ثقافةمقالات

علي أبوسن .. أحاديث الأدب والسياسة

ضمّن مذكراته أعلام الفكر الإسلامي المعاصر..سيد قطب ومالك بن نبي والبشير الإبراهيمي

الخرطوم : نجاة حاطط
علي أبوعاقلة أبوسن ..شيخ العرب ..الدبلوماسي السياسي الأديب الذي أهداه الشاعر المهول محمد المهدي المجذوب ديوانه “الشرافة والهجرة ” ..خلفيته الاتحادية دفعت به إلى أن يعيد- رفقة آخرين – تكوين الحزب الوطني الاتحادي بٌعيد انتفاضة مارس – أبريل 1985 م ..ورغم انتمائه الاتحادي وتأثره بالفكر الناصري- إبان المد القومي العربي في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي- إلا أن أبا سن ظل في العديد من رسائله إلى أصدقائه وفي كتابه الذي أثار جدلا كثيفا ” المجذوب ..والذكريات .. أحاديث الأدب والسياسة..بين الخرطوم ولندن والقاهرة وباريس “يذكر بزهو وإعجاب لاتخطئه عين ولايغفله قلب إكباره لأعلام الفكر الإسلامي المعاصر الذين شرف بلقائهم بل وجمعته بهم بعض المواقف المشرقة وهم .. سيد قطب ومحمد قطب ومالك بن نبي والبشير الإبراهيمي بالإضافة إلى الثائرين المغربيين الأمير عبدالكريم الخطابي وعلال الفاسي ..

أولاد قطب:
تخرج الأديب الدبلوماسي علي أبوسن – الاتحادي القح – في كلية دار العلوم بالقاهرة عام 1958م واتصل فيها بكبار الأدباء: العقاد، وأنور المعداوي، وعبد القادر القط، وعمر الدسوقي، وأحمد هيكل ومحمد مندور، وصلاح عبد الصبور، وأحمد عبد المعطي حجازي، ومحمود الربيعي، وفاروق شوشة، والفيتوري، ومحيي الدين فارس، ورجاء النقاش، وآخرين كثر..
وفي كتابه الموسوم بـ”المجذوب والذكريات” ذكر أنه كان من حسن حظه أن اختير ليمثل الطلبة السودانيين في الحفل الذي أقامه سيد قطب ومحمد قطب تكريما للشيخ البشير الإبراهيمي، وذلك في منزل المفكرين الإسلاميين سيد ومحمد قطب بضاحية حلوان، حضره أعلام مصر من العلماء والأدباء والسياسيين، فوجد الشيخ الإبراهيمي أديباً مرهف الحس، عالما موسوعي المعارف، محاورا لمّاح البديهة.
قال أبوسن إنه عرف المفكر الجزائري المبدع مالك بن نبي أثناء الدراسة الجامعية بالقاهرة، وكانت ثورة الجزائر في أوجها، ثم تجددت الصلة بينه ومالك في أوربا.. كان أبوسن من بين الطلاب الذين تطوعوا لمساعدة حكومة المنفى الجزائرية التى ترأسها فرحات عباس بالمنيل، وذلك بتحرير النشرات وتشغيل مطابع الرونيو ونحو ذلك..
جاءه يوما زميله المغربي عبد السلام الهراس في ساعة متاخرة، وقدم إليه شخصية جزائرية متخفية كان لها أبلغ الأثر في حركات التحرر الوطني وفي الفكر الإسلامي المعاصر، ولم تكن تلك الشخصية سوى المفكر الجزائري الضخم مالك بن نبي، ويذكر هاهنا دور علي أبي سن في تقديم مالك بن نبي للآلة الإعلامية المصرية المؤثرة شديدة التأثير، أعني دار روز اليوسف ونجمها الإعلامي الصحفي الروائي إحسان عبد القدوس.. ومن روز اليوسف، ابتداء من ذلك اللقاء الذي دبَّره أبوسن والذي جمع فيه مالك بن نبي مع إحسان عبدالقدوس لأول مرة وجها لوجه، انطلقت كتابات مالك بن نبي من قاهرة المعز لتصل إلى القاريء العربي، مكتوبة بالفرنسية، من المحيط إلى الخليج.
ومن شرفة دار الشبان المسلمين ودار الإخوان المسلمين حيث أقفلت الشوارع وأوقفت الحركة في وسط القاهرة كلها استمع علي أبوسن إلى أشهر مطلوب جزائري لدى الاحتلال الفرنسي يخاطب مئات الآلاف من المصريين، ذلكم هو الشيخ البشير الإبراهيمي الذي افتتح ألف مدرسة سرية لتدريس العلوم الشرعية واللغة العربية في الجزائر، والذي وضع الاحتلال الفرنسي جائزة مليون فرنك لمن يأتي به حيا أو ميتا !.. وكان علي أبوسن مع صديقه المغربي عبدالسلام الهراس يقضي -مرة في الأسبوع على الأقل- أمسية مع فارس ثورة الريف المغربي الذي دوخ جيوش الإسبان والفرنسيين الغازية الأمير عبدالكريم الخطابي، كما كان الهراس يأخذه عند علال الفاسي رئيس حزب الاستقلال المغربي.
وهكذا جاء كتاب “المجذوب والذكريات” لكاتبه الدبلوماسي السياسي الأديب علي أبي سن .. ليس مجرد كتاب يسرد ذكريات الرجل مع شاعر السودان الفذ محمد المهدي المجذوب فحسب..ولكنه كتاب ضمنه كاتبه أحاديث الأدب والفكر والسياسة مطوفا فيه بين الخرطوم ولندن والقاهرة وباريس متوقفا عند أهم محطات الفكر الإسلامي المعاصر ورموز التحرر الوطني والثوري والجهادي في تاريخ الأمة الإسلامية المعاصرة .. سيد قطب، ومحمد قطب، ومالك بن نبي، والبشير الإبراهيمي، بالإضافة إلى الثائرين المغربيين الأمير عبدالكريم الخطابي وعلال الفاسي .. ولا عطر بعد عروس!.

إنضم الى احدى مجموعاتنا على الواتس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى