(شركاء الانتقالية) يشيع (قحت) إلى مثواها الأخير

حسن عبد الحميد
أول ديسمبر الحالي 2020م أصدر الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي القرار رقم (511) والذي قضى بتكوين مجلس شركاء الفترة الانتقالية وحدد صلاحياته وسلطاته، ولكن ما لبث مجلس الوزراء أن أصدر بيانا يوم الجمعة الرابع من ديسمبر 2020م رفض فيه تكوين مجلس شركاء الفترة الانتقالية بالطريقة التي صدر بها، وحدد أوجه معارضته للقرار، وبعد اثني عشر يوما؛ وتحديدا في الأربعاء السادس عشر من ديسمبر 2020م احتل رئيس الوزراء مقعده في أول اجتماع لمجلس شركاء الفترة الانتقالية برئاسة رئيس مجلس السيادة الانتقالي، فما الذي حدث ليتغير موقف رئيس الوزراء؟ وهل ما تم من تعديل استصحب كل اعتراضات مجلس الوزراء في بيانه الأول الرافض لتكوين المجلس؟ وما المغزى والهدف أولا من تكوين مجلس شركاء الفترة الانتقالية؟
قلنا في مقال سابق إن مجلس شركاء الفترة الانتقالية لا يعدو أن يكون بديلا سياسيا لقوى الحرية والتغيير التي كانت من قبل تمثل الحاضنة السياسية للفترة الانتقالية، وإن تكوين المجلس وصلاحياته وسلطاته تشير بوضوح إلى هذا الأمر، وعلى هذا فإن تمنع مجلس الوزراء في بيانه الأول الرافض لتكوين المجلس وملاحظاته التي ذكرها لا تعدو أن تكون ذرا للرماد على العيون، ومحاولة لكسب الوقت، والإيعاز للبعض أن مجلس الوزراء حريص على الثورة ومسارها.
الذي يقرأ جيدا التعديل الذي طرأ على صلاحيات وسلطات مجلس الشركاء، يتبين جيدا أن الصلاحيات والسلطات المعدلة لم تفعل سوى التأكيد على أن مجلس الشركاء هو حاضنة سياسية جديدة، وجسم سياسي؛ لا تنفيذي وليس هيكلا دستوريا جديدا، ولا جهازا من أجهزة الدولة، فقد حدد مجلس شركاء الفترة الانتقالية صلاحياته وسلطاته في دعم مؤسسات الفترة الانتقالية، وتنسيق العلاقات بين شركاء الفترة الانتقالية، وأن المجلس مرجع في حل التباينات في وجهات النظر بين الأطراف المختلفة. فماذا بقي للمجلس المركزي لـ (قحت) والذي يمكن أن يعتبر يوم السادس عشر من ديسمبر 2020م ـ يوم انعقاد الجلسة الأولى لمجلس الشركاء ـ هو الإعلان عن نهاية دور (قحت) كحاضنة سياسية للفترة الانتقالية، وزيادة في التأكيد على الدور السياسي ـ لا التنفيذي ـ أكد مجلس شركاء الفترة الانتقالية أن العمل في المجلس طوعي وأعضاءه لا يتمتعون بأي امتيازات أو مخصصات من الدولة، فهل ينتظر أهل (قحت) أكثر من هذا ليوقنوا أن شمسهم قد غربت، وأن سفينتهم قد طوت أشرعتها وغادرت لتفسح لأخرى على نفس المرسى؟.
وعودة إلى بيان مجلس الوزراء الأول الرافض لتكوين مجلس شركاء الانتقالية بشكله السابق، والذي اتخذ رئيسه مقعده بارتياح في المجلس بشكله الجديد، فقد نص بيان مجلس الوزراء الرافض لتشكيل مجلس الشركاء على أن مجلس الشركاء لم يضع اعتبارا لمكوني المرأة والشباب، بما يتعارض مع الوثيقة الدستورية التي تشترط إشراك الشباب والنساء بصورة عادلة بحسب البيان، والآن بعد أن وافق مجلس الوزراء على التعديل الذي حدث لمجلس شركاء الانتقالية نتساءل: ما هي الإضافة التي أضافها مجلس شركاء الانتقالية في عضويته وشملت الشباب والنساء ليرضى عنه مجلس الوزراء ويسحب تحفظاته؟ لم يحدث سوى أن تم اختيار الدكتورة مريم الصادق المهدي ناطقا رسميا باسم المجلس؛ فإذا كان هذا يعتبر إضافة شباب ونساء جدد لمجلس الشركاء حسب طلبات مجلس الوزراء السابقة فإن هناك خللا واضحا في أسلوب العدّ ومنهجيته.
وملاحظة أخيرة تتمثل في أن مجلس شركاء الفترة الانتقالية حرص على إكمال عضويته وعقد جلساته قبل حلول اليوم الذي دعت فيه قطاعات واسعة إلى مسيرة يوم التاسع عشر من ديسمبر 2020م في الذكرى الثانية لانطلاقة ثورة ديسمبر، وتدعو فيه قطاعات واسعة لإسقاط الحكومة واستبدالها بحكومة كفاءات، ولعل مجلس الشركاء بهذا يود إرسال رسالة مفادها أننا بصدد تنفيذ طلباتكم فلا داعي للاستعجال، ولكن هل تصل الرسالة بمضمون واضح إلى مستلم محدد وتحدث الأثر المطلوب؟
أيا كانت التطورات السياسية؛ فإن التغيير الشامل لحكومة حمدوك بما فيها حمدوك نفسه يظل مطلبا قويا لقطاعات واسعة من الجماهير، وبعض المسكنات لم تعد تجدي بعد أن بان فشلت حكومة حمدوك في كل الملفات التي أسندت لها تقريبا، وعبثا يحاول البعض أن ينفخ فيها الروح استنادا إلى رفع السودان من قائمة الإرهاب الأمريكية؛ إلا أن البعض يسعى لنفخ الروح بطريقة أخرى تتمثل في انتظار بعثة الأمم المتحدة التي من المقرر أن تأتي للسودان الشهر القادم..وهذا ملف آخر يطول الحديث حوله.
إنضم الى احدى مجموعاتنا على الواتس