
استطلاع :نجاة حاطط
طالما احتفت الخرطوم بكونها عاصمة اللاءات الثلاثة ” لا صلح ..لا تفاوض ..لا اعتراف ” عندما احتضنت القمة العربية بُعَيْد نكسة حزيران 1967 وظل موقفها ثابتا لم يتزحزح طيلة تلك السنوات ..
الأدباء السودانيون لم يكونوا بعيدين عما قالته السياسة، فقد شكلت وجدانهم ذات اللاءات تلك، وظل شعراؤهم يسوقون رفضهم لذلك التطبيع شعرا، وتستدعي الذاكرة الثقافية نونية رئيس وزراء السودان الأسبق الشاعر محمد أحمد المحجوب “الفردوس المفقود ” والتي قرن فيها مأساة الأندلس بمأساة فلسطين، كما أصدر تاج السر الحسن “قصيدتان من فلسطين”، ونظم محيي الدين فارس “ليل ولاجئة “.. وقدم محمد الفيتوري ديوانه “البطل ..الثورة ..المشنقة” تعبيراً عن إيمانه بالقضية..كما أصدر أبو آمنة حامد ديواناً كاملا جاء بعنوان “ناصريون نعم”.. حشد من القصائد التي هي ضد التطبيع مع إسرائيل..
الآن بعد أن أصبح التطبيع واقعاً فهل لا زال وجدان الشعراء مليئاً بالشجون التي تناهض التطبيع؟ أم أن الحال الاقتصادي المتردي ولعبة المصالح جعلت قناعاتهم تتزحزح تجاه القضية الفلسطينية؟، ” شبكة الطابية الإخبارية ” التقت بعدد من الشعراء والنقاد وناقشتهم في هذا الأمر فإلى إفاداتهم:
ما حك جلدك
الشاعر محمد الخير إكليل قال في إفادته: “لا أعتقد أن هذا الإرث سيذهب أدراج الرياح، فالقضية واضحة المعالم، رغم أن
القضية واضحة المعالم .. وردود الفعل غير المتعقلة لا تبني دولة الشاعر محمد الخير إكليل
واقعنا المضطرب الذي يشبه واقع التعبير “الغريق الذي يبحث عن أي قشة يتمسك بها أملا في النجاة من براثن الغرق” لكني أرى أن التطبيع ورفع الحظر لا يحل لنا مشكلاتنا المتراكمة عبر السنين، وأضاف إكليل: ربما نرى بعض انفراج للأوضاع في مقبل الأيام، لكن يظل الإشكال الحقيقي هو أننا لم نستطع استثمار مواردنا الهائلة، ولم نستطع بسط السلام على ربوع بلادنا، وكأن المتابع للواقع السياسي الرافض لكل ما كان يفعله (الكيزان) جد في السعي نحو النقيض إمعانا في المخالفة، ولا أعتقد أن ردود الأفعال غير المتعقلة يمكن أن تبني دولة، حتى لو رضي كل العالم عنها، فالفشل فشل داخلي بامتياز..(ما حك جلدك مثل ظفرك فتولَّ أنت جميع أمرك).
الخطيئة
الشاعر محمد نجيب محمد علي قال في إفادته ل”الطابية: ” (صدقيني كل الشعر السوداني وتاريخه الماضي والآتي يقوم ويمشي على مناهضة هذا الشر والخطيئة التي تنشر سمومها في العالم منذ وعد بلفور وإلى اليوم ..
