هل تحولت المظاهرات لسب الدين؟!…د.محمد عبدالله كوكو
لو أخبرني أي شخص بأن شباب السودان يسبون الدين في مظاهراتهم لوصفته بالكذب، ولكن هذه القضية الخطيرة جاءتنا موثقة بالفديوهات.. .شئ يدمي القلب.
رأينا وسمعنا هؤلاء الشباب يرفعون أصواتهم إلى عنان السماء بسب الدين….هذا منكر لا يجب السكوت عليه، وإلا سيصيبنا العذاب جميعاً، يقول تعالى (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة)، وقد وضح لنا رسولنا الكريم أننا مثل ركاب في سفينة فإذا قام بعض السفهاء بخرق السفينة فإنهم لن يهلكوا وحدهم بل سيهلك جميع من في السفينة….لذلك يجب على كل المجتمع إنكار المنكر، وأنا أنصح كل من شارك في تلك المسيرة التوبة الصادقة والرجوع إلى الله، وأسال الله يوفقهم للتوبة ويقبل توبتهم.
وهذه هي فتوى أهل العلم في حكم سب الدين .
إن أهل العلم قد أجمعوا على أن سب الدين كفر بالله عز وجل، فإذا وقع من مسلم فقد ارتد عن الإسلام والعياذ بالله، ولا يعذر بالجهل.
وعلى ذلك فمن سب الدين -والعياذ بالله- وجب عليه أن يراجع دينه مرة أخرى بتوبة صادقة، والذي ننصح به من وقع في ذلك أن يغتسل ويشهد الشهادتين ويتوب إلى الله تعالى، وأن يكثر من الاستغفار والعمل الصالح، وأن يعلم أن باب التوبة مفتوح أمام العبد من جميع الذنوب كبيرها وصغيرها.
قال الشيخ ابن باز في فتاوى نور على الدرب: أجمع العلماء قاطبة على أن المسلم متى سب الدين أو تنقصه، أو سب الرسول صلى الله عليه وسلم أو انتقصه، أو استهزأ به؛ فإنه يكون مرتدا كافرا حلال الدم والمال، يستتاب فإن تاب وإلا قتل. وبعض أهل العلم يقول: لا توبة له من جهة الحكم بل يقتل، ولكن الأرجح إن شاء الله أنه متى أبدى التوبة وأعلن التوبة ورجع إلى ربه عز وجل أن يقبل، وإن قتله ولي الأمر ردعا لغيره فلا بأس، أما توبته فيما بينه وبين الله فإنها صحيحة، إذا تاب صادقا فتوبته فيما بينه وبين الله صحيحة. اهـ.
وقال الشيخ ابن عثيمين في فتاوى نور على الدرب: الاستهزاء بدين الله أو سب دين الله أو سب الله ورسوله، أو الاستهزاء بهما كفر مخرج عن الملة، ومع ذلك فإن هناك مجالاً للتوبة منه؛ لقول الله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. فإذا تاب الإنسان من أي ردة توبة نصوحاً استوفت شروط التوبة فإن الله تعالى يقبل توبته اهـ.
والذي يكرر هذا الأمر حتى أصبح عادة له هو على خطر عظيم، ومع ذلك فإن خُتم له بتوبة نصوح قبلت منه، وقد سبق أن بيَّنا أن تكرر الردة لا يؤثر في قبول التوبة في الفتوى رقم: 51043.
– وأما اختلاف العلماء في قبول توبة من تكررت ردته فإنما هو في قبول توبته في الظاهر، أما في ما بينه وبين الله فإن حقق شروط التوبة فإنها مقبولة، وراجع في ذلك الفتويين: 54989، 118361.
والله أعلم.
———
*رئيس اتحاد كيانات الوسط وباحث وخبير تربوي
إنضم الى احدى مجموعاتنا على الواتس