تقاريرثقافة

ناقشتها منصة الرواية الافتراضية .. رواية “عاصف يابحر ” في ميزان “التشريح”

تقرير: نجاة حاطط
ناقشت منصة الرواية الافتراضية – التي أقامها الروائي محمد الخير حامد إسفيريا منذ أبريل الماضي بعد غزو جائحة كورونا للعالم – السبت الماضي في ندوتها رقم “14” رواية “عاصف يابحر، “للروائي عاطف الحاج، وهي الرواية الفائزة بجائزة الطيب صالح للإبداع الروائي، عن مركز عبدالكريم ميرغني الثقافي في العام 2016.
شارك في مناقشة الرواية عدد من النقاد العرب والسودانيين على رأسهم الروائية والناقدة التونسية فتحية دبش والناقد السعودي والأكاديمي د.سعد الرفاعي، بالإضافة للأكاديمي والناقد السوداني البروفيسور عبد الغفار الحسن والنقاد السودانيين، د.جمال الدين علي، أبوطالب محمد، مبارك أحمد، هيثم الطيب، ومحمد الخير حامد بالإضافة للناقدات أماني محمد صالح، وإكرام بركية، ومنهل حكر الدور.
“شبكة الطابية الأخبارية ” رصدت العديد من الأوراق النقدية التي ناقشتها المنصة:

مدلولات البحر
أشار البروفيسور عبد الغفار الحسن إلى أن عنوان الرواية يشير مباشرة إلى قسوة الطبيعة متمثلة في البحر المنادى بياء النداء والتي تدل على البعيد لا القريب فالبحر لاصديق له ووصفه بأنه عاصف في الحالة التي يتجلى فيه عجز الإنسان تجاهه وقلة حيلته، مضيفا أن الإنسان في هذه الحالة يلجأ لله لينقذه من قسوة البحرعبر الدعاء، وقد يكون الدعاء من قبل الإنسان أيَّا كان دينه، فالكل يدعو مع اختلاف طوائفهم وأديانهم، ولفت الحسن إلى أن كلمة عاصف نفسها من الكلمات التي وردت في النص القرآني في وصف البحر عندما يقسو على راكبيه، وأضاف الحسن أن العنوان يحيلك إلى روح المغامرة التي يتجلى بها الإنسان متمثلا في بطل الرواية (عاصف) الذي ضاقت به الحياة فقرر الهرب ممنيا نفسه بحياة أفضل.
وأضاف الحسن أن الرؤية السردية استخدمها الكاتب عبر ضمير الأنا ليترك بطل الرواية يعبر عن كل الحكاية، وعن آرائه بحريِّة دون أن نلحظ تدخلا من قبل الكاتب، فأحيانا يحكي بضمير المتكلم وأحيانا بضمير الجمع مضيفا أن استخدام ضمير المتكلم من قبل الراوي قلل من تعدد الأصوات، مؤكدا أن ضمير المتكلم هو الأنسب في السير الذاتية، حيث يفسح المجال للراوي ويعطيه كامل الحرية لبتحدث عن قصته ومغامرته.

رحلة التيه
في البدء أشار الناقد السعودي د.سعد بن سعيد الرفاعي إلى أن الرواية صنعت باحترافية وناقشت قضية المهجرين مشيراً إلى أنها كتبت بتركيز عال فصنعت في السفينة حياة تشاكس الحياة العادية بآمالها وقنوطها وتفاؤلها وتشاؤمها مضيفا أن الكاتب استطاع أن يهييء المسرح الحدثي لحضور الأديان المختلفة، مشيراً إلى رحلة البطل والتي سماها برحلة التيه الذي تعرض خلالها الكاتب للصراع العنصري والطائفي في السودان، وأضاف الرفاعي أن الرواية ناقشت أيضا الانحرافات الأخلاقية التي تسبب بها الفقر والسلطة القاهرة للمجتمع، مضيفاً أن الرواية تحدثت عن المسكوت عنه من التابوهات الثلاثة.
وختم الناقد السعودي حديثه، أنه على الرغم من أن الكاتب لم يتوسع في شخوص روايته إلّا أن الرواية تميزت بالإيجاز، الأمر الذي ميَّز الرواية جمالياً، وقد مارس الكاتب عدداً من التكتيكات الكتابية كالانتقال والمراوحة بين الأحداث والفلاش باك لافتا إلى أن الرواية، أزعجت قارئها بالأخطاء والمخالفات اللغوية التي أظهرت أن الرواية لم تنقح قبل طباعتها.

خطاب جديد
وفي نقدها قالت الناقدة التونسية فتحية دبش إن رواية عاصف يا بحر للروائي عاطف الحاج سعيد من النصوص التي تطرح الهجرة غير الشرعية موتاً بديلاً عن الموت من خلال تتبع حكاية عاصف وغيره من مترشحي الهجرة غير النظامية عبر “قوارب الموت”، مضيفة أن اختيار هذه الثيمة بدلالات في هذه العشرية هو بحد ذاته تسجيل للتاريخ، ولفتت دبش إلى أن الكاتب اختار عنوان الرواية وأراد أن يلعب باللغة تركيباً وتقديماً وتاخيراً، مضيفة أن تقديم عبارة عاصف لنعت منعوت متأخر هو البحر، مضيفة أنه بهذا التلاعب يبحث عن إحداث بلبلة في ذهن القاريء من خلال إحداث بلبلة في البحر، فالبحر في المتخيل الجمعي وهو الحافظ للأسرار، وهو حضن هاديء، ولكنه في الرواية تحول إلى مصيدة عاصفة، غير أن التوغل في عمق النص الروائي يجعلك تبحث قي تساؤلات عديدة أهمها الاندياحات في اللغة من أجل تركيب خطاب جديد يختص بالموت نسقا ثقافيا يقع على نقيض الخطاب الأصل.

رمزية
وفي ورقة الناقد هيثم الطيب لفت إلى أن الكاتب رسم البحر برمزية محاكمة لظرف تاريخي وإنساني بين ثنايا “رواية معرفية “بيقين إن ذلك البحر جزء من محاصرة قريبة من القتل مضيفاً أن الكاتب يريد رمزية آنية بالقول “لا وعي بحلم”، ورمزية آجلة “هناك مع عاصف مثل ذلك وعي يقتل ليكمل بداية، كانت هناك في وطن ما”!!..مؤكدا أن النص به تساؤلات محاكمة ونوستالجيا زمانية ومكانية، وهما يشكلان محور هذه الرواية، مضيفا أن الرواية ليست محايدة في تفاعلاتها ضد الاضطهاد كشكل من أشكال محاصرة جماليات الذات ولذا خرجت الرواية بشكل جمالي روائي حواري.

نمط تسلسلي
وقال الروائي أبوطالب محمد إن رواية “عاصف يابحر “ناقشت موضوع الهجرة غير الشرعية لأسباب رأيناها منطقية في بنيات محكيات الرواية مضيفا أن الرواية جاءت على النمط التسلسي التالي، حيث مورست فيها صيغ التمثيل السردي والذي يدرس الزمان والفضاء والسرد ووضعيات التخيل السردي ووضعية المحكي مؤكدا أن الرواية احتشدت بعدد كبير من البنيات المحكية مما يلفت القاريء على تتبع طريقة كل بنية محكية وكيفية ترابطها، وأضاف أبوطالب أن الشخصية المحورية “عاصف” لعبت دورين “بطل وراوي عليم”، مشيراً إلى أن هذا الأمر مفهوم في صيغة التمثيل السردي مضيفا أن هذا يكمن في مد الراوي أو الشخصية المحورية في محكيها بتفاصيل كبيرة وبطريقة مباشرة وفق قدرات معرفية بشخصيات الرواية وتنقلات تفاصيل سردها المتداخل بين الحاضر والغائب.

توظيف
وفي ورقتها قالت الناقدة منهل حكر الدور إن الكاتب وظف أبيات شعرية لقصيدة الشاعرة وارسان شاير في قصيدتها “الوطن” في كل عتبات فصول الرواية مضيفة أن كل مفردة كانت تعصف بالنص الشيء الذي عمق المآسي ودفع بها إلى البحر عقب أحداث كبيرة فصلّت داخل النص بتقنية استرجاع ذكية غلب عليها عنصر التشويق في الانتقال من كل حدث إلى آخر.

إنضم الى احدى مجموعاتنا على الواتس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى