الطابية: تقرير عبد العزيز ضيف الله
أكد الشيخ د.محمد عبد الكريم الشيخ، رئيس تيار نصرة الشريعة ودولة القانون، إن “السخط على الوضع القائم” وعلى الحكومة الحالية، هو العنوان العريض الذي جاء التعبير عنه في معظم تظاهرات الخميس 21 أكتوبر..مشيراً إلى أن الشعب السوداني، بات في هذه المرحلة، أكثر وعياً وإدراكاً أن أمنيته التي كان ينشدها من خلال الثورة التي أطاحت بالنظام السابق ذهبت أدراج الرياح، وأن الجهود التي بذلت وأن الدماء سفكت لم تحقق ما كان يصبو إليه الشعب السوداني.
وفي رده على سؤال: هل السخط هو العنوان أم “الانقسام” في الشارع السوادني؟ في برنامج “لقاء اليوم” بقناة التاسعة، قال د.محمد عبد الكريم إن المعتصمين أمام القصر الجمهوري الذين يمثلون طيفاً كبيراً من الشعب السوداني، بما فيه أحزاب كانت أصلاً مع الحرية والتغيير، بالإضافة إلى الإدارات الأهلية والطرق الصوفية، هي في اتجاه واحد هو “حل هذه الحكومة واستبدالها بحكومة أخرى تنبني على طيف واسع وتأييد واسع للشعب السوداني بعيداً عن احتكار السلطة لفئة معينة أو مجموعات أخرى، وأضاف أن قحت الأولى كانت تحشد من أجل كسب الشارع لتأييدها، ولكن الشارع خرج اليوم من أجل (مدنية)، وهذه المدنية لا تعني تأييداً لهذه الحكومة، لأنه من خلال الهتافات ومن خلال المواجهة التي حدثت لبعض رموز قحت الأولى الذين خرجوا، كما رأينا في مجابهة وزير الصناعة إبراهيم الشيخ، أمام البرلمان السوداني.
وحول طبيعة الحراك، قال إن الذين خرجوا الخميس يمثلون ثلاثة أقسام، قسم خرج لتأكيد انحيازه للحكومة المدنية مطلقاً مع نقمته على قحت، بدليل أنهم رفعوا شعارات النقمة على قحت والنقمة على العسكر في نفس الوقت، ولسان حالهم يقول (نحن نريد حكومة مدنية، وهؤلاء لا يمثلون حكومة مدنية)، وقسم آخر خرج من أجل التوافق مع اعتصام القصر، وقسم خرج من أجل تأييد حمدوك وحكومته.
وعن الجهة التي أخرجت المتظاهرين اليوم، قال إن كل يريد أن يعبّر عن موقفه، وهي جهات متباينة، وهذا واضح من الشعارات المرفوعة، وبعض الناشطين من الثوار السابقين المنادين بالمدنية، تحدوا رموز قحت أن يخرجوا في هذه المظاهرة، وقالوا نحن خرجنا من أجل (مدنية نظيفة) بعيداً عن القحاتة، الذين سرقوا الثورة، وبعيداً عن العسكر الذين يريدون الالتفاف على هذه الثورة..وأضاف أن الهتافات والشعارات التي ظهرت، تؤكد تماماً انحياز الشارع السوداني إلى حكومة مدنية تحقق الشعارات التي خرج من أجلها.
وحول ما حدث لإبراهيم الشيخ، قال إنه نزل في أهم نقطة كانت تأمل قحت الأولى أنها تكون ناجحة مائة بالمائة وأن تتحول ربما إلى اعتصام دائم في مقابل اعتصام القصر، ولكن لم يظهر في المكان إلا هذا الرمز من رموز قحت الأولى، مؤكداً أن الجواب كان واضحاً.. وأضاف أنهم حتى هذه اللحظة يحاولون التعمية على الرأي العام بأن الشارع معهم.. وقال إن هذا الشخص كان يعتبر أحد رموز الثورة السابقة، وهو الذي تفاوض مع العسكر!!. والآن بدلاً من أن تحتفي به الجماهير قالبته بالهتافات التي تدل على السخط ضد هذه الحكومة وفسادها!!.
وحول سؤال: هل ما يجري في الشارع الآن هو انقسام في الشارع السوداني، قال رئيس تيار نصرة الشريعة ودولة القانون، إنه يوجد انقسام بامتياز داخل جسم الحرية والتغيير الذي حدث فيه تشظي، حيث تسلطت عليه أربعة أحزاب، يطلق عليها السودانيون (أربعة طويلة) بمعنى أنها سارقة للثورة، وهذه الأحزاب احتكرت السلطة، وحاولت أن تقصي حتى من كان معها من قوى الحرية والتغيير، فضلاً عن الأحزاب الأخرى، وهذا ما جعل العسكر يقولون لهم “أنتم تريدوننا أن تستمر مع أربعة أحزاب؟ أين الذين كانوا معكم عندما وقعتم الميثاق لأول مرة؟”.. حتى الحزب الشيوعي أعلن خروجه..وأكد الشيخ محمد أن الشارع الآن ليس مع حزب معين، بل هو ساخط على كل الأحزاب السياسية.
وقال الشيخ د.محمد عبد الكريم إن تيار نصرة الشريعة كان موجوداً برموزه وشبابه، منوهاً إلى أنه ستكون هناك خطبة جمعة، اليوم، في القصر، لأحد رموز التيار، وأضاف نحن مع ميثاق التوافق الوطني بشرط أن يسفر عن تكوين “حكومة كفاءات مستقلة”، لافتاً إلى إن حكومة الكفاءات ليست بحاجة إلى حاضنة سياسية.
وقال عبد الكريم إن العسكر لو كانوا صادقين منذ البداية في تسليم السلطة إلى الشعب، لما كانت هناك شراكة ثنائية بينهم وبين الأحزاب السياسية في الفترة الانتقالية.. مؤكداً أن الذي يلام على وضع العسكر وتلاعبهم بالمدنيين، هي قحت ليس غيرها، لأنها بدلاً من أن تنحاز إلى القوى المدنية الأخرى وتعمل على تكوين حكومة كفاءات بعيداً عن التجاذبات، كانت هي التي تتحالف مع العسكر، وأقصت الآخرين، مما حدى إلى سخط الكيانات الأخرى عليها، رغم أن كثيراً من هذه الكيانات كان لها موقف من الحكومة السابقة.
وأكد د.محمد عبد الكريم أن تيار نصرة الشريعة يؤمن بقضية التحالف من أجل استقرار السودان، بدون إقصاء إلى الأحد، وأضاف إننا ننادي بالعودة إلى المنصة الصحيحة، والطريق السليم، وهو أنه لا ينبغي للأحزاب أن تحكم في الفترة الانتقالية، وهم يصرون على أن يحكموا في الفترة الانتقالية وحدهم..
وفي رده على اتهامات البعض للمعتصمين بأنهم جزء من النظام والدولة العميقة، ويريدون الانقضاض على السلطة من جديد بهذه الاعتصامات، قال إن المنطق والعقل بينهم وبين هذه المزاعم والاتهامات، وأضاف نحن نقول “نحن نريد انتخابات مبكرة، وهم يخافون من الانتخابات، وهذا من العجب!!.. ومن الغريب أن البرهان يهدد شركاءه المدنيين بالدعوة لانتخابات مبكرة!!..وقال إن الذي يريد حكومة مدنية حقيقية هو الذي يحرص على انتخابات، رافضاً كل التعلّات التي يتعللون بها، مثل قضية النازحين، واستكمال السلام، والتعداد، كل هذه سقطت بتوقيع اتفاقية السلام، مشيراً إلى أن أرباب عملية السلام الآن هم الداعون إلى الحكومة المستقلة، وبعضهم وزراء في هذه الحكومة!.
وحول موقف تيار نصرة الشريعة من قوى الحرية التغيير جماعة مثياق التوافق الوطني، قال نحن ننحاز إلى هذا الميثاق باعتبار أنه الميثاق الأجمع بالنسبة لأهل السودان، حيث يحوي الأحزاب السياسية، والكيانات القبلية والإدارات الأهلية، والطرق الصوفية، والعلماء والدعاة.. مؤكداً أن السودان وصل إلى مفترق خطير، هو “يبقى السودان أو لا يبقى” وقحت تتفرج ولا تريد أن تبادر مبادرة جادة لحل المشاكل مثل إغلاق الطرق الحيوية والموانئ الرئيسة!!.. رغم أنها هرعت قبل ذلك إلى عبد العزيز الحلو لتتفاوض معه من أجل إقرار العلمانية!!..
وكشف عبد الكريم أن قحت لديها أزمة أخلاقية، وهي أنهم يعلمون أن الجيش غير مفوّض لتسليم السلطة لحكومة مدنية إلا بالانتخابات، ولكنهم يغطون خوفهم وهروبهم من هذه الانتخابات، فيخدعون الاتباع ويضللون الرأي العام بأنه الجيش لا يريد تسليم السلطة!!.. وهم يعلمون أن الجيش لا يتدخل في السياسة إلا في الفترة الانتقالية، ويتحمل الجيش مسؤوليتها لحين قيام الانتخابات، ولكنهم هم يريدون استخدام الفترة الانتقالية من أجل تصفية حساباتهم مع خصومهم السياسيين، ولذلك يريدون إبعاد الجيش عن السياسة بخدعة أنه يتدخل في السياسة!!.. وأضاف أنه من الأزمة الأخلاقية أيضاً ” تهرُّب قحت من الانتخابات، في الوقت الذي يطالب فيه الجيش بها” ومع ذلك تدعي قحت المدنية، وتدعي أنها تمثل الشعب، وتتهم الجيش بأنه هو الذي يتمسك بالسلطة.. وتابع “من الأزمة الأخلاقية أنها تعلم تماما أن الجيش لا يريد السلطة، وإنما هي التي تريدها وتخدع أتباعها بذلك”، ولا رغبة لها في قيام الانتخابات.. الجيش هو الذي ينادي بالانتخابات.
وقال عبد الكريم أن من الأزمة الأخلاقية، أن قحت تعلم أن سرقتها للثورة يتمثل في توجهها المعادي للإسلام.. ودليل ذلك أنهم في اعتصام القيادة كانوا يقولون إنهم ليسو ضد الدين ولاي يريدون فرض العلمانية، ولكن ما أن وصلوا إلى السلطة حتى وصلوا شأواً بعيداً في فرض العلمانية، والدعوة إليها، وتغيير المناهج التعليمية”.