الشعر منارة الإنسانية التي ستضيء العالم… وليس للصهيونية فيها بيت بأعمدة نبيلة وطاهرة الشاعر محمد نجيب محمد علي
وأضاف نجيب مناهضة الصهيونية وأفعالها ذات أبعاد إنسانية وأخلاقية لن تقف حتى يعود إنسان فلسطين إلى أرضه المسلوبة والتي كان ولا يزال مهرها الشهادة والدماء الزكية التي قاتلت الباطل بالحق… ترى هل يستطيع التطبيع أن يسكت صرخات محمد الدرة وهو يحتمي بظهر أبيه أمام القتلة؟!.. أم ستعود سناء محيدلي إلى دبكة عرسها؟!..وتابع ما فعلته وتفعله الصهيونية لن تغفره الإنسانية.. والشعر الذي رسم ويرسم خارطة المأساة هو نداء عدل بالحرية وهو علم يرفرف وسيظل مهما حاولت السياسة تغيير لونه أو شكله.. ولون دماء الشهادة التي جرت وتجري علي التراب تسقي بذور الحق ومعنى الحياة…
وأضاف نجيب كل ما كتبناه ونكتبه يجيء إيمانا منا بما تعلمناه منذ أن نبتت الصهيونية والخديعة تحفها فى أرض فلسطين الطاهرة… القصائد كلها تنادي بالعدل.. والعدل قيمة لا يمكن أن تقبل بالظلم… من أيٍّ جاء وكيف ما جاء… نحن الآن نقف على قمة الهاوية بما تفعله السياسة.. ونتعلق بسيرة نضالات وحروف حتما ستأخذنا إلى وعد الله… وجنة الأرض .. وجنة عرضها السموات والأرض. وهل ينال ظالم ذلك النور. الشعر منارة الإنسانية التي ستضيء العالم… وليس للصهيونية فيها بيت بأعمدة نبيلة وطاهرة.
تنكر للتاريخ
الشاعر أبوعاقلة إدريس قال في إفادته ل”الطابية: “أربأ بثورة ديسمبر المجيدة – ثورة الوعي التي تغنَّت للحرية والسلام
ثورة الحرية والسلام والعدالة براء من ذلك القرار السياسي الذي يتنكر للتاريخ قبل أن يتنكر للجغرافيا. الشاعر أبو عاقلة إدريس
والعدالة – والتي مهرتها دماء زاكيات وأذكتها تضحيات جسام عبر ملاحم الشهداء والجرحى ومعتقلي بيوت الأشباح وضحايا الإبادة الجماعية والمفقودين – أن تمد يدها البيضاء النزيهة لكيان مغتصب ودولة فصل عنصري ودولة بوليسية ..وأضاف أبوعاقلة بأن ثورة الحرية والسلام والعدالة براء من ذلك القرار السياسي الذي يتنكر للتاريخ قبل أن يتنكر للجغرافيا.
لا عذر ولا ذرائع مقبولة
الشاعر محمد نور الدائم قال في إفادته لـ ” الطابية”: إنه يكون فخورا عندما يقول لا للتطبيع مع دولة عنصرية مارقة لاتحترم حقوق الإنسان ..تقتل وتشرد النساء والأطفال مستقوية بالفيتو الإمريكي الظالم لكسر كرامة أصحاب الحق دولة فلسطين
لا عذر ولاذرائع مقبولة لهذا الانكسار المهين الشاعر محمد نور الدائم
الجريحة وشعبها الباسل.. فظلم إسرائيل معروف وأضاف نورالدائم “لا عذر ولاذرائع مقبولة لهذا الانكسار المهين” مضيفا بترديد أبيات القصيدة:
لاتسقني ماء الحياة بذلة
بل فاسقني بالعز كأس الحنظل
ماء الحياة بذلة كجهنم
وجهنم بالعز أطيب منزل
الإرث باق
الناقد عزالدين ميرغني قال في حديثه لشبكة الطابية الإخبارية: “الإرث الأدبي يبقى ولا يزول ولا يتأثر بما تصنعه السياسة. فسيظل خالدا طالما أن مسبباته قائمة. وطالما أنه يحمل فكر الآخرين والذين لا يؤيدون التطبيع. وهو فعل قامت به سلطة
لن تستطيع قضية التطبيع إثارة الخيال مثلما كانت تثيره قضية فلسطين. الناقد عز الدين ميرغني
سياسية تتحمل نتائجه ولم يقم به الشعب كله. وحتى ولو قام به الكل فمن حق المبدع الذي لا يرى صوابه أن يعارضه. وأن يكتب فيه ما يراه ونفى ميرغني أن تستطيع قضية التطبيع إثارة الخيال مثلما كانت تثيره قضية فلسطين، والتي تحفز حتى من لا ينتمي بوجدانه لها. ولكن يمكن أن يتخيل روائي ما ما قد يحدث بعد التطبيع – سلبا أو إيجابا – والخيال لا حدود له. خاصة في مجال القصة والرواية.
إنضم الى احدى مجموعاتنا على الواتس