تقرير :نجاة حاطط
في الوقت الذي أعلنت فيه عدد من لجان المقاومة وأسر الشهداء بالإضافة لبعض الأحزاب خروجها للشارع العام لإحياء الذكرى الثانية للثورة، بأهداف مختلفة؛ فبينما يدعو البعض لإسقاط الحكومة الانتقالية الفاشلة، ينادي البعض الآخر لتصحيح مسارها، ودعم الحكومة الانتقالية ورفع مطالب الثوار لها، في غضون ذلك أصدر النائب العام مولانا تاج السر الحبر جملة من الضوابط للحد من سقوط شهداء أو جرحى في مواكب مليونية “19 ديسمبر”،التي توافق بعد غد السبت، حتى لا يتكرر ما حدث قبل شهرين في مليونية 21 أكتوبر، مشيراً إلى مشروعية تلك المواكب بنص الوثيقة الدستورية.
ضوابط وقرارات
وكان النائب العام قد أصدر جملة من الموجهات بشأن تأمين مواكب مليونية “19 ديسمبر” – لدى لقائه بكل من وزير الداخلية ووزير الحكم المحلي ووالي ولاية الخرطوم وعدد من قيادات الشرطة – واشتملت الضوابط على ضرورة مصاحبة وكلاء النيابة لقوة الشرطة الأمنية وأن تكون الأخيرة بقيادة ضابط؛ وذلك لغرض التأمين إضافة إلى وجوب التنسيق مع لجان الميدان للترتيب مع النيابة العامة.. بجانب ذلك تكليف قوات من المباحث الشرطية والشرطة الأمنية بولاية الخرطوم بالوجود داخل التجمعات والمواكب لرصد أي خطر يهدد تلك المواكب، بالإضافة للتأكد من عدم وجود متفلتين أو قناصين فوق أسطح المباني المطلة على المواكب.
وشدد الحبر على منع أي استخدام للرصاص أو الغاز المسيل للدموع لتفريق المواكب والتجمعات السلمية، مع الإقرار بحق المواطنين في التعبير السلمي وتقديم مطالبهم لذوي الاختصاص.
إجراءات مشددة
وطالب النائب العام وكلاء النيابة بمنع أي استخدام مفرط للسلاح، تحت أي ظروف، وتوجيه الشرطة بذلك، كما طالب رؤساء النيابة العامة بالقطاعات الثلاثة بتكليف، عدد كاف من وكلاء النيابة لتغطية المواكب لضمان سير العمل بالنيابات خلال فترة المواكب مضيفا بأنه على وكيل النيابة المصاحب لفريق، الشرطة تدوين تحركاته مع أي أوامر يصدرها داخل يومية التحري مع ضرورة توضيح عدد القوات المصاحبة له وقائدها وحصر الأسلحة والذخائر وعبوات الغاز المسيل للدموع قبل وبعد التحرك.
وأوصى النائب العام وكلاء النيابة بالإشراف على التحري الفوري مع المقبوض عليهم من المتفلتين والمندسين، كما أوصاهم بمراعاة الاحترازات الصحية وضرورة لبس الكمامات واستخدام المعقمات.
تذكيــر
كما ذكّر النائب العام بالأخطاء التي صاحبت مواكب “رد الجميل” و”جرد الحساب” مؤكدا على مشروعية تلك المواكب بنص الوثيقة الدستورية. وفي السياق ثمن الحبر دور الشرطة في حماية الأنفس والممتلكات مضيفا بأن الضوابط المذكورة كفيلة بحماية الحق الدستوري للمواكب ..وفي الصعيد ذاته حذر الحبر من استغلال المواكب في تحقيق أجندة تضر بأمن المواطنين وسلامتهم وسلامة ممتلكاتهم.
جاهزية الشرطة
من جانبها أعلنت الشرطة السودانية عن جاهزيتها لحماية مليونية 19 ديسمبر، وقال الناطق الرسمي باسم الشرطة اللواء عمر عبد الماجد إن الشرطة قبل تأدية واجبها في حماية المواكب فإنها تحتفل بالذكرى الثانية للثورة، مضيفا أن الوطنية تحتم عليهم ذلك، مؤكدا أن الشرطة السودانية لها آلية معينة لتنفيذ الخطة الأمنية التي يترأسها والي ولاية الخرطوم بجانب توصيات الجهات العدلية والقانونية. وأكد عبد الماجد بأن الشرطة ستعمل على حماية المواطنين.
تحذير
وفي السياق حذر القيادي بقوى الحرية والتغيير ساطع الحاج مما سماه بمظاهر الهيمنة العسكرية على موكب 19 ديسمبر، مؤكدا تضامنه التام مع الموكب الذي يحيي الذكرى الثانية للثورة.
تصعيد
وكانت منظمة شهداء ديسمبر قد طالبت عضويتها بالمشاركة في مليونية 19 ديسمبر، كما هددت بتدويل قضيتهم حيث طالبوا بتشكيل لجنة دولية للتحقيق في مجزرة فض الاعتصام، وطالب رئيس المنظمة فرح عباس فرح بضرورة تدخل مكتب حقوق الإنسان والمفوض السامي بجنيف، واصفاً لجنة نبيل أديب بأنها لم تنجز غير 2% من المطلوب منها، كما أنها لم ترفع الحصانة من المتهمين العسكريين، وطالب رئيسة القضاء بإنشاء محكمة خاصة بالشهداء.
رفع درجة الحذر
وقال مصدر مطلع، فضل حجب اسمه، إن الضوابط التي أوصى بها النائب العام من شأنها أن ترفع أعلى مستويات الحذر عند رجال الشرطة من عدم وقوع تفلتات أو وصول مندسين للمواكب، مضيفا أن تعاون القوات الشرطية مع لجان المقاومة والثوار للبحث في أعلى العمارات التي تطل على ساحات المواكب من شأنه أن يقلل من سقوط ضحايا، لافتا إلى أن مواكب سابقة سقط فيها شهداء جراء ذلك الخلل الناتج عن عدم تفتيش الأسطح، وثمَّن المصدر في حديثه لـ”الطابية” أمس تعاون النيابات مع الأجهزة الشرطية من أجل تغطية المواكب والتحري الفوري مع المتفلتين والكشف عن عدد القوات الشرطية وكمية سلاحها والتأكيد على عدم الاستخدام المفرط للقوة وحساب كميات السلاح قبل وبعد التحرك، مضيفا أن مثل هذه الإجراءات من شأنها المحافظة على الأرواح ومراقبة الأداء الشرطي.
أن تأتي متأخراً …
أشار المحلل السياسي الناقد أبو عاقلة إدريس إلى أن الاحترازات والاشتراطات التي دفع بها النائب العام تاج السر الحبر للأجهزة الشرطية قصد بها تدارك الثغرات التي حدثت عبرها اختراقات من قبل، حيث الشهداء الذين ارتقوا والجرحى الذين علوا بجراحاتهم في مواكب هادرات سابقات آخرها آخرها مليونية “21 أكتوبر” من العام الجاري، مضيفا القول “أن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي” !
استدعاء التاريخ
وأضاف أبو عاقلة قائلاً : “كأن الحبر يستدعي تاريخا مهنياً ناصعاً في تاريخ السلطات العدلية والأجهزة الأمنية بالبلاد، مشيراً إلى ثورة 21 أكتوبر 1964 حيث أشرف القاضي الراحل عبدالرحمن العاقب، قاضي جنايات الخرطوم، على موكب تشييع شهيد أكتوبر الأول الطالب أحمد القرشي طه، وحمل المشيعين نعشه من المستشفى، شرق وغرب شارع القصر، إلى مقابر بلدته بالقراصة، وقال أبو عاقلة إن التاريخ ملهم واستدعاءه هاهنا يرجى منه الإفادة من دروسه البليغة ومن عبره، فمن العجز بمكان أن نكون في أكتوبر 1964م أنضج منا في ديسمبر 2020م على المستوى السياسي والإداري والمهني وعلى صعيد الأداء العدلي والحقوقي.