القيادية بمبادرة (سودانيات ضد سيداو) الأستاذة هند شوقي في إفادات للطابية حول الأثر التدميري لاتفاقية سيداو على المجتمع
حوار: قسم الحوارات والتحقيقات
برزت الأستاذ هند شوقي أبوعكر المحاضرة الجامعية والناشطة في مجال المرأة والطفل بصفتها واحدة من الشابات السودانيات المثقفات الملتزمات المناهضات لـ (سيداو)، وقد شاركت مع غيرها من النساء الفضليات في مقاومة هذه الاتفاقية الغربية التي تعتبر حرباً على ديننا وتقاليدنا السمحة كمجتمع سوداني متدين ومحافظ، ونشطت الأستاذة هند شوقي في تبيان مخاطر (سيداو) على المجمتعات المسلمة والمجتمع السوداني بصفة خاصة، واستضافتها الكثير من القنوات الفضائية والوسائط الإعلامية لتوضيح وجهة نظرها في (سيداو)، وهي تنشط مع غيرها ممن يحملن نفس رؤيتها تجاه (سيداو) في حراك مجتمعي باسم (سودانيات ضد سيداو) ونفذن مجموعة من الأنشطة لمقاومة (سيداو)… في هذه المساحة نستضيف الأستاذة هند شوقي لإلقاء مزيد من الضوء حول (سيداو) والموقف الصحيح منها.
ــ حدثينا أولاً عن (سودانيات ضد سيداو) من حيث نشأتها، وأهدافها، ووسائلها، وبرامجها السابقة، والمستقبلية.
سودانيات ضد سيداو هي حِراك مجتمعي ومبادرة جمعت مختلف أطياف وانتماءات المرأة السودانية الرافضة لاتفاقية سيداو
نشأتها لا يمكن تحديدها بتاريخ فقد كان الصوت الرافض لهذه الاتفاقية واضحاً جلياً منذ أن طُرحت فكرة المصادقة عليها وبدأت في الظهور للعلن بعد تبني الاتفاقية من وزير العدل في الحُكومة الانتقالية فقامت المبادرة بوقفة احتجاجيةٍ ضخمةٍ ومشهودة وموثقة وطالبت بتسليم رسالة رافضة للوزير الذي رَفض مقابلة الحشد.
أقامت المبادرة عدة نَدوات وبرامج تعريفية بأخطار سِيداو ولدينا صفحة نشطة على موقع فيسبوك ترصد جزءاً مقدراً من أنشطتنا وتعرض رؤيتنا ومبررات رفض الاتفاقية، ونسعى لزيادة الوعي وتبصير نساءِ السودان وفتياته على وجه الخصوص بمآلات ومخاطر المصادقة على هذه الاتفاقية التي لا تشبهنا ولا تتوافق مع طبيعة قيمنا وتشريعاتنا.
أثر (سِيداو) على الأسرة تدميري وتقود للاعتراف بالمثلية وحرية مُمارسة الجنس دون قُيود ونسبة المواليد لغير آبائهم.
ـــ ما هو أثر (سيداو) على الأسرة كمؤسسة؟ وعلى الزواج كطريقة شرعية لعلاقة نظيفة بين الرجل والمرأة؟ وعلى المرأة كفرد صالح في المجتمع؟
أثر سيداو ـ إن طُبقت ـ على الأسرة عموماً هو أثر تدميري واضح ومقصود يتم به الاستغناء عن مظلة الاسرة بشكلها الفطري والاستعاضة عنها بمسخ مشوه من التجمعات الخرقاء التي تعترف بالمثلية وحرية مُمارسة الجنس دون قُيود ونسبة المواليد لغير آبائهم وربما شهدنا بذلك مضاعفاتٍ خطيرةٍ ربما بلغت حد الاتجار بالأطفال وربما ينعدم النسب ويضيع مفهوم الأبوة وشجرة العائلة ويصبح الأفراد كرجال آليين بلا هوية ولا انتماء.
إذا كانت سيداو تتدعي مناهضة (التمييز ضد المرأة) بأشكاله التي ظهرت وتمارس حاليا في المجتمعات الغربية فنحن كمجتمع شرقي محافظ لا تنطبق علينا هذه الدعوات، وربما كان العكس صحيحاً فنحن لدينا تمييز حقيقي، ولكنه لصالح المرأة وليس ضدها بالطبع.
ـــ البعض يركز على بعض ميزات (سيداو) التي قد يتوقعها، في رأيكم هل تبرر هذه الميزات ـ إن وجدت ـ التوقيع على الاتفاقية؟
ميزات سيداو التي يلحظها البعض ليست في جوهرها تمييزاً إيجابياً كما يتبادر إلى الذهن وإنما هي مزيد من الرهق والتكاليف تُعاني منها النساء في المجتمعات الغربية كما نرى، فيقع على عاتق المرأة هناك ما يقع على الرجل سواء بسواء، ولقد كرّم الشرعُ الإسلامي المرأة بأن أسقط عنها تكاليف إعالة الاسرة مادياً وتكاليف الدفاع البدني عن الدولة والمجتمع وتوجها ملكة، ونسب اليها البيت وإن كان ملكاً للزوج قال تعالى (لا تخرجوهن من بيوتهن) فروح البيت وريحانته هي المرأة ما أكرمها إلا الكريم وما أهانها الا اللئيم..هذه الميزات تخدم الرجل أكثر من المرأة وتؤدي إلى تفكك الأسرة وتشريد الأطفال ويظهر الشواذ تحت حماية القانون فيهلك النسل وتكثر الأمراض والعياذ بالله.
بمجرد الاعتراف بهذه الاتفاقية نعترف بمشرّعها وندين له ديناً يجعله الهاً يشرع ويحكم، وصاحب ولاية مطلقة تضع الأوامر وتحاسب المخالفين بقوة القانون وسطوة الدولة وهذا ما يسعى له الليبراليون الجدد.
ــ يردد البعض أنه يمكن التوقيع على (سيداو) مع التحفظ على بعض موادها، هل يمكن عملياً التحفظ على مواد أساسية في (سيداو)؟ وهل يمكن تلافي خطورة التوقيع على (سيداو)؟
قبل أن أتحدث عن الناحية القانونية أو الإجرائية عند المصادقة والتحفظ أريد أن انبه على أمر خطير ومنزلق لا ريب أنه سيهوي بنا إلى المهالك، ذلك أننا بمجرد الإعتراف بهذه الاتفاقية فنحن نعترف بمشرعها وندين له ديناً يجعله إلهاً يشرِّع ويحكم، وصاحب ولايةٍ مطلقةٍ تضع الأوامر وتحاسب المخالفين بقوة القانون وسطوة الدولة.
لا يخفى على ذي بصيرة أن هذه الحكومة الانتقالية تريد فرض علمانية الدولة وهي محاربة لكل ما يتعلق بقيم الشعب ومعتقداته وشرائعه مما افقدها التوازن في حقيقة تمثيلها لشعبها وثورة شبابه.
وهذا ما يسعى لتطبيقه الليبراليون الجُدد.. دينٌ جديدٌ وإلهٌ يُطاع مرجعيته العقل البشري المحدود والتجربة العلمية القليلة (وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً)، ولا يَخفى على ذِي بصيرةٍ أن هذه الحكومة الانتقالية تريد فَرض علمانية الدولة وتتعمد في خصومتها مع المعسكر المعارض لها مُحاربة كل ما يتعلق بقيمه ومعتقداته وشرائعه، مما أفقدها التوازن في حقيقة تمثيلها لشعبها وثورة شبابه، فانصرفت عن معاش الناس وتهيئة مناخ الانتخابات الحرة النزيهة إلى معارك في قضايا ليست من اختصاصها، وعطَّلت قيام المجالس التشريعية، ولم تحتكم للمؤتمرات القاعدية والجماهرية في ذلك.
وبتفصيل وتحديد أكثر دقة فإن هذه الحكومة لا تملك صلاحيات التوقيع ولا التفويض بذلك، وإن هذه الاتفاقية يجب أن تتم مدارستها عبر اللجان القانونية المتخصصة لبيان جوانب انتهاكها لقوانين الأسرة والطفل في العديد من فقراتها، ولخروجها على سيادة الدولة في مادتها ٢٩ والتي أنكرتها معظم الدول..علماً بأن من نصوص هذه الاتفاقية العرجاء أنه لا يسمح بالتحفظ على أي فقرة أو مادة وردت فيها، وأنها تطبق بمجملها ويراعى لتطبيقها سن قوانين جديدة وتشريعات وتغيير مفاهيم مجتمعية راسخة بالقوة، محلية كانت أو دولية.
ــ هناك آراء تذهب إلى أن (سيداو) ورفيقاتها تمثل نوعاً من الصراع الحضاري بين الفكر الغربي من جهة، وبين الإسلام كدين وحضارة وثقافة مجتمع، ما رأيكم في هذا؟ وما مستقبل هذا الصراع إن وجد؟
نعم اعتقد جازمة أن مثل هذه الاتفاقيات ما هي إلا سلاح يفتك بالمجتمع المحافظ الملتزم لتفكيكه من الداخل، ولفرض ثقافات وتشريعات ليبرالية تمجد الفرد وتذيب الكيان الجامع والمرجعية العقائدية والتشريعية فيسهل عليهم تشكيل وجدان الشعوب بما يحقق مصالحهم وينشر مفاسدهم ويضمن لهم الولاء والتبعية بقوة القانون وقانون القوة، ومستقبل هذا الصراع أن الحق منتصر ولو بعد حين، وأن إحصائية من يرجعون إلى نداء الفطرة ويسلمون لله رب العالمين هي الأعلى على الإطلاق، فلا معبود بحق إلا الله.
يجب انتظام الحملات والوقفات الاحتجاجية للحيلولة دون السماح لحكومة الفترة الانتقالية بفرض توجهات مسيسة والرضوخ لابتزازات خارجية للتوقيع والمصادقة وهو عطاء من لا يملك لمن لا يستحق.
