رسخه الدين الإسلامي في المجتمع ..”السلوك الحضاري” على طاولة النقاش بمركز راشد دياب
تقرير:نجاة حاطط
ناقش مركز راشد دياب للفنون، في إطار أنشطته الثقافية وبرعاية شركة سكر كنانة المحدودة، قضية “السلوك الحضاري”، تحدث في المنتدى كل من الدكتور أسامة عوض بشارة الخبير بشؤون البرتوكولات والمراسم، والأستاذة والفنانة التشكيلية رانيا عمران الناشطة في مجال الإعلام الاجتماعي، فيما أدار المنتدى الأستاذ نزار عبد الله بشير.
ابتدر الدكتور أسامة عوض بشارة حديثه بتعريف السلوك الحضاري، مشيراً إلى أن السلوك هو التصرفات أو الأفعال التي تصدر عن الإنسان سلبية أو إيجابية ، وقال إن هذا التعريف يضم في داخله الكثير من القواعد، مشيراً على أنها قواعد وسلوكيات ناتجة من تفاعلات المجتمع مع الحياة سواءً كان مصدرها الرعي والزراعة أوالعادات والتقاليد وغيرها، وأضاف بأن كل جيل يأتي يكون له رأيه في بعض السلوكيات المشينة وبالتالي يأتي بسلوك جديد، وذكر أن سلوك الإنسان مرتبط في الأساس بعنصرين الأول نفسي والعنصر الثاني مادي، وقال أن هذه العناصر لا بد أن تتسق مع العادات والتقاليد السائدة في المجتمع، وذهب الدكتور أسامة إلى أن أي تجمُّع له قواعده الخاصة، وهي تختلف من تجمع لآخر حسب البيئة.
وتعرض الدكتور أسامة إلى قواعد السلوك الدبلوماسي أو البرتكول، وعددها في ثلاثة عناصر وهي؛ المراسم، والمجاملة، والآداب الاجتماعية، التي تحتوي بدورها على ستة آداب؛ وهي آداب الزي أو اللباس، وآداب السلام، والتعارف، والتقديم، والأكل، وأخيراً آداب الزيارة، وشدد على ضرورة التزام الناس بهذه الآداب، موضحاً أن السلوك الحضاري يمكن أن يتطور بمرور الزمن، لافتاً إلى أن الثقافة والحضارة لها أثر كبير على سلوكيات الإنسان، وهي تختلف من شخص إلى آخر، ومن مجتمع إلى آخر.
وأكد الدكتور أسامة على أن الثقافة تمثل المدخل الأساسي لكل شيء مرتبط بالحياة، مضيفا أن سلوكيات الإنسان السوداني فيها الكثير من الأخطاء، أرجعها إلى تربية الإنسان السوداني منذ الطفولة.
ويرى الباحث أن السلوك الحضاري مستمد من الإسلام وبالتالي هو متجذر في الثقافة الإسلامية والدينية، كاشفاً أن فرنسا استفادت كثيراً من الحضارة الإسلامية وطبقتها على أرض الواقع، وقال إن الإسلام هو المرجعية المركزية لكل ما يحتاجه الإنسان في حياته.
ومن جانبه ألقى الدكتور أسامة الضوء على العديد من الظواهر والممارسات السالبة والظواهر الإيجابية في المجتمع السوداني، من ضمنها ضوابط الملبس والمظهر والمأكل والطقوس التي تصاحب ذلك وغيرها، ويرى أن الفنان بالضرورة أن يكون قدوة وقائد للمجتمع.
ومن منظور فلسفي ترى الأستاذة رانيا عمران أن السلوك الحضاري هو كيفية أن يدرك الإنسان أنه كائن روحي يعيش في عالم مادي، وقالت إن أصحاب الطرق الصوفية ينتهجون سلوكاً حضارياً فريداً في تعاملاتهم فهم دائماً يركِّزون على تهذيب النفس وضبطها، وربطت الأستاذة رانيا السلوك الحضاري بوجود الاختلاف وتقبله، وأضافت أن الحروب الأهلية في السودان كان سببها الأول هو الاختلاف.
ولترسيخ مفهوم السلوك الحضاري ترى الأستاذة رانيا، أنه لا بد من الوعي الجمعي للمجتمع ، لافتة إلى أن هنالك سلوك مرفوض في المجتمع وسلوك آخر غير مرفوض، وأكدت أن المجتمعات التي تميزت بسلوك حضاري متطور هي المجتمعات التي استطاعت قبول الاختلاف والاعتراف به وتقبله بصدر رحب، وطالبت بأخذ العادات والتقاليد الجميلة والعمل بها وبالتالي ترك العادات السيئة.
من جهة ترى الأستاذة رانيا عمران أن الدراما في كل المجتمعات تلعب دوراً بارزاً في نقل الظواهر الجميلة والترسيخ إلى للاقتداء بها في هذه الحياة، ونقد الظواهر السالبة في المجتمع بصورة راقية، ولكن الدراما السودانية دائماً ما تركز على نقل الجوانب الهمجية، واستشهدت الأستاذة رانيا في هذا الصدد بالعديد من السلوكيات الصحيحة ذات المسارات المتطورة، بجانب السلوكيات الخطأ في المجتمعات السودانية، وناشدت رانيا وزارة الثقافة بأن تلعب دوراً مركزياً أكبر يتعلق بوجود رؤية حضارية، وفي ذات السياق دعت إلى ضرورة تكاتف الناس من أجل خلق سلوك حضاري متزن.
وفي ختام، ألقت لأستاذة رانيا عمران الضوء على كيفية التعامل مع (السوشل ميديا) والاستفادة منها في التسويق للظواهر الجميلة، وقالت إن التعليقات التي تقوم بكتابتها تكشف عن شخصيتك، وبالتالي تمثل خلفيتك الثقافية والحضارية.
وفي الأثناء أكد الدكتور راشد دياب أن الاشتغال بالسلوك الحضاري والتحلي به هو واحد من الأهداف الأساسية للمركز، وكشف أن مركز راشد دياب عقد في هذا المجال العديد من الندوات والورش، وقال أن أزمة السودان تكمن في السلوك الحضاري، مضيفاً أن الثقافة والسلوك يمثلان المظهر المادي للحضارة، وأشار إلى أن الشخصية السودانية فيها نفور من الوعي وعدم الوعي.
وأشار راشد دياب إلى أن السلوك الحضاري مرتبط بشخصية الإنسان ومدى قدرته على احترام الآخرين، وشدد على أن الدين الإسلامي يمثل أحد الموجهات المركزية الداعمة لفكرة السلوك الحضاري وذلك من حيث التبسيط، وكذلك من حيث الدعوة إلى احترام الآخر وثقافته وجنسه ولونه، وأوضح أن الشعب السوداني حصل فيه خلل كبير وتغيُّرات كثيرة، أرجعها الدكتور راشد إلى فشل النخب السياسية واخفاقها، وناشد الفنانين التشكيليين تصحيح المسار الحضاري والالتزام بالمنهج السليم، ضارباً مجموعة من الأمثلة التي تتعلق بالظواهر السالبة في المجتمع السوداني، وخلص إلى أنها أثرت بصورة سالبة على الإنتاج والاقتصاد السوداني.