها أن تؤزم الموقف.

ومضت الخارجية الإثيوبية أكثر في إدارج الحادث في إطار نظرية المؤامرة، وأكدت في بيانها أنّ الحادث “كان متعمّداً من أجل تقويض العلاقات العميقة بين شعبي إثيوبيا والسودان، وأنّ الحادث يهدف إلى عرقلة طريق إثيوبيا نحو السلام والتنمية”.

انعكاسات الحادث على الداخل السوداني يرى بعض المراقبين أن المكون العسكري، استفاد من الحادث الذي متزامناً مع بلوغ الأزمة السياسية بين المكون العسكري في السلطة الانتقالية من جهة، والمناهضين لإجراءات 25 أكتوبر من اليساريين وأحزاب قوى الحرية والتغيير من جهة أخرى، درجة عالية من التصعيد..

ويرون أن هذه الاستفادة تمثلت في التعاطف الذي كسبته القوات المسلحة من جانب السودانيين بعد الحادث الذي استفز مشاعرهم الوطنية، ودعم ذلك الخطوات التي قام بها البرهان بزيارته السريعة للمنطقة الحدودية وتعزيته ذوي الشهداء، وما أعقب ذلك من رد سريع للجيش السوداني بقصف مواقع القوات الإثيوبية والمليشيات الموالية لها، الأمر الذي وجد استحساناً كبيراً، مثَّل سنداً قوياً له في معركته السياسية..وفي نفس الوقت وضع خصومه السياسيين في حرج كبير بين إبداء مساندهم للجيش الذي يصفونه بالانقلابي ويحملونه وزر قتل المدنيين، وبين السكوت الذي سيضعهم في خانة الخونة للوطن!!.. ولذلك علق بعض قادتهم على استحياء مستنكراً إعدام الأسرى السودانيين.

إنضم الى احدى مجموعاتنا على الواتس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى