الأمين العام للاتحاد السوداني للعلماء والأئمة والدعاة (إسعاد) في إفادات للطابية: مبادرة حقن الدماء هي محاولة لإشراك أهل الحل والعقد في حل إشكالات البلاد
العلمانيون هم التتار الجدد.. بل أشد سوءا
هذا هو الفرق بين (الاتحاد) و (هيئة علماء السودان)
أطلق الإتحاد السوداني للعلماء والأئمة والدعاة مبادرة لوقف الاقتتال القبلي الدائر في السودان، خاصة في إقليم دارفور.. وأعلن الاتحاد، بالتعاون مع بعض كيانات الإدارة الأهلية، تحت مسمّى (مبادرة حقن الدماء)، التي دشنها في مؤتمر صحفي عقده منتصف الشهر الجاري. الطابية جلست إلى الأمين الاعام للاتحاد الدكتور مدثر احمد أسماعيل تحاوره حول المبادرة وأهدافها ومراميها وآليات تنفيذها، بجانب دور الاتحاد في وقف نزيف الدم القبلي.. حيث تحدث حديث العارف لدوره والفاهم لما يقوم به فكان اللقاء المطول الذي اجاب فيه على اسلتنا بكل صراحة وشفافية.
حاوره: الطيب عبد الرحمن الفاضل
بطاقة تعريفية:
نشأ الاتحاد عقب ثورة ديسمبر، التي أعقبتها شيطنة للدين وللمتدينين والدعاة والعلماء، لدرجة الجرأة على إنزال الأئمة من منابر الخطابة في المساجد، وأصبح الوضع مزري للغاية، لذا كان لابد من تجمع يجمع العلماء والدعاة والخطباء لكي يستطيعوا التعامل مع هذه الظاهرة، ويعملوا على توحيد الصف ضد هذه الهجمة التي تستهدف الدين والمتدينين.. وهو “اتحاد علمي دعوي سوداني أساسه التعاون والتناصر والتناصح والتكامل والتطاوع بين العلماء والائمة والدُّعاة وكل مسلم ارتضى هذا الميثاق” ولايقوم الاتحاد على أساس طائفة أو حزب معين، فهو يجمع جميع ألوان الطيف الدعوي؛ الصوفي والإخواني والسلفي، وغيرهم.
هل تعتبر نشاة الاتحادة ردة فعل ؟
هو مطلب مرحلي يجمع أهل القبلة، وهو اصطفاف أمام الهجمة الشرسة التي تريد أن تنسخ هوية الناس وتبعدهم عن دينهم، وتريد أن تقلب المجتمع السوداني من مجتمع متدين إلى مجتمع لا ديني.
ولذلك كانت رسالة الاتحاد هي “جمع أهل الدين كلهم”.. أوروبا على مافيها من الحضارة المادية والتقدم لما غرقت في وحل البهيمية والشهوات بدأ أهلها الآن يرجعوا إلى دينهم.
هل يعتبر الاتحاد بديلاً لهيئة علماء السودان؟
لا الهيئة كانت هيئة علمية تأصيلية، وكانت وظيفتها الفتوى والتاصيل العلمي…
الصراع الآن صراع هوية: أن تكون البلاد بدين أو بلا دين!!
(مقاطعاً): لكن الهيئة كانت لها مبادرات كبيرة وعقدت مؤتمرات، وأعلنت مبادرة في حقن الدماء في وقتها
(مواصلاً): الهيئة كانت جهازاً، في تلك المرحلة، وماكان يواجه هذا النوع من الصراع .
ماهو الصراع الذي تواجهونه؟
مع التشاكسات الدعوية التي تظهر هنا وهناك هل يستطيع الاتحاد يجمعهم في بوتقة واحدة؟الصراع حول بقاء هوية البلد ودين البلد!!.. وهي مسالة أن تكون البلاد بدين أوبلا دين.. والآن نتحدث عن أطروحات سياسية جادة تريد ان تجعل السودان بلداً علمانياً لاعلاقة للدين ولا دخل له في أي شأن من شؤون حياة الناس العامة!!..علمانية الدولة لم يكن هذا التحدي موجوداً من قبل.. المرحلة لان تقتضي اصطفافاً يجمع أهل الملة بمختلف ألوان طيفهم.
لا تشاكسات الآن.. وإذا نظرنا إلى التاريخ نجد أن الإمام ابن تيمية جمع الصوفية وأهل السنة والمعتزلة والأشاعرة وغيرهم جمعهم في خندق واحد لمواجهة التتار، ونحن أشبه ما نكون بهذا التجمع.
