السودان -هل أتاك حديث الجنود ؟! – بكري المدني
ديباجة:
ما من دولة واحدة في الراهن المعاصر تتعدد فيها الجيوش الرسمية وغير الرسمية مثلما هو حال السودان الأمر الذي يهدد استقراره واستمراره كدولة واحدة بل ويهدد سلامة شعوبه حتى وإن قررت بعض، أو كل، هذه الشعوب تقرير مصيرها بالانفصال عن بعضها البعض، وهو الخيار الذي أصبح يقارب خيار الوحدة عند البعض/ والكل على حد سواء مع ضعف بائن في ممسكات الوحدة الوطنية وهشاشة في مركز الدولة وسيولة أمنية عامة لم تشهد لها البلاد مثيلا.
* الجيش السوداني :
القوات المسلحة وهي الجيش الوطني للبلاد والذي لا يزال رغم التحديات والحروبات والمهددات أحد أقدم وأقوى الجيوش النظامية في المنطقة العربية والإفريقية ولا يزال يمثل أحد أهم عوامل وممسكات الوحدة الوطنية في البلاد، ولكن دعاوى تفكيك هذا الجيش العظيم التي يدعو ويعمل لها للأسف الكبير بعض أبناء هذا البلد سواء بغرض أو جهل، وبقوة دفع خارجي تمثل أكبر التحديات والمهددات التي تواجه الجيش السوداني منذ تكوينه ويتطابق بشكل كامل عند كثير من المراقبين والوطنيين مصير الجيش مع مصير السودان كبلد واحد، فبقاء الثاني مرتبط بتماسك الأول والعكس أيضا قائم وصحيح.
* الدعم السريع :
الدعم السريع هي قوات ضخمة وذات جاهزية عالية وآخذة في التطور ولقد كان لها دور كبير في حماية الدولة السودانية في وجه الحركات المسلحة أيام حرب التمرد في دارفور، وكذلك كان لها دور واضح في الثورة عندما انحازت لخيار الشعب الذي خرج على النظام الذي أنشأها، ولكن ومع الدور الماضي والحاضر لقوات الدعم السريع إلا أن هناك خلل بائن في تركيبتها حيث تغلب عليها الإثنية الواحدة وتغلب داخل الإثنية نفسها القبيلة الواحدة بل وحتى داخل القبيلة هناك غلبة من حيث التكوين لعشيرة واحدة، وهكذا حتى القيادة مما ينزع عن هذه القوة الكبيرة الشكل القومي المطلوب، وهذا من ناحية استراتيجية خطل بحسبان إنها قوات تابعة للدولة السودانية.
* قوات الحركات المسلحة :
تتعدد القوات التابعة للحركات المسلحة بتعدد هذه الحركات وتنقسم مع انقسامها المستمر، مما يجعلها مهدداً للأمن والسلم في حال بقائها كقوات خارج مظلة القوات النظامية، وأيضا في حال انقسام البلاد على نفسها، وهذه القوات مجتمعة ذات تكوين جهوي واضح سواء في دارفور أو جبال النوبة أو النيل الأزرق، وهي ذات قوة متفاوتة بحجم قوة الحركات، كما أنها، منفردة أو مجتمعة، قوة عسكرية لا يمكن الاستهانة بها وبالأثر الذي يمكن أن تحدثه حال تدهور الأوضاع الأمنية أكثر مما هي عليه اليوم، ونشوب صراع محتمل بينها وبين القوات النظامية أو بينها وبين بعضها البعض أو حتى تورطها في صراعات قبلية في أقاليم نشأتها، كلها وغيرها مهددات آخذة في الاتساع مع الأيام.
* قوات الصحوة
هناك قوة أخرى في إقليم دارفور تتبع لمجلس الصحوة الثوري الذي يقوده الشيخ موسى هلال وينطبق عليها ما ينطبق على غيرها من حيث التكوين ذا الطابع الإثني والقبلي وهي قوة ضاربة أيضا من حيث العدة والعتاد والتدريب والتخريج المستمر للتشكيلات العسكرية.
* فرسان القبائل
الصراع القبلي في السودان دفع بالكثير من القبائل لتسليح أبنائها، وإن كان الاقتتال القبلي في الماضي يتم بالأسلحة البيضاء والأسلحة الخفيفة والقديمة مثل البنادق (الخرطوش)، فلقد سعت بعض القبائل، خاصة في مناطق النزاع التى توجد بها بعض الحركات المسلحة، لامتلاك الأسلحة المتطورة والسريعة والكبيرة مثل المدافع الرشاشة التى تحمل على العربات ذات الدفع الرباعي، وهذه العربات نفسها تعتبر من الناقلات العسكرية من ناحية تعدد الاستخدامات.. وبهذا التسليح فلقد تحولت بعض القبائل إلى قوة عسكرية هائلة تهدد غيرها وتهدد الدولة التي هي جزء منها ومن شعبها.
* القوات النائمة
في السودان أيضا قوة مهولة في حالة نوم أو سبات، سواء أن كانت هذه القوة عبارة عن أفراد أو جماعات، إذ شهدت حقبة نظام الإنقاذ تدريب آلاف المواطنين على استخدام السلاح حسب فلسفة ذلك النظام العسكرية، وكوّنت عدداً من التشكيلات العسكرية الشعبية شبه النظامية مثل؛ الدفاع الشعبي والشرطة الشعبية والأمن الشعبي، إضافة لقوة هيئة العمليات التى كانت تتبع لجهاز الأمن والمخابرات الوطني قبل حلها.. كما إن هناك أيضا قوة عسكرية كانت تتبع لبعض التنظيمات السياسية مثلما مؤتمر البجا والأسود الحرة والتحالف السوداني.. ضف إلى كل هؤلاء وأؤلئك المئات من الجنود والضباط الذين تمت تصفيتهم من القوات النظامية في النظام السابق واللاحق.
خاتمة
أعلاه ذكر وليس حصر لكل القوات المسلحة في السودان -النظامية منها وغير النظامية -الرسمية فيها والأهلية -المجموعات والأفراد -الصاحية منها والنائمة.. وهي كلها فيما عدا الجيش والشرطة -في تقديري- تعتبر خطراً على نفسها وعلى بعضها وعلى البلد كلها ما لم يتم اتفاق كبير بين السودانيين على ضرورة حلها من خلال ترتيبات أمنية شاملة تصحبها هيكلة للقوات النظامية، بما يمكن أن يعالج أى خلل فيها لتمثل الجميع.