في إفادات للطابية المهندس عبد الله مسار رئيس حزب الأمة الوطني: البعثة الأممية يجب أن تغادر اليوم قبل الغد
البعثة الأممية دخلت السودان خلسة ويجب أن تغادر اليوم قبل غد وفولكر يمكن أن يطرد لمخالفته أصول العمل الدبلوماسي.

حوار: قسم الحوارات والتحقيقات
المهندس عبد الله مسار رئيس حزب الأمة الوطني، ونائب رئيس تحالف نهضة السودان، والقيادي في الحراك الوطني سياسي مخضرم، مارس السياسة، منذ ما قبل الإنقاذ، وزيراً إقليميا ونائبا في مجلس الشعب الإقليمي، ثم وزيراً اتحاديا ونائبا بالمجلس الوطني أيام الإنقاذ، كان قيادياً بحزب الأمة القومي، لكن له رؤاه الخاصة التي جعلته يخرج منه ويؤسس مع آخرين حزب الأمة الوطني..
والمهندس مسار سياسي مثقف ومعروف بجرأته ووضوحه وشجاعته، جلسنا إليه نستطلع آراءه في مجمل الوضع السياسي السوداني الملتبس والخطير، الذي أدخل البلاد في أزمة سياسية حادة، استهدفنا استنطاق الرجل في القضايا المصيرية التي تكتنف الوطن والمسائل السياسية التي تمثل معضلة عند بعض الناس، والرجل لم يبخل علينا بالحوار والمناقشة واتسع صدره لأسئلتنا وأجاب عليها بتدفق ووضوح وجرأة، فكانت هذه الحصيلة:
*دعنا نبدأ الحديث عن البعثة الأممية أو يونيتاميس التي حطت في أرضنا بقيادة الألماني فولكر، كيف تنظرون إلى هذه البعثة من حيث استقدامها ومجيئها، ومن حيث نشاطاتها وتحركاتها، ومن حيث مستقبلها ومصيرها؟
ـــ البعثة الأممية دخلت السودان خلسة، بخطاب من رئيس مجلس الوزراء السابق د. حمدوك، هذا الخطاب كتبه سفير بريطانيا بالسودان صديق عرفان حسب ما رشح من معلومات، ووقعه حمدوك، هذه البعثة جاءت على أساس البند السادس لتساعد على الاستقرار، لكنها بعثة استعمارية كالتي دخلت العراق بقيادة (بريمر)، لذلك هذه البعثة مرفوضة في السودان عامة، ومن قوى سياسة معتبرة، ومنظمات مجتمع مدني، وهذه البعثة ليكون وجودها شرعياً إما أن تأتي بطلب من مجلس تشريعي منتخب، أو باستفتاء عام، وكلا الأمرين لم يحدثا، لذلك وجودها غير شرعي، ويستطيع أي شخص أن يرفع قضية للمحكمة الدستورية، وتطردها السلطات المختصة، أو يتم طردها عن طريق الشارع والرفض العام لها من قِبَل المواطنين، أما فولكر رئيس البعثة تستطيع السلطات أن تطرده في حال مخالفته لأصول العمل الدبلوماسي، فهذه البعثة غير مرحب بها في السودان، وغير مرحب بالمبادرات التي تبديها، وهي محاولات لإرجاع قوى الحرية والتغيير من الشباك بعد أن خرجت من الباب، وبعثة الأمم المتحدة لم تنجح في سوريا، ولا العراق، ولا اليمن، ولا ليبيا، وزادت الطين بلة، لذلك هذه البعثة يجب أن تغادر السودان اليوم قبل غدٍ، وهي مقدمة للاستعمار، والسودان أرضه لا تقبل أي استعمار.
*تحدثت عن مخالفاته فولكر رئيس بعثة الأمم المتحدة، ما هي هذه المخالفات؟
فترة حمدوك وقحت أسوأ فترة مرت على السودان وهذا هو الدليل
ــــ فولكر ينادي بالاجتماع مع قيادات سياسية، ويسعى للقاء مع لجان المقاومة، ويزور بعض الجهات الحزبية أو الأهلية أو الأفراد، ويتدخل في الشأن السوداني المباشر، وكل هذا خارج العرف الدبلوماسي، وليست هذه مهمته، مهمته أن يساعد في الانتقال، والتجهيز للانتخابات العامة، ويمكن أن يساهم في دعم عملية الانتخابات عن طريق تسهيل الإحصاء أو تقديم الدعم اللازم لإجراء الانتخابات.
* كيف يمكن أن يخرج فولكر وبعثته على ضوء هذه المخالفات التي أشرتهم إليها؟
ــــ يخرج فولكر من السودان بواحدة من ثلاث طرق:

ــ إما بقرار من مجلس السيادة.
ــ أو بقرار مستند لحكم قضائي.
ــ أو قرار من الشارع السوداني.
وأنا أفضل الأولى، ويمكن أن يجتمع مجلس السيادة مع مجلس الوزراء، وهما معا يقومان مقام المجلس التشريعي، ويصدر قراراً يلغي به قرار رئيس الوزراء السابق بشأن استدعاء البعثة الأممية.
*ولكن هل يمكن تقبل الأمم المتحدة بهذا؟
ــــ هذه البعثة مشروطة، جاءت بطلب من حكومة السودان، أو من حمدوك، ولم تأت بقرار من الأمم المتحدة، لكن أحزاب قحت وافقت عليها، العجيب أن أحزاباً سياسية سودانية، تدعو للتدخل الأجنبي!!..خاصة حزب الأمة، الذي قام أسلافه بثورة وقتلوا غردون!!..ناهيك عن أحزاب اليسار التي تقوم مشروعيتها على مقاومة الاستعمار، لذلك أطالب بإخراج هذه البعثة من السودان لأنها لا تخدم قضية السودان.
*بدأ الآن حراك شعبي مقاوم لوجود بعثة الأمم المتحدة في السودان، كيف تنظر لهذا الحراك ومستقبله؟
تتريس الشوارع خطأ لأنه يعطل أعمال الدولة ومعاش الناس وفيه تخريب.
ــــ هذا الحراك يمكن أن يتطور إلى مرحلة وزن الشارع، لأن الشارع كان مختلا، ولجان المقاومة وقحت تدّعي أنها تحركه، لكن هناك أغلبية صامتة، والآن بدأت تتحرك هذه الأغلبية الصامتة، والبعض يدعون أنهم يسيطرون على الشارع، لكنها سيطرة مصنوعة، ويعملون لخراب السودان، بدليل أنهم يحاولون منع هذا الحراك الذي يدعو لطرد البعثة الأممية، ومعظم الحراك السابق فيه شباب وطنيون، لكن فيه أفراد يعملون مع أجهزة مخابرات أجنبية، وآخرون حزبيون، وآخرون مع الحزب الشيوعي، هذه أربع مجموعات في الحراك السابق، والمعلومات الأكيدة أن هذا الحراك مصنوع وممول من الخارج والداخل، والحراك في الشارع منذ قيام الإنقاذ إلى سقوطها ليس الهدف منه هزيمة الإنقاذ، بل هزيمة الإسلام والمشروع الوطني، والمقصود منه الإسلام الحقيقي وليس الإسلام السياسي.
* كثرت التدخلات الدولية والإقليمية في الشأن السوداني مما يضر بمستقبل السودان السياسي، ما هي أبعاد هذه التدخلات؟
ــــ التدخلات الدولية في الشأن السوداني كثيرة، وهي تدخلات دول، وليس تدخلاً دوليا بالمعنى التنظيمي، وهي دول تحاول السيطرة على العالم لأن مواردها نضبت، وتريد السيطرة على السودان لأن له موقع جيوسياسي متميز، وموارده كثيرة وكبيرة، والسودان ليس لديه مشكلة فقر، بل مشكلته في سوء الإدارة، والصراع كله يريد أن يدجن السودان ويُدخله
تحت سيطرة العالم الأول برئاسة الولايات المتحدة ومن دار في فلكها من الدول الغربية، وكل هذه الدول الغربية محكومة بالدين، فملكة بريطانيا مثلا لا تستطيع أن تكون ملكة إلا أن تكون بروتستانتية، لكن الإسلام غزا الغرب، والآن الكنائس تباع وتحول إلى مساجد في الغرب، وهناك دول غربية في عام واحد تم بناء أكثر من ألفين مسجد بها، والغربيون لا ينجبون، ومشغولين بالمثلية وغيرها، لذلك لا يتوالدون.
*أشرتم إلى أن مظاهر التدخل الدولي والإقليمي في السودان كثيرة، ما هي مظاهر هذه التدخل وعلاماته على أرض الواقع؟
ـــ البعثات التي تأتي من مجلس الأمن، والمبعوثون الغربيون، والقرارات التي تصدر وتتدخل في شأن دولة ذات سيادة، وإلا لماذا يناقش الكونغرس الأمريكي قضية سودانية؟ فليناقشوا قضاياهم.
* امتدت فترة حكم الدكتور حمدوك رئيس الوزراء السابق وقحت لأكثر من عامين، كيف تقيّم هذه الفترة؟
ــــ هذه أسوأ فترة مرت على السودان منذ الاستقلال بدليل أن معاش الناس الآن في أزمة، وأدخلت الأخلاق في أزمة، وأدخلت الاستعمار للسودان، وحكمت حكما مطلقا، وجردت الناس من أموالهم، وفصلت العاملين على أساس حزبي، واهتمت بمركز الخرطوم فقط، وقسمت السودان لمجموعات عرقية وأوجدت عنصرية، وشاع فيها خطاب الكراهية، كما قال وجدي صالح إن “هؤلاء لا يشبهونا”، وأخذت المال بدون قرار، وأعطت من لا يستحق، والأمن انفرط عقده، فهي حكومة لا قيمة لها، وقد تكونت على أساس الوثيقة الدستورية، لكنها خالفتها وكونت حكومة حزبية وخالفت وثيقتها التي كتبتها بيدها.
*انتشرت ظاهرة تتريس الشوارع في الآونة الأخيرة، هل هذه الوسيلة مناسبة للتعبير السياسي؟ وما هي فوائدها ـ إن وجدت ـ وما هي أضرارها؟
ـــ تتريس الشوارع خطأ، لأنه من ناحية حريات عامة ليس من حقك إغلاق الشوارع، لأن ذلك يعطل أعمال الدولة، وذلك
المقصود من التدخل الدولي تدجين السودان وإدخاله تحت سيطرة الغرب برئاسة الولايات المتحدة
استبداد ودكتاتورية، وحصل تخريب للشوارع، وتكسير لأعمدة الكهرباء، والإنترلوك، ومنعوا تواصل الناس، وزادوا من كلفة المعيشة، وهو ليس وسيلة للتعبير بل للتخريب، وأي مظاهرة في العالم تأخذ تصريحاً وتنصرف، لكنها لا تخرب، والتتريس ليس حلا، هذا منع للحياة، وأخشى أن يدخلوا مع المواطنين في مشاكل، والعصيان المدني طوعي وليس إجباريا، كما يحاول البعض فرضه، كل هذه مظاهر جديدة أدخلها اليسار منذ أكتوبر، لأن اليسار أقلية ويستخدمون مثل هذه الأساليب ليوهموا الناس أنهم أغلبية.
* الأزمة السياسية السودانية الراهنة كيف تحل برأيكم؟
ـــ بإحدى طريقتين:
ــ إما وفاق وطني
ــ أو انتخابات رئاسية أو برلمانية
* حكومة تصريف الأعمال التي شكلها البرهان مؤخرا ما مستقبلها وأي دور يمكن أن تؤديه في ظل هذا الوضع المتأزم؟
ــــ منذ قرارات الخامس والعشرين من أكتوبر 2021م تمت إجراءات أدت إلى تجميد الوثيقة الدستورية وحل الأجهزة، والحل:
ــ إما وثيقة دستورية يتفق عليها أهل السودان.
ــ أو حكومة طوارئ
والأول: يتم عبر ميثاق أو تنجز وثيقة دستورية بواسطة القوى السياسية ويمكن أن تكون حكومة بعدها، وغير هذا ستستمر حكومة الطوارئ إلى قيام الانتخابات.. والعسكريون تدخلوا بموجب قانون الجيش الذي تجعلهم المادة ثمانين منه يتدخلون في حالة الشعور بانفراط الأمن، ثم إن العسكريين شركاء في الدولة، لأنه لولاهم لما حدثت الثورة، والثوار أنفسهم لجأوا إليهم واعتصموا بالقيادة العامة للجيش، لذلك الوضع الانتقالي بطبيعته عسكري، حدث هذا في أكتوبر 1964م وفي أبريل 1985م، لأن العساكر محايدون بطبيعتهم وليست لديهم رغبة في تحويل مسار البلاد السياسي، لكن قحت فعلت هذا.. فمن يريد الحكومة المدنية هي بعد الانتخابات، أما الآن فهذه فترة انتقالية، وعمليا لا يمكن أن تقوم حكومة مدنية في فترة انتقالية، وأي كلام عن حكومة مدنية في الفترة الانتقالية هو تخدير للشباب الذين يخرجون للشوارع الآن.
*ما هو مستقبل الأوضاع السياسية في السودان في ظل الأزمة السياسية الحالية برأيكم؟
ـــ مستقبل الوضع السياسي في السودان خطير إذا لم يستدرك بالإجراءات التالية:
مستقبل الوضع السياسي في السودان خطير ونحن الآن ليس لدينا مشروع وطني
وقف التدخل الخارجي بقرار وطني، وقف تدخل الأحزاب في الفترة الانتقالية، ووقف العمل المعادي للسودان..وهذا يتطلب تفعيل القوانين المتصلة بالعمل الدبلوماسي، مع إيقاف أي دبلوماسي يخالف ذلك وطرده، واستكمال الأجهزة الانتقالية خاصة المحكمة الدستورية، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين دون قضية، ومراجعة أعمال لجنة إزالة التمكين السابقة وتكوين لجنة جديدة بالقانون، وأن تتاح الحريات العامة المضبوطة بالقانون، كما أن الوضع السياسي يتطلب وفاقا وطنيا، ونحن الآن ليس لدينا أي مشروع وطني، وكل المبادرات يجب أن تكون وطنية، لأن أي مبادرة خارجية، بالضرورة، عندها غرض، سواء كانت هذه المبادرة من الإيقاد، أو الاتحاد الإفريقي، أو الأمم المتحدة، مع أن الأولتان أقرب للمزاج السوداني، لكنها أيضا تدخل، والسودانيون لديهم الجودية،وهذا معروف، والجودية في السياسة مطلوبة، ولدى السودانيين تجارب في الحوار الوطني منذ الاستقلال وحتى الحوار الوطني أيام الإنقاذ، وذلك يمنع التدخل الأجنبي.
إنضم الى احدى مجموعاتنا على الواتس