لا توجد مقارنة بين غزو التتار للمسلمين والوضع الراهن.. أليس هذا تشبيه مبالغ فيه؟!
أبداً.. ممكن أن أكون مبالغاً إذا قلت، إن البعض يرى أن الهجوم الآن أشد من هجوم التتار على المسلمين.
أليست هذه مبالغة ؟
(ضاحكاً): لا.. بل وأسمي العلمانيين (التتار الجدد).. وهم أشد سوءً من التتار.. على الأقل جنكيز خان التتري أسس تشريعه على الدينات الثلاث الإسلام والنصرانية واليهودية، وعمل دستورا أسماه (الياسا).. ولكن هولاء لادين لهم البتة.
هناك فراغ كبير وغياب للدعاة كما يقول البعض ما مدى صحة ذلك؟
النغمة السائدة الآن في العالم كله وللأسف الشديد شيطنة الإسلاميين، وإشاعة الخوف منهم أو يسمونه (الإسلامفوبيا)..ذلك كان في الغرب، انتقلت تلك العدوى إلينا!!.. حيث يصور الإسلام على أنه عبارة عن إرهاب وقتل وتدمير.. لذا إذا ظهر أي صوت إسلامي يبعد من المشهد فوراً، وهذا يعمل على تأخير الحلول.. نحن بلد مسلم، والسودان مجتمعه مسلم.. وإذا غُيِّب الصوت الإسلامي والخطاب الشرعي، فبأي خطاب أنت ستحل مشاكل الناس؟!.. مثلا عندما نتحدث عن دارفور، لايوجد فيها ولا نصراني واحد، ولا بوذي ولا يهودي، بلد قرآن وبلد إسلام.. فإذا أنت أضعفت الصوت الإسلامي والنفس الإسلامي والخطاب الإسلامي، فسيعملون بخطاب العرف والقبايل وبالجودية.. وهذا لا يلامس شغاف القلوب، لأنه ليس له قدسية.. ولكن عندما تخاطبهم بالخطاب الرباني يحصل الأثر..فقد وجدنا، خلال تجوالنا في بعض القوافل الدعوية ومبادرات الصلح، وكانت الأسلحة مرفوعة والدخان ما زال يتصاعد من فوهاتها، عندما تتحدث بالآيات والآحاديث يبكون، والذي يحمل سلاحاً يضعه أرضاً ويبكي..فالفطرة التي ردموها بطين الجاهلية والعصبية تحتاج من يحركها.
وهذا يعني أن تغييب الدعاة عن المشهد مقصود لذاته؟
نعم !!
من الذي يقف وراء ذلك؟
كل من يريد أن يطفئ نور الله (يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره).. وأنا متفائل جداً، إذا فُتح الطريق ودعم المتكلمون بلسان الشرع الذين يتلون آيات الكتاب العزيز ويرققون القلوب ويعظونها، متفائل أن تخبو هذا النيران ويجلس الناس لخطاب الدعاة.
وهل سينتظر الدعاة والمصلحون حتى تسنح لهم سانحة أو فرصة؟
لا.. نحن لسنا مكتوفي الأيدي، ولو جلسنا ننتظر ما أطلقنا مبادرة حقن الدماء.. نحن في وسط معمعة شيطنة الإسلام والمسلمين والدعاة ووضع العراقيل والعقبات.. مع كل هذا نحن نعمل.
ولكن الناس (ما شايفاكم)؟
وعين الرضا عن كل عيب كليلة ولكن عين السخط تبدي المساوئا
قد تكونوا محدودي الأثر؟
لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، فنحن لا نملك ميزانية دولة، كل الذي عندنا ما نجمعه من أموال المسلمين في المساجد ونوجهه إلى عباد الله تعالى.. وللاسف تمت عرقلة تسجيل الاتحاد رسمياَ، ووضعت العقبات أمامه كي لا يعمل بثفة رسمية، هناك تلكؤ وتباطؤ في إجراءات تسجيله.
حدثنا عن المبادرة التي أطلقها الاتحاد عن حقن الدماء.
هي مساهمة من الاتحاد لإشراك أهل الحل والعقد في حل إشكالات البلاد، من جملتها الصراعات القبلية وهذا الجرح الغائر في أطراف البلاد
هل ضمت المبادرة خبراء في مجال الإدارة الأهلية وعلماء نفس والجغرافيا وغيرهم، أم اقتصرت على علماء الدين فقط؟
على العكس.. هذه المبادرة أول ما بدأنا التفكير في إطلاقها، تواصلنا مع زعماء القبائل، وعقدنا لقاءات في عدد من الأماكن، كما عُقدت لقاءات مع قيادات في الحكومة، بالإضافة لأصحاب التجارب في عمليات الصلح والإصلاح وفض النزاعات، فكانت هي نتاج لدراسة تحليلية لبيئة المشكلة.. فخرجت المبادرة وهي عبارة خطة العمل التي خلصنا إليها.. وتشكلت في جملة من الأفكار والخطط، نطرحها ونعالج بها هذه القضية، وبعدها نأمل أن تتحول إلى مشروعات قصيرة المدى أو بعيدة..
أول شئ حددنا المشكلة وهي ظاهرة العنف والتعصب القبلي التي يواجهها السودان، وهي تحدٍ كبير جدا، سواء كان في الوسط أو الأطراف.. ومن المعروف أنها مشكلة قديمة توارثتها الأنظمة المتعاقبة على حكم السودان إلى يومنا هذا.
ألا ترى أن هذه التحديات أكبر من إمكانات الاتحاد؟
على الإنسان أن يستعين بالله، ونحن منطلقاتنا شرعية، والنبي صل الله عليه وسلم يقول استعن بالله ولا تعجز، والأصل أن يطرح الإنسان الفكرة ويطلب العون من الله تعالى، وليس هناك حاجة كبيرة على أصحاب العزائم.
ماهي الأدوات والآليات التي تنقل المبادرة من نظرية وفكرة إلى عمل؟
نحن الآن ننتقل من التنظير إلى العمل، فورش العمل تمخضت عن مشروعات، وقد عرّفنا المبادرة بأنها هي مجموعة أفكار وأطروحات لحل المشكلة وتحويلها إلى مشروعات.
المشروع الثاني للمبادرة هو تأهيل القيادات الأهلية لإدارة التعايش والعملية السلمية بينهم
وقد تمخضت عندنا أربعة مشروعات، الأول منها استهداف (العُمَد) و(الشراتي) وزعماء القبائل أصحاب الأمر والنهي وأصحاب الشوكة، بالوصول إليهم والجلوس إليهم، ثم طرح المبادرة عليهم، ونقول لهم إلى متى أنتم تواجهون خطر أن يبيد بعضكم بعضاً؟ وأن يريق بعضكم دم بعض؟!.. لابد من حل، والحلول التي مورست من قبل تحتاج إلى نوع من الهندسة، ونقول لهم نحن نريد من الجيل الذي يرث هذه الألقاب والمهام من بعدكم، أن يكون متسلحاً بسلاح علمي، لذلك نعمل على تصميم منهج لإعداد الجيل الثاني من قادة القبائل إعدادا واعيا يمكنهم من إدارة التعايش مع بعضهم البعض، ونملكهم أدوات حل النزاعات وأدوات تفريغ الصراع وأدواته ومضامينه.. وننقلهم إلى مرحلة جدية من التفكير والتعامل من المشكلة.. وهذا لابد من تزامن المشروع الثاني وهو مشروع تأهيل القيادات الأهلية لإدارة التعايش والعملية السلمية بينهم، وآليات فض النزاعات بطريقة حضارية.. ولابد من مواجهة العمل وسط أفراد القبائل ونحن نسميها محو الأمية الأخلاقية والإنسانية والدينية..
ولكن هناك من يقول إن الإدارات الأهلية هم أساس المشكلة نسبة لدوافع شخصية سياسية؟
طبعا أي حل تواجهه عقبات، إذا أردنا رفع وعي الإدارات الأهلية لابد يكون هناك منهج تعليمي أو كاديمي، أو مؤسسة تعليمية تؤهل وتطور قطاع الإدارة الأهلية، وبناء جيل جديد من الإدارات الأهلية .
ولكن هناك تحدي يواجه هذه العملية التي ذكرتها.. هناك أناس لهم أجندة خاصة يريدون توظيف مناصبهم لمصالح أو أطماع.. كيف يواجه الاتحاد هذه المعضلة؟
نحن نريد تاسيس معهد دراسات القبائل، ولابد من طريقة علمية في التعامل، مع هذه المشكلة وهذه واحدة من آليات خطوات الحل، وهذا يُعنى بظاهرة المتفلتين من العناصر القبلية.
(مقاطعاً) هذا للمستقبل؟
هب أن هناك نسبة منهم استجابن وانخرطت في التدريب وتطوير أنفسهم على كيفية التعايش السلمي والتعامل مع الصراعات القبلية وحل الأزمات.
ولكن الأمم المتحدة وغيرها بذلت أموالاً ضخمة ولم يتم التوصل لحل، هل الاتحاد قادر على حلحلة هذه المشاكل المتشابكة ؟
عندما نتحدث عن الحل، نتحدث عما يجب أن نقوم به من الدعوة إلى الإصلاح والتفكير في طرائقه.. أما حصول ذلك فأمره إلى الله تعالى.. ونحن نقدم كما قدم غيرنا والموفق هو الله، لأن الله تعالى يقول (لو أنفقت مافي الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألّف بينهم)، نحن علينا أن نأخذ بالأسباب الشرعية والعلمية والمنطقية، وأن نبذل الوسع في ذلك، والتوفيق من الله تعالى.. لذلك عندما قلت إن هناك شريحة من القبايل عندها أجندة ومتفلتة، ذكرت لك أن هناك مركز دراسات متخصص يرفد الاتحاد بهذه المعلومات حتى ينظر في كيفية حل المشكلة، لأن هولاء الناس عندهم مشكلة، سواء كان في تركيبتهم النفسية أو العقلية أو علاقاتهم الخارجية.. لذا كان من الضروري تأسيس المركز، ليعمل على ثلاثة محاور؛ أولا: التفكير الاستراتيجي لتقديم الاستشارات والرؤى والحلول للمشاكل القبلية.. ثانياً: استشراف مكونات القبلية خلال عشرة سنوات قادمة.. ثالثاً: المتابعة والرصد، وإعداد قاعدة بيانات تفصيلية عن القبائل المتنازعة تشمل تاريخ النزاع بين مكونات القبايل واسباب وبواعث النزاع واثر النزاع القبلي على القبايل اذا كان اثاره النفسية والاجتماعية وحصر دعاة الفتنة ومعرفة امكاناتهم وعلاقتهم الخارجية ، لو اجتمعت هذه المعلومات تنظر الى ان الجهة الفلانية تحتاج حلها التفاوض والجلوس والاخرى حلها الحسم من قبل الدولة وهي التي تقرر نوعيته.
بهذا هل انتم جهة استشارية؟
نحن جهة تناصح وجهة استشارية لكن عن علم وبينة، وليس بالضرورة ينشئ الاتحاد مركز استشارياً، والأصل في أن البلد يكون في مركز بهذه المواصفات.
بهذا يعني تنسقون مع الدولة والمنظمات الدولية؟
قلنا إن من خطوات المبادرة المصالحة، عندما حددنا المشكلة قلنا مَنْ المسؤول عن حل هذه المشكلة، وإخماد نيران الفتن، وإخماد الحرب القبلية في ربوع السودان، هذه المسؤولية تقع في المقام الأول على عاتق السلطة المركزية، وتأتي بعدها السلطة المحلية، والإدارات الأهلية والهيئات الدولية تبعا لها، ولابد من أن تتوفر عندها الإرادة الجازمة، والقدرة التامة، والخطة المحكمة، والقرار الحاسم .. هذه أربعة أشياء، نعلم أن المبادرة ستواجه تحديات ولن تجد طريقاً مفروشاً بالورود، هناك خمسة تحديات خطيرة.
ما هي؟
نحن في وسط معمعة شيطنة الإسلام والمسلمين والدعاة
الأول انتشار السلاح وسهولة الحصول عليه بشكل فوضوي وهو ما عزز ظاهرة العنف القبلي والاستمرار الهمجي للجرائم، ثانيا غلبة المصالح السياسية واستقلال مبادرات الصلح وآلياته، ثالثا تنامي خطاب الكراهية الذي يثير دعاوى العنصرية والعصبية القبلية واستقلال فوارق اللون، رابعا التحيٌّز على جهة على حساب أخرى، وغياب قيم المصداقية والشفافية وأخطرها والذي عمق جذور الفتنة في البلد للأسف الشديد يتمثل في من يعملون لأجندة خارجية تستنزف السودان بالمشاكل والحروب الأهلية تمهيدا لتفكيكه وتقسيمه.. هذه خمسة تحديات أمام المبادرة كل تحدي يحتاج إلى برنامج عمل للقضاء عليه أو للقيام على تخفيف آثاره.. للصراع نمط فطري منذ أن خلق الله أبانا آدم عليه السلام وأهبطه إلى الأرض وقتل هابيل قابيل، الصراع بين البشر موجود وهو من الأنانية.. هذا الصراع كان يحل بالطريقة الطبيعية والفطرية، فتنازع الناس على المرعى والزرع والماء والأرض صراع لن ينتهي.
