
الخرطوم : نجاة حاطط
احتجاجا على التردي الاقتصادي الذي يكابده المواطن في كل يوم، ورفضاً لبيع الخبز بالكيلو، وزيادات الوقود الأخيرة..انتظمت، منذ السبت الماضي، تظاهرات عارمة عدداً من أحياء الخرطوم وأمدرمان وبحري، صاحب بعضها تتريس للشوارع، وأغلق مواطنون شوارع فرعية في المدن الثلاثة؛ بجانب شوارع رئيسية مثل شارع الأربعين الذي يمر بأحياء بانت والعباسية بأم درمان، وشارع “النص” بالثورة، وفي بحري أغلق المتظاهرون شار “المعونة”، فيما أغلق المتظاهرون بالخرطوم شارع “الستين” شرق الخرطوم، وشارع الشجرة جنوبي الخرطوم، كما أعلن اليوم الثلاثاء عن مليونية كبيرة متزامنة مع ذكري تحرير الخرطوم.
إعلان مسبق
وأعلن تجمع “ثوار حي الصحافة “يوم الجمعة الماضية عبر صفحته الرسمية بالفيسبوك عن نيته في إغلاق شوارع رئيسية مثل شارع المطار وذلك إلى أجل غير مسمى، في وقت شهدت فيه التظاهرات إغلاق شارع الشجرة، فيما اتجه ثوار آخرين لتكسير شارع الاسفلت، وأشعل متظاهرو أم درمان النار في إطارات السيارات، وردد المحتجون شعارات مناوئة للخطط الاقتصادية، ونددوا بعجز الحكومة عن توفير الخبز والوقود وغاز الطبخ ، نادوا بسقوطها.
موجهات عامة
وحملت الموجهات العامة للثوار توصيات من شاكلة “تجنب الاحتكاك مع القوات النظامية ” و “الالتزام بمسارات الموكب” و”الحفاظ على التباعد الاجتماعي ما أمكن” و”الحفاظ على سلمية الموكب “و” التعاون مع اللجان الطبية لحسم التفلتات ” و “الالتزام بموجهات السلامة العامة” و”رصد المندسين وإخطار لجان التامين” و”الالتزام بلبس الكمامات، والتعقيم المستمر والموجهات الصحية العامة ” و”الالتزام بالشعارات والهتافات الثورية الموحدة “.
مليونية جديدة
وبدأت قبل قليل مليونية “26 يناير”، التي أعلنت عنها “تنسيقية تحرير وطن ..السودان يسع الجميع ” في ذكرى تحرير الخرطوم، ودعت لها قبل أيام ونشرت
عبر مواقع التواصل الاجتماعي للتظاهر في الساعة الواحدة، بتوقيت الثورة، من ظهر الثلاثاء 26 يناير، مشيرين إلى أن التظاهر من أجل معاش الناس ومن أجل الأمن والاستقرار.
وانطلقت المليونية من شارع جبرة مروراً بالسوق المركزي، ثم اخذت الشمال وسارع على شارع إفريقيا (المطار) متجهة صوب القيادة العامة بالخرطوم ، التي أغلق الجيش الشوارع المؤدية لها في وقت مبكر اليوم.
إغلاق الطرق القومية:
وأغلق اليوم الثلاثاء الطريق القومي الرابط بين الخرطوم وبورتسودان في منطقة سنكات احتجاجا على تردي الأوضاع المعيشية وطالب المحتجون باسقاط الحكومة
اعتراف
سبق لرئيس مجلس السيادة الفريق عبدالفتاح البرهان أن اعترف بفشل الحكومة في تحقيق تطلعات الشعب والثورة لدي حديثه في كلمة له، خلال اختتام مشروع تدريبي لوحدات اللواء الخامس، وذات الاعتراف أقر به نائب رئيس مجلس السيادة الفريق محمد حمدان دقلو حميدتي ودعا الشعب للصبر والدعاء..وحتى وزير التجارة والصناعة مدني عباس مدني، الذي حمله الشباب الثائر مسؤولية معاناتهم في الحصول على “خبز حاف”، كان قد اعترف بفشل الحكومة في التطبيق.
إقرار
أقر عضو مجلس السيادة الانتقالي محمد الفكي سليمان بسوء الأحوال الاقتصادية، وقال في مؤتمر صحفى للجنة أزالة التمكين أول أمس السبت :”إن الأداء الاقتصادي سيء جداً ونحن نعترف بذلك “لافتا إلى حدوث احتجاجات في مناطق مختلفة من الخرطوم لجهة تردي الأحوال المعيشية، رافضا أن تربط المؤتمرات الصحفية للجنة أزالة التمكين بالاحتجاجات في الشوارع، مشيراً إلى أن اللجنة تقوم بعمل دؤوب وأن المؤتمرات الصحفية ليست لها علاقة بالأوضاع الاقتصادية .
اتهام
اتهم مصدر، فضل حجب اسمه، تنسيقية تحرير وطن بأنها تضم عدداً من فلول النظام، وأنها تعمل عملاً حثيثاً من أجل إسقاط الحكومة الانتقالية، مستدلاً بالشعارات التي كتب على شاكلة “طالعين ضد العلمانيين” وفي الأخرى “طالعين ضد السكرانين”!!..مضيفا أن لغة البوستات فيها تعالٍ واضح، وهي ذات اللغة التي كان يستخدمها “المؤتمر الوطني” المحلول، وهو يعتبر نفسه وصياً على الدين رغم أنه كان يعمل عكس شعارات الدين.. وقال المصدر إنه سبق للمؤتمر الوطني والمنسوبين إليه من الإسلاميين أن حاولوا إخراج المواطنين وجرهم للتظاهر عبر مليونية “الزحف الاخضر”، إلا أن المواطنين فطنوا لكيدهم فخرجت المليونية هزيلة وعبّرت عن عددهم الحقيقي .
ورأى المصدر لدي حديثه لـ”شبكة الطابية الإخبارية” إلى عدم قبول المواطنين للتظاهر بإيعاز من “الكيزان”، وزعم أن الجماهير ورغم الضائقة المعيشية الخانقة التي يعانون منها الآن إلا أن قطاعات كبيرة منهم توقن أن هذه الأزمة سببها “المؤتمر الوطني” المحلول.. ومضى المصدر في تحليلاته إلى القول بأن شعارات بعض المواكب ظهرت فيها المعاني هذه فكان شعار “الجوع ولا الكيزان” معتبراً ذلك رداً أفحم الكثيرين الذين يودون جر البلاد إلى عكس عقارب الساعة لينادوا بعودة من قامت ضدهم الثورة .
تهديد
قال المحلل السياسي والأكاديمي البروفيسور حسن الساعوري إن قضية الخبز هي قضية أساسية وهي التي أسقطت حكومة الإنقاذ ابتداءً مضيفا أنه إذا استمرت صفوف الخبز وندرته، وغلاء سعره فأنه بلا شك سيحدث مشاكل جمة للحكومة الانتقالية، وسيهدد الثائرون وجودها، خاصة إذا خرجت الجماهير بكميات كبيرة في العاصمة والولايات، الشيء الذي سيجعل خيارات الحكومة ضعيفة، فأما أن تسقط وأما أن تستقيل، وأضاف الساعوري لدى حديثه لـ”شبكة الطابية الإخبارية ” إلى وجوب إنقاذ موقف الحكومة من قبل مناصريها بالخارج إذا شدت رياح التظاهرات عليها، مضيفا أن أنصار الحكومة من الخليج ومن أوروبا لابد لهم من أن ينقذوا الحكومة في هذا التوقيت، مؤكدا أنهم إذا لم يفعلوا ذلك فأن الحكومة ستكون عارية تماما، مضيفا أن العراء هذا يوضحه عدم وجود سند جماهيري لها بالداخل أو بالخارج ليمد لها يد العون ويمدها بالمنح التي تدعم موقفها وتحول دون تراجع قيمة العملة الوطنية أو أن تجد الحكومة الانتقالية إمداد خارجي من العملات الحرة حتى تشتري به الوقود والدقيق لتنقذ بها الوضع الاقتصادي المتردي.