ــ ما هو دور المجتمع بمنظماته ومؤسساته في التصدي لـ (سيداو) والحيلولة دون إجازتها؟ وإذا حدث ـ لا قدر الله ـ أن أجيزت، ما الموقف الصحيح تجاهها؟
دور المجتمع الآن هو التوعية والتثقيف بمخاطر تطبيق مثل هذه الاتفاقية وأخص بالذكر شريحة الشباب، ذلك أن دعوات الفيمنزم وتدليس العلمانيين في وسائل التواصل والإعلام ربما أدخل بعض الشكوك المفاهمية لديهم وزعزع الثوابت القيمية في أذهانهم، وكنا قد سمعنا أن حزباً عقائدياً ذو مرجعية إسلامية يدعم الاتفاقية للأسف الشديد وما ذلك إلا لغياب الوعي والتبصير بمآلات ومطلوبات التصديق على تلك الكارثة.. يجب انتظام الحملات الإسفيرية والوقفات الاحتجاجية لكل أطياف ومكونات المجتمع المدني للحيلولة دون السماح لحكومة الفترة الانتقالية بفرض توجهات مسيسة، والرضوخ لابتزازات خارجية للتوقيع والمصادقة، عطاء من لا يملك لمن لا يستحق.
ــ مجلس الوزراء على لسان وزير مجلس الوزراء صرَّح بأنهم ماضون لإجازة (سيداو)، هل يملك مجلس الوزراء الحالي هذا الحق؟
لا يحق للجهاز التنفيذي سواء تكوَّن بانتخاب أو ثورة التوجيه بالمصادقة على سيداو أو غيرها من الاتفاقيات الدولية، والاتفاقيات الدولية تترتب عليها آثار قانونية وثقافية وسياسية وسيادية، ولا يمكن دستوريا أن يجيز المصادقة عليها إلا برلمان منتخب بعد فحصها ومعرفة آثارها الآنية والمستقبلية من قبل الجهات المتخصصة ذات الصلة بما فيها، والأساس الفلسفي الذي تقوم عليه اتفاقية سيداو مصادم للأديان كلها، وللعادات السودانية الكريمة..
وختاماً إليكم مجموعة من الأخطار والمساوئ التي تنطوي عليها (سيداو): فاتفاقية سيداو تقوم على مبدأ الحرية المطلقة، والنسبية في الأخلاق، والفردية، وأنسنة التشريع.
واتفاقية سيداو تنزع المرأة من السياق الاجتماعي وتجعلها مجرد أنثى، والمجمتع مجموع آحاد ليس بينها وشائج تراحم ولا مودة، لذلك تتكلم عن حقوق المرأة الفرد، ولا اعتبار لها لخصوصية أمومة ولا بنوة..
واتفاقية سيداو تستبطن احتقار الأنوثة، وغايتها إزالة ثنائية ذكر وأنثى القائمة على التكامل والتراحم والتحول إلى أحادية كائن إنساني متمركز حول ذاته.
واتفاقية سيداو في مادتها الأولى تمنع التمييز بين النساء مطلقاً على أساس الحالة الزواجية، وهذا يقتضي فك الارتباط بين الزواج والإنجاب..
اتفاقية (سيداو) حرب على عاداتنا السودانية السمحة، وعلى قيمة الحلال والحرام، والحق والباطل، والصواب والخطأ، والتراحم والتكامل.
واتفاقية سيداو تُعرِّض الدولة للمساءلة من قبل لجنة سيداو المكونة من23 فرداً يختارون بصفتهم الشخصية من المؤمنين بمبادئها، وهذا انتهاك لسيادة الدولة، ورهن لثقافة المجتمع لتعليمات شرذمة محدودة.
واتفاقية سيداو تأمر بتغيير الدساتير والتشريعات والعادات لطمس معالم التباين بين الجنسين، فلا رجولة ولا أنوثة، لا شهامة ولا حياء، لا غيرة ولا حنان، باختصار محو العادات السودانية الضامَّة لنسيج المجتمع.
واتفاقية سيداو تدعو صراحة في المادة الخامسة إلى تغيير الأنماط السلوكية للرجل والمرأة بغية القضاء على أي تباين بين الجنسين، مخالفة الطبيعة البشرية، ومتطاولة على حرية الشعوب في الاختلاف والخصوصية والاحتفاء بالإرث الثقافي.
واتفاقية سيداو في المادة العاشرة (ج) تلزم بالاختلاط في التعليم، لا بالعدالة في بناء المدارس وتحسين البيئة التعليمية للجنسين، متجاوزة قيم المجتمعات المختلفة، وحاجة الطالبات للخصوصية والبيئة الآمنة الخالية من التحرش، واتفاقية سيداو حرب على عاداتنا السودانية السمحة، وعلى قيمة الحلال والحرام، والحق والباطل، والصواب والخطأ، والتراحم والتكامل.