ولكن يمكن أن يتدارك أو يقلل؟
الناس كان لديهم قوانين أنظمة وأعراف والإسلام عنده شريعة تحل هذه الإشكالات، ولكن يوجد من يتمرد على هذا كله، هل تعرف أن في القبيلة من يتمرد على ذلك، لذا نجد في القبيلة الانشقاقات.
هل تم عرض المبادرة للدولة أو الجهات الرسمية؟
لم نعرضها بطريقة رسمية، لكن وصلنا إلى بعض رجالات الدولة وأطلعناهم عليها.
هل قدمتموها إلى رئيس المجلس السيادي أو نائبه أو رئيس مجلس الوزراء؟
ستكون الخطوة الثانية الجلوس مع رئيس المجلس السيادي ونائبه وبقية الحكومة.
لكن الحكومة كونت آلية لجمع السلاح، إذا كانت السابقة أو الحالية، وفشلت في وقف الاقتتال، أليس من المستحيل حل هذا الأمر؟
شوف ما في حاجة اسمها مستحيل، وهناك أشباه ونظائر هذه المشكلة في الدنيا وفي القارة الإفريقية.. وهناك دول قريبة منا.. رواندا على سبيل المثال، فالاقتتال الذي حصل بين الهوتو التوتسي كل الناس تعرفه، فجاءت سلطة عندها إرادة جازمة وقدرة تامة وحسم وحزم، استطاعت أن تعيد الأمور إلى نصابها فتبقى الإشكالية في قوة السلطة وتماسكها؟
هل قوة السلطة وحدها تكفي؟
الدولة يجب أن تتوفر فيها العناوين الأربعة التي ذكرناها
ولكن كل ما ذكرته الآن معدوم.. ما الحل؟
لابد من تعاون الجميع حتى نوجدها، وفي ظل غياب الدولة المتوازنة لا تستطيع حل هذا الإشكال، ولذلك خصوم البلد والحريصون على تفكيكها وشد أطرافها وبترها يستميتون بإحداث القلاقل والبلبلة والفتن في هذه البلاد، وأرى أن ما يحصل في المركز من فوضى عارمة وفوضى سياسية واجتماعية وأمنية، تلعب فيها الأصابع الخارجية دوراً كبيراً جداً، ونفس هذه الأصابع التي تزعزع الأمن في الوسط هي التي تهندس الصراع في الأطراف.
واحدة من أخطر الأشياء أن يحصل استقطاب لعقليات معينة وأصحاب نفسيات معينة، يذهبون بهم إلى أوروبا تتم حيث تتم إعادة صياغة أفكارهم ونفسياتهم، ثم يوجهونهم خنجرا مسموما في نحر البلد.
أنت تُرجع ما يحدث الآن في السودان إلى المحور الخارجي ..ألا تعتقد أن المكون الداخلي يلعب الدور الأكبر وأحد الأسباب؟
ليس بنسبة مائة بالمائة، ولكن يساعد على هذا اليوم، الجهل واحد من الأسباب، والطمع في الدنيا، وضعف السلطة واحد من الأسباب، والصراع السياسي أيضا، وهذه كلها عوامل مجتمعة.
هل يمكنكم التعامل مع هيئات الأمم المتحدة التي تعمل على نزع فتيل الاقتتال القلبلي؟
ليس هناك ما يمنع إذا كان يفضي إلى حقن الدماء وحماية هذه الأرواح والأنفس من الهلاك وبسط الأمن في البلاد.. هذا مطلب شرعي، وليس هناك ما يمنع.. ونحن نتعاون مع أي هيئة أممية أو دولية عندها برنامج وخطوات وخطة لحل هذا الإشكال.. إذا التقينا معهم على حقن الدماء وبسط الأمن في البلاد، وإنقاذ هذه الأنفس البريئة..نحن نعمل وهم يعملون، شريطة ألا يكون برنامجاً يعزز المشكلة ويفاقمها، ولكن هناك تخوف من هذه المنظمات أن تتخذا من هذا العمل غطاء تعمل من تحته لتعزيز الفتنة.. لهذا هنا يـأتي الدور الاستخباري الكبير، وهذا ما يجب أن تعيه الدولة؛هل هذه المنظمات تحقق أهدافها الإنسانية التي تفضي إلى سلامة هذا الإنسان وتعزيز أمنه أم لها أجندتان؛ أجندة تظهرها وأجندة تخفيها.
بهذا يمكن أن يكون هذا نداءً للمنظمات الدولية للتعاون بينكم ؟
إذا كان أهل البلد وأصحاب المشكلة ما عندهم الإرادة ولا عدنهم الرغبة ستكون كمن ينفخ في قربة مقدودة.
هناك اتهام للعلماء بالتقصير والغياب الواضح في عملية حقن الدماء.
دور العلماء في بيان حرمة الدماء وبيان حكم العنف القبلي مبذول من حيث النصح والإرشاد والفتاوى والبيانات.. يبقى بعد ذلك دورهم في النزول إلى أرض الواقع وقيادة عمليات الصلح وتمكين البرامج.. ربما كانت بعض المبادرات فيها نوع من القصور، (مستدركا) ولكن سبب القصور للأسف الشديد أن المكون العلمائي مكون مهمل ما أعطي حقه ولا حظه من الاهتمام ولا قليل من الإمكانيات التي تعينه وتساعده على القيام بدوره، أو إيصال صوته لو أعطية العلماء عُشر ما أعطي غيرهم من مساحات في الإعلام ليخاطبوا الناس وليصلوا إلى الناس عبر الإعلام الرسمي، كان يمكن لهذا الأمر أن يخفف المشكلة.
هل تعتبر أن الإعلام الرسمي يعمل على تغييب العلماء؟.. وأين المبادرة من الإعلام الرسمي؟ وهل لكم تواصل معهم؟
أقولها لك بصراحة.. الإعلام يغرِّد خارج السرب، للأسف الشديد، المبادرة والبيان الذي أطلقناه وعملنا له مؤتمر صحفي نريد أن نوجه من خلاله نداءً لأمة لا إله إلا الله في السودان أن يضعوا السلاح ويكفوا عن إراقة الدماء، لا وسيلة إعلام رسمية سودانية واحدة غطته ونقلت صوت العلماء!!.. وليس هناك من التفت إلى هذه المبادرة وجاء وبادر بالسؤال عنها ونقلها وعكسها للناس والإعلام للأسف الشديد يهمش هذا القطاع .. ولكن المفسد يتتبعونه أين سيفسد حتى يوثقوا له، ولكن المصلح لايسألون عنه ولا يبحثون عن مبادرته في الإصلاح للأسف.. الإعلام لا يقوم بدور رسالي.
أين المبادرة من الإعلام غير الرسمي؟
الإعلام غير الرسمي من تعطيه مالاً أتاك.. للأسف تؤجرهم لتبليغ صوتك.
قد يكون هناك تقصير من الاتحاد في ذلك؟
أبدا ليس هناك تقصير وعدم تواصل، مواقع التواصل الاجتماعي بوست واحد يصل إلى أقاصي الدنيا.
هل لمستم تفاعلاً رسميا أو مجتمعياً مع المبادرة؟
نعم هناك تفاعل، ووردتنا اتصالات وأشادت بهذه المبادرة
هل شاركت الولايات في المبادرة؟ وهي صاحبة الشأن؟
نعم هناك ممثلون في كل أنحاء السودان، وصلتهم هذه المبادرة، وبشروا بها وينتظرون الوفود لتنفيذ هذه البرامج .
إلى متى هذه المركزية القاتلة التي تحصر كثير من الأشياء في الخرطوم؟
عمل الاتحاد لا يعتمد على المركزية؛ له ممثلون ويعملون على تبليغ رسالته ويقومون بعملهم الدعوي، وسترسل البرامج إليهم للقيام بتدريب لقيادات الأهلية في مناطقهم.
ماهي هذه البرامج؟
برامج تدريب وتطوير ونقل ومهارات لقيادات الإدارات الأهلية في كيفية إدارة القبيلة والتعايش السلمي وفض النزاعات، وسيستعان بشرعيين وقانونين وأطباء نفسيين وخبراء إداريين.
كان للاتحاد دور في حل مشكلة بورتسودان، حدثنا عنه.
تمثل دور الاتحاد في إرسال وفد صلح، ووجدنا من يقبل الخطاب، ولكن واجهتنا مشكلة التسييس والأجندة السياسية لذا عملنا في المبادرة وختمنا بها المبادرة هي أن الصلح ضرورة دينية وقيمة أخلاقية ولابد من تعميق هذا الفهم وألا نقحم السياسة في مبادرات الصلح، فإن أقحمت السياسة في المبادرات لن نكسب لشعبنا لا لأنفسنا. الصلح يكون كقيمة دينية شرعية وأخلاقية والصلح خير.
هل تعتقد أن المبادرة ستنجح إذا كانت منكم أو من أي جهة كانت؟
نتمنى أن ننجح ونأمل أن تجد المبادرة آذاناً صاغية وقلوب مخلصة صادقة مع الله وعقولاً واعية تدرك الخطر الذي يحدق بالبلاد والعباد. كما أتمنى أن نعين بعضنا على حقن الدماء وإيصال سفينة السودان والقبائل إلى بر الأمان، ولكن لا يصيبنا الغرور ولا الثقة الزائدة بالنفس، لأن هناك مكونات كبيرة في السودان.
ما هي هذه المكونات؟
المكونات القبلية والسياسية والتجار الذين يتحكمون في قوت الناس والزراع، السودان فيه شركاء متشاكسون يجب على هولاء الشركاء أن يقتنعوا بأن هناك مشكلة ولابد من حلها، وأن الحل يكون بطريقة يرتضيها الله تعالى (وما اختلفتم فيه من شي فحكمه إلى الله).
اتفاقية جوبا للسلام .. برأيكم : هل ساعدت في حل المشكلة أم أدت إلى تفاقمها؟ ولماذا؟
أي اتفاقية أو شرط ليس فيه كتاب الله لا تزيد المشكلة إلا عمقا، بغض النظر عن اتفاقية جوبا وبنودها، وأيما شرط أحلّ حراما أو حرّم حلالا، وأي حل بعيد عن هدى الله ونور الله تعالى لايزيد الناس إلا بعدا وشقاء.
نداء أخير
أوجهه أولا إلى امة محمد صلى الله عليه وسلم: ابحثوا عن الحل في كتاب ربكم، (وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله)..
النداء الثاني إلى الدولة: أن خذوا حذركم من أعداء الدين والملّة من اليهود والنصارى، وبذات الامة النصرانية التي وظفت سفاراتها لتعيث في الأرض فسادا (مايود الذين كفروا من اهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير ربكم) أيقنوا به وآمنوا به والله، ثم والله هذه السفارات وهولاء السفراء وهذه المبادرات الغربية التي تذهب وتجيء، لاتريد للسودان خيرا تريد ان يتفكك السودان ويتشظى.. أقبلوا على الله عز وجل واعتمدوا على أنفسكم في حل مشاكلكم، وسدوا الباب في وجوه هولاء، فكفى ما فعلوه في هذه البلاد من الفساد والإفساد والإغراء لشذاذ الآفاق أن يعيثوا في الأرض الفساد
رجاء
أرجو من لله سبحانه وتعالى أن يصلح العباد والبلاد، ثم رجاء للأمة السودانية أن تحافظ على النكهة السودانية، ونحن لا مثيل ولا نظير لنا بين شعوب الأرض طيبة وكرما وشهامة ومروءة.. فلا تذهبوا نكهة السودانيين.. وليس عيبا أن نكون فقراء، وليس أن نكون في هذا الوضع المتدني من الخدمات الحياتية في شوارعنا وطرقنا.. ولكن يكفينا فخرا أن السوداني مثل الذهب الخام، متى ما ذهب إلى أي مكان رفع على الرؤوس، وقيل لهم أنتم هل الأمانة والشهامة والكرم..لا تدنسوا وهج السودان، اصبروا على ما نتم فيه واعبرو بالسودان إلى بر الأمان نعيد السودان إلى ماضيه التليد، السودانيون هم من وضع البُنى التحتية لكثير من دول المنطقة العربية والإفريقية؛ في العلم والتعليم، في الجندية والعسكرية، في السياسة والإعلام في الإدارة، تجد السودانيين هم الذين وضعوا اللبنات الأولى لدول الخليج وإفريقيا، فليرجع السودان إلى ذلك الماضي التليد.
إنضم الى احدى مجموعاتنا على الواتس