بكري المدني – حتى لا يقع البرهان في خطأ صدام!
خاص -الطابية
* من الملاحظات المهمة هذه الأيام انخفاض صوت المجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية تجاه الحلول الأمنية التي تنتهجها السلطات السودانية والمتمثلة في التصدي للمتظاهرين وإغلاق الكباري وشبكة الإنترنت وهي إجراءات في السابق كانت تجد الإدانة والشجب بالصوت العالي من المجتمع الدولي ومن الولايات المتحدة تحديدا.
* إن الفريق أول عبد الفتاح البرهان رجل عسكري قح وكان قائدا لسلاح البرية وللعساكر مقولة مفادها (إن وجدت أمامك الطريق سالكة فأعلم أن أمامك كمين) وأظن أن عدم رفع المجتمع الدولي صوته كما كان تجاه ما يجري في الخرطوم يكشف عن كمين في الطريق الهدف منه توريط السلطة القائمة في إجراءات ضد حقوق الإنسان في السودان وهذا النهج الغربي الأمريكي ليس جديدا على أية حال وكثيرا ما ورَّط المجتمع الدولي بلاد وحكومات بالصمت عما يجري داخلها وإيهامها بأنه شأن داخلي أو خاص ولكنها وبعد إن يصل إلى منطقة محددة يبدأ الانقلاب في المواقف وإرغام السلطات على تنفيذ الرغبات الغربية على أكوام من الخراب والرماد.
* إن أبرز شواهد المكر الغربي والأمريكي في ذلك ما قالته القائمة بالأعمال الأمريكية في بغداد للرئيس العراقي صدام حسين قبل أن يتورط الأخير في غزو الكويت، وذلك عندما التقت السفيرة الأمريكية بصدام وقالت له بالنص إن الولايات المتحدة الأمريكية لا دخل لها بالحلول التي يراها العراق مناسبة لحل خلافاته مع دولة الكويت، والتي لم تكن سوي خلافات في سوق النفط، ولكن أمريكا كانت تعلم رغبات العراق في ضم الكويت نتيجة ادعاءات تاريخية، ووجدت أن توريط صدام في هذا الاتجاه سيحقق لها عدد من المكاسب في وقت واحد أهمها التخلص من صدام نفسه ومن قوة العراق المهولة بعد خروجه من الحرب مع إيران
* بلع صدام الطعم بعد أن وجد الضوء الأخضر من أمريكا وحدث ما حدث !
* إن سارت السلطات السودانية اليوم على طريق الحلول الأمنية لمواجهة المظاهرات ومهما كانت مطلوبات هذه الحلول فإنها – في تقديري -ستقع في الكمين الغربي والأمريكي والذي سيخرج عليها غدا مندداً ومحيلاً الأمر لمجلس الأمن، وربما تمت إحالة البلاد للبند السابع مع مطاردة قادة الدولة بالاتهامات الجنائية وتحقيق أكثر من هدف في وقت واحد.
* الحل المطلوب للأزمة الوطنية والذي يتسق مع القوانين والأخلاق ومع حقوق الإنسان هو الحل السياسي وإن طال الدرب وامتد الزمن والتدابير الأمنية فوق كلفتها الباهظة والمؤلمة سواء أن كانت تتمثل في خسائر الأرواح والأبدان والممتلكات أو إضاعة مصالح الناس بتعطيل الشبكة وإغلاق الكباري فوق كل هذا وغيره فإن عاقبة الحلول الأمنية غير آمنة تماما ومنها التوريط الدولي الذي ذكرته عاليا.