سياسةكاتب ومقالمقالاتمقالات

بكري المدني يكتب: استشهاد المجتبى – الفوارق بين الشرطة والشباب 

خاص/ الطابية

استشهاد الشاب محمد المجتبى متأثرا بدهس عربة نظامي يتبع لقوات الشرطة مع سبق التعمد على الأذى والذي أدى لقتل المجتبى، هذا الفعل المتعمد يجب أن يخضع- فوق المحاكمة والمحاسبة قصاصا للشهيد وتنقية لصفوف الشرطة ممن هم غير جديرين للعمل بها – هذا الفعل يجب أن يخضع لدراسة حالة قبل أن يتحول إلى ظاهرة يزداد عدد ضحاياها مع الأيام من الشرطة أو من الشباب أو من الاثنين معا.

إن استشهاد المجتبى لم يكن الأول بين الشباب على أيدي القوات النظامية منذ اندلاع الثورة في العام 2018م، كما إن القوات النظامية فقدت في الأحداث الجارية والمستمرة بعض منسوبيها، ولعل أشهر شهداء الثورة من الشرطة الضابط بريمة، ومنذ اندلاع الثورة بدأت المواجهات المباشرة بين الشرطة والشباب تأخذ شكلا مختلفا بعيدا عن خروج الشباب لممارسة حقهم في التظاهر، وبعيداً عن تواجد الشرطة لممارسة واجبها في حفظ الحق العام والخاص معا، بما في ذلك أرواح الشباب أنفسهم، فقد بدأت المواجهات بالهتاف (كنداكة جاء بوليس جرا) وتطور للتمترس خلف المتاريس والتي ابتدعت في الأساس لتعطيل حركة الشرطة من ملاحقة الشباب داخل شوارع الأحياء وإن لم تمنع عنهم الأذى والموت في كثير من الحالات.

إن المواجهات بين الشباب والشرطة، التي أصبحت تتخذ شكلاً وكأن أي طرف من الإثنين أصبح يخرج للقاء الآخر، وتنوعت أهدافها ما بين استهداف المركبات وأقسام الشرطة حتى الضرب والقتل، ولكل فريق بينهما نصيب من الفعل ورد الفعل.

لا شك أن للحالات، موضوع الذكر، لها جذور قديمة متعلقة بالصورة الذهنية السائدة للشرطة في ذهن كثير من الناس، الذين يرون فيها خصما أكثر من كونها حاميا، ولذلك أسباب كثيرة منها حرص الشرطة على تطبيق القانون والنظام، وبعض الناس لا يرضى بذلك، ولكن ما يهمنا هنا موضع الإثنين خلال التظاهرات ذات الطابع السياسي، التي تضع الشرطة تحديدا في مقارنة مع الجيش، فالأخير بحكم مهامه ولوائحه غير معنى بالتصدي للتظاهرات السياسية بل نجده عندما تبلغ المظاهرات مستوى معينا ينحاز فيها للشعب استجابة للهتاف الداعي (جيش واحد شعب واحد)، على نقيض هتافات مؤلمة أخرى تحط من قدر الشرطة على شاكلة الهتاف الشبابي الشهير (الكاكي جميل لابسنه حمير لكن معليش لابسنه الجيش) والمقارنة المؤذية واضحة وفاضحة.

إن مؤشرات المواجهات الجارية بين الشرطة والشباب لا تخفى، وتتمظهر في الفوارق الثقافية والاجتماعية والطبقية بين الاثنين، وهذى من الحالات التي يجب أن تخضع للدراسة والمراجعة قبل أن تتحول إلى ظاهرة يصعب السيطرة عليها وتكون خسائرها ونتائجها وضحاياها بما يهدد المجتمع والدولة كلها بالانهيار في الآخر.

من الملاحظ أن الفوارق المذكورة أعلاه ناتجة في الأساس عن أحوال النشأة المختلفة للطرفين، ففي حين أن أغلب شباب الثورة اليوم ينحدرون من أسر ميسورة الحال مقارنة بالكثير من أفراد الشرطة، نجد إلى ذلك تباينات واضحة في الخلفيات الاجتماعية والثقافية للطرفين، وهي فوارق يجب أن تضع موضع الاعتبار لأنها محفز للمواجهات المباشرة ومحفز على تحول الأمر وكأنه قضية شخصية بين الطرفين.

إن القانون وحده ليس كافيا ههنا لردع الحالات وكبحها، حتى لا تتحول إلى ظاهرة، لذا لابد أن تكون الدراسات النفسية والاجتماعية حاضرة لأجل معالجات أكثر شمولا وعمقا

إنضم الى احدى مجموعاتنا على الواتس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى