اقتصادتقارير

رحيل صاحب “المثلث الشهير” .. عبدالرحيم حمدي في ذمة الله

الخرطوم /نجاة حاطط
غيب الموت، عصر أمس الجمعة، عن عمر ناهز ال (82) عاما، وزير المالية الأسبق د.عبدالرحيم حمدي، الذي توفي متاثرا بمضاعفات فيروس كوفيد 19 حيث توفي بمنزله بامتداد شمبات، ووري  الثري بمقابر حلةحمد ببحري.
وعبدالرحيم الذي اشتهر فكرة اقتصادية صارت مرتبطة باسمه “مثلث حمدي” والذي عبّر فيها بأن تكون الخدمات متمركزة حول منطقة، “دنقلا، سنار ، كردفان”.. الأمر الذي صب عليه غضب أهل الهامش بعد أن اتهموه بالعنصرية والجهوية.

التحرير الاقتصادي:
وعبدالرحيم حمدي الذي تقلد منصب وزير للمالية لدورتين،  وكان أول وزير مالية لنظام “الإنقاذ “، يعتبر من أشهر وزراء المالية الذين دفع بهم في تاريخ السودان وذلك لأنه واضع ومنفذ لسياسات “التحرير الاقتصادي” التي لازالت البلاد تنتهجها كسياسة لإدارة الاقتصاد السوداني رغم مضي ثلاثة عقود على تنفيذها لأول مرة.

جانب خفي:
تقول سيرة عبد الرحيم حمدي المخفية عن العامة أنه أطلق صرخة الميلاد بمروي في العام 1939، والتحق بكتًاب شندي  ثم درس الوسطي بأمدرمان، والثانوي بوادي سيدنا، ومنها إلى كلية الاقتصاد بجامعة الخرطوم التي تخرج فيها في العام1952، والده محمود على حمدي المنتمي لقبيلة العبابدة كان طبيبا كما عرف بموهبته الشعرية.
وعقب تخرج عبدالرحيم من الجامعة عمل موظفا بوزارة المالية، ثم سرعان ما التحق بمهنة المتاعب حيث عمل صحفيا وظل بالمهنة حتى عام 1965 حيث شغل منصب “مدير تحرير ” لصحيفة “الراية. وفي تلك الفترة عرف السياسة وتعرجاتها  وكان قبل ذلك ومنذ فترة الثانوية العامة قد التحق بالاتجاه الإسلامي رسميا، فتم اعتقاله من قبل الأجهزة الأمنية إبان عهد نظام مايو ١٩٦٩، وأُطلق سراحه بعد المصالحة مع النظام عام ١٩٧٧م.

تأسيس بنوك وشركات:
يعتبر عبدالرحيم حمدي من مؤسسي ما يعرف ب”البنوك الإسلامية “ففي مطلع السبعينات أوكلت إليه مهمة تأسيس بنك فيصل الإسلامي، الذي تقلد فيه منصب “المدير العام”، وبعده دعاه السعودي صالح كامل ليؤسس بنك “البركة ” الذي أصبح يشغل فيه منصب “نائب المدير “.
وفي عام 1993 أسس حمدي شركته الخاصة “إقبال” والتي تخصصتت في المجال المالي وعمل الدراسات المالية للبنوك، كما قام بتأسيس شركة “الرواد للخدمات المالية”، وفي عام 1994  أصبح رئيس مجلس الإدارة لسوق الخرطوم للأوراق المالية، ثم شغل منصب رئيس مجلس إدارة بنك الاستثمار المالي وذلك حتى عام 2002 حينما  أصبح وزيرا للمالية للمرة الثانية. كما أسس شركة الآمان للصرافة التي أصبح رئيس مجلس إدارتها، كما أسس شركات “موتف فورس للطيران” و”ميداير لاينز ”

الخصخصة:
يعد عبد الرحيم حمدي من الذين أطلقوا صرخة الميلاد لسياسة “التحرير الاقتصادي “أو ما يعرف عند العامة  ب”الخصخصة” والتي تهدف لتحريك جمود الاقتصاد والاعتماد على الموارد الداخلية ببيع بعض مؤسسات القطاع العام للقطاع الخاص، تلك السياسة التي انتهجتها الإنقاذ للاستفادة من الأموال التي تدرها الشركات الخاصة على الحكومة، مع الاتجاه لتجويد الخدمة. وكانت تلك السياسة قد جرت غضب كثير من المواطنين على الحكومة التي نفضت يدها من كثير من القطاعات الحيوية، إلا أن حمدي كان يرى أن “الخصخصة “لا تعني إخراج الحكومة من القطاع الخاص.

تباين:
المؤيدين لحمدي يرون فيه خبير اقتصادي صاحب علاج جذري ناجع  لمشاكل الاقتصاد السوداني.. ولكن هذا العلاج يستخدمه حمدي بدون “بنج”، مضيفين بأن سياساته ظلت تحكم الاقتصاد السوداني لمدة ثلاثة عقود، وإلى الآن في ظل حكومة ما بعد الثورة، ولأن نجاح أو فشل السياسة معتمد على قوة وحسن تدبير الطاقم السياسي بالوزارة المعنية بالمال، حققت سياسته نجاحا في فترة استوزاره.
أما الناقمين عليه فيرون فيه شخصية متغطرسة صاحب آراء عنصرية جسدها من خلال حديثه الذي اختصروه  في مصطلح “مثلث حمدي”.

مواقف صارمة:
قال القيادي بحزب “المؤتمر الوطني” أمين حسن عمر أن الراحل صاحب آراء ومواقف صارمة ويميل للمعالجة الجذرية للقضايا، ولا يحلي قوله ولا مواقفه بالمداهنة ولا بالتلطف للخاصة، ولا للراي العام، مضيفا أن السياسات التي اتخذها حمدي في معالجة علل الاقتصاد كانت من أفضل القرارت الاقتصادية التي اتخذت عبر عقود طويلة. وكان حزمه في تاكيد ولاية المال العام صامداً قوياً وربما هذا هو المفسر لعدم إطالة عهدته في الوزارة في المرة الأولى والثانية.

اعتراف:
قبيل سقوط نظام  “الإنقاذ” بعدة أشهر، وفي مايو تحديدا في العام 2018 وفي منتدى “كباية شاي”، الذي تقيمه صحيفة “التيار”، شن عبدالرحيم حمدي هجوماً لاذعاً على الحكومة مشيراً إلى انهيار الاقتصاد، ووصف الاجراءات التي تتبعها الحكومة ضد الفساد وما يعرف بالحملة ضد “القطط السمان” بأنها غير عملية وغير مجدية، مضيفاً أنها لاتعدو كونها فساداً من الدرجة الرابعة على يد موظفين “وتابع محاربة  الفساد الحقيقي تتطلب إجراءاً صاعقاً يطال خمسة أو ستة أشخاص معروفين للجميع، وأضاف هناك وزارة تستحوذ على ملايين الدولارات خارج ولاية وزارة المالية.

إنضم الى احدى مجموعاتنا على الواتس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى