كاتب ومقالمقالات

المسلمون والكريسماس

مدخل أول:
المسلم يستقي عقيدته من كتاب ربه عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وما دمت ارتضيت الله رباً والإسلام ديناً ومحمداً صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً، يجب عليك أن تعمل بمقتضى هذا الرضا.
مدخل ثاني:
الإسلام عزيز ويجب أن يكون المسلم كذلك، (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون)، لذلك الذين يبحثون عن العزة عند أهل الكفر (الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة) يقطع عليهم ربنا الطريق (فإن العزة لله جميعاً).

مدخل ثالث:
فرق بين من يرى مهادنة الكفار حين ضعفه حتى يتقوى، ومن افتتن بهم؛ أما الأول (إلا متحرفاً لقتال أو متحيزاً إلى فئة)، وأما الثاني (ألا في الفتنة سقطوا).

مدخل رابع:
جاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب أصابه من بعض أهل الكتب، فقرأه فغضب النبي صلى الله عليه وسلم فقال: “أمتهوكون فيها يا بن الخطاب؟ والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبوا به أو بباطل فتصدقوا به والذي نفسي بيده لو أن موسى صلى الله عليه وسلم كان حياً ما وسعه إلا أن يتبعني”.
في كل عام في مثل هذا الوقت يكثر الجدال حول حكم تهنئة النصارى بعيدهم ومشاركتهم فرحتهم، وسأحاول باختصار أن أدلي بدلوي في المسألة.

أولاً : كل من لا يدين بدين الإسلام فهو كافر، مخلد في النار، فالإسلام نسخ كل الشرائع السابقة وقرر ذلك ربنا تعالى في القرآن (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين). ومعلوم أن خسران الآخرة هو الخلود في النار.

ثانياً: حكم الله تعالى على النصارى تحديداً بالكفر، ووصفهم بالشرك وأن الجنة محرمة عليهم، قال تعالى (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ۖ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ۖ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ۖ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ(72) لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ ۘ وَمَا مِنْ إِلَٰهٍ إِلَّا إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۚ وَإِن لَّمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ).

ثالثاً: نهانا ربنا عن الاستغفار لكل من مات مشركاً، و يدخل في ذلك الدعاء له بالرحمة والمغفرة، وبيّن أن ذنبه لا يغتفر (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَىٰ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ)
وأصحاب الجحيم كل من مات على غير الإسلام (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ).

رابعاً: كيف أتعامل مع غير المسلم من أهل بلدي، وتحديداً النصراني، لأن حديثنا عن أعيادهم؟
يجب عليك أن تحسن إليه وتبره وتكرمه ولا تؤذيه، وأن تحسن جواره، وما أجمل ذلك لو كان بنية هدايته للإسلام (لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ). ويجوز لك عيادته إذا مرض، وتعزيته في ميتٍ (دون الدعاء له بالرحمة)، وتهنئته بمولودٍ أو زواجٍ أو سلامةٍ من مرض أو عودة غائب وغيرها، أما التهنئة بالعيد فلا.

خامساً: لماذا لا أهنئهم بعيدهم، وما الدليل على ذلك؟
1/ كل دين سوى الإسلام باطل والتهنئة بالباطل إقرارٌ له و رضاً به، وهذا لا يجوز شرعاً و لا عقلاً.
2/ العقيدة النصرانية عقيدة محرفة قائمة على زور وكذب، وهي عقيدة الصليب المزعوم التي كذّبها الله (وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم)، ونهانا ربنا عن شهادة مجالس الزور ومنها أعياد النصارى (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً).
3/ نهى النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه في المدينة عن الاحتفال بأعيادهم الجاهلية، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: ما هذا اليومان؟ قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما: يوم الأضحى ويوم الفطر”. ووجه الدلالة أن العيدين الجاهليين لم يقرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا تركهم يلعبون فيهما على العادة، بل قال: إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما، والإبدال من الشيء يقتضي ترك المبدل منه، إذ لا يجمع بين البدل والمبدل منه، وقوله صلى الله عليه وسلم: خيراً منهما. يقتضي الاعتياض بما شرع لنا عما كان في الجاهلية.
4/ الأعياد من جملة الشرع والمناهج والمناسك التي قال الله فيها: (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً).

سادساً: لكنهم يهنؤوننا في أعيادنا؟ إن هنئونا بأعيادنا فلا يجوز أن نهنئهم بأعيادهم لوجود الفارق، فأعيادنا حق من ديننا الحق، بخلاف أعيادهم الباطلة التي هي من دينهم الباطل، فإن هنؤونا على الحق فلن نهنئهم على الباطل.
ثم إن أعيادهم لا تنفك عن المعصية والمنكر، وأعظم ذلك؛ تعظيمهم للصليب وإشراكهم بالله تعالى وهل هناك شرك أعظم من دعوتهم لعيسى عليه السلام بأنه إله أو ابن إله (تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً)، إضافة إلى ما يقع في احتفالاتهم بأعيادهم من هتك للأعراض واقتراف للفواحش وشرب للمسكرات ولهو ومجون، مما هو موجب لسخط الله ومقته، فهل يليق بالمسلم الموحد بالله رب العالمين أن يشارك أو يهنئ هؤلاء الضالين بهذه المناسبة؟!.

سابعاً: أنت يا مسلم يا عبد الله في كل يوم تتعوذ بالله سبع عشرة مرة على الأقل من أن تسلك سبيل النصارى في قولك (اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين) والضالون هم النصارى، فكيف تستعيذ بالله من سلوك دربهم، ثم نهنئهم عليه؟

ثامناً: فرق بين الاستفادة من دنياهم والتعامل معهم وفق الأطر الشرعية، وبين التعاون معهم في الأمور العقدية، فالأول جائز لا حرج فيه والثاني محرم لا ريب فيه.

تاسعاً: المسلم الحق معتز بدينه، متمسك به، ملتزم بشرعه، مطيع لربه، متبع لنبيه، و إن خالفته الدنيا كلها، ودونك يا مسلم يا عبد الله قول نبيك صلى الله عليه وسلم “بدأ هذا الدين غريباً وسيعود غريباً فطوبى للغرباء” فلا تهزنك الرياح العاتية، ولا موجة التغريب الغالبة، ولا تهزمنك السخرية والاستهزاء والرمي بالتخلف والرجعية والاتهام بالتشدد والتزمت، وردد دوماً:
رضيت بالله رباً..
وبالإسلام ديناً..
وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً..
تجد حلاوة الإيمان في قلبك، ولذة اليقين في روحك.
وختاماً أسأل الله تعالى أن يرينا الحق حقاً و يرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، وأن يحسن ختامنا، وأن يتوفنا وهو راضٍ عنا.

إنضم الى احدى مجموعاتنا على الواتس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى