تقرير:نجاة حاطط
استضاف مركز راشد دياب للفنون، وبرعاية كريمة من شركة سكر كنانة المحدودة، كل من الدكتور عبد المنعم عثمان حسن مدير عام المراعي والعلف بوزارة الثروة الحيوانبة والدكتورة هناء حمدنا الله المتخصصة في علوم البيئة في منتدى وسمه بعنوان ” التكيف البيئ “، يوم الأربعاء، فيما أدارت الجلسة الدكتورة زينب صالح، وذلك وسط حضور كبير من المهتمين
شرّف المنتدى بالحضور، البروفيسر راشد مكي الأمين العام للمجلس الأعلى للبيئة والموارد الطبيعية، الذي أشاد بالدور الكبير الذي يلعبه مركز راشد دياب للفنون في مجال التوعية والتثقيف في كافة الموضوعات الحياتية.
وقال مكي، إن ضعف التوعية يُعد من أكبر العوامل التي تهدد صحة الإنسان والبيئة، وأضاف أن المجلس الأعلى للبيئة سوف يكثف من جهوده في رفع درجة الوعي وتغيير السلوك المجتمعي للإنسان ، وذلك من أجل سلامة البيئة وحماية الموارد الطبيعية، وأشار إلى سوء أسلوب التخلص من النفايات الطبية وبطريقة عشوائية، معتبراً أن الحفاظ على البيئة هي مسئولية جماعية يساهم فيها الجميع.
وكشف مكي عن بعض البرامج التي يقوم بها المجلس الأعلى للبيئة المتمثلة في زيادة رفع الوعي، عن طريق المدارس والإعلام، كما أعلن عن تعاون أكبر مع مركز راشد دياب للفنون في مجال الإصحاح والتكيُّف البيئي.
وتحدث الدكتور عبد المنعم عثمان حول محور التكيف البيئي في قطاع المراعي، وأشار إلى المفهوم العام للرعاة فقال إن قطاع الرعاة هو من القطاعات المهملة في السودان والذي يمثل 14% من جملة سكان السودان، لافتاً إلى أن مساحة المراعي في السودان تصل إلى 68 مليون هتكار، وأضاف أن هذا القطاع يترحل من منطقة إلى منطقة أخرى، وهم يتكيفون مع البيئة وتقلباتها، وذهب إلى أن هؤلاء الرعاة في ترحالهم يعتمدون اساساً على الكلا والماء كعوامل أساسية للحياة.
وتوقف عبد المنعم عند ثلاثة أنماط من حركة الرعاة؛ الأول هو نمط الرعاة المستقرين الذين يمارسون الرعي مع الزراعة، والثاني نمط رعاة ذوي الحركة المحدودة، وهو خاص بقطاع الأبّالة، أما النمط الثالث فهم البقارة الذي يترحَّلون مع أسرهم من مكان إلى آخر، وأشار إلى أن الرعاة هم من أكثر الناس الذين يحافظون على البيئة والمرعى، ولكن تدخل الحكومات كثيراً ما يفسد هذه البيئة وذلك بغرض البحث عن العائد المادي السريع، لافتاً إلى أن الرعاة يتميَّزون بخبرات تراكمية كبيرة جعلتهم يعرفون كيف يحافظون على هذه البيئة وتكيَّفون معها.
أما من المظاهر التي تؤدي إلى التغيُّرات المناخية، حسب رؤية الدكتور عبد المنعم، فهي تواتر حدة الجفاف، وتواتر السيول والفيضانات، التي زادت من حدتها في السنوات الأخيرة، إضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة، هذا إلى جانب العواصف الرملية، وكشف أن الرعاة لهم آلية خاصة تتلاءم مع التكيُّف مع البيئة.
وعرّج الدكتور عبد المنعم للحديث عن سياسات واستراتيجيات وزارة الثروة الحيوانية، مشيراً إلى أنها مسؤولة عن المراعي والرعاة وبالتالي هي مناط بها وضع السياسات التي تهدف إلى المحافظة على البيئة، وشدد على أن أراضي المراعي هي أراضي غير صالحة للزراعة.
وختم الدكتور عبد المنعم عثمان حديثه بعدد من التوصيات، أهمها أن تولي الحكومة الاهتمام الكامل لقطاع المراعي، إضافة إلى تفعيل القوانين التي تحمي هذه المراعي، هذا إلى جانب دعوة الجهات الشعبية للاستثمار في قطاع المراعي.
وفي السياق ذاته قدمت الدكتورة هناء حمدنا الله نبذة عن التكيف البيئ بمفهومه العام، وقالت هو قدرة الكائنات الحية على التكيف مع البيئة، وأضافت أن البيئة في السودان تواجه مجموعة من المشاكل التي يصعب إيجاد حلول لها، وأكدت أن هذه المشاكل لها خطورتها على صحة الإنسان.
ومن جهتها تعرضت الدكتورة هناء للتحديات التي تواجه قطاع البيئة، وذكرت أن هذه التحديات تراكمت على صعيد كل الأنظمة السياسية التي تعاقبت على حكم السودان منذ الاستقلال، وبالتالي انعكست على البيئة فأدت إلى نزوح عدد كبير من الناس، وصار هنالك ضغط كبير جداً على المجتمعات الكبيرة المستوطنة، مما شكّل نسبة ضغط عالية على الخدمات.
وترى هناء أن السودان مهدد بعوامل بيئية مختلفة مثل؛ الجفاف والتصحر، والتلوث البيئي، والتدهور الاحيائي، وتراكم النفايات، واعترفت بأن الدولة أهملت هذا القطاع إهمالاً شديداً، الأمر الذي فاقم من حجم المشاكل البيئية الموجودة أصلاً، وأوضحت أن التعدين العشوائي في مناطق الذهب واستخدام الزئبق، والنفايات الإلكترونية، هي واحدة من المخاطر البيئية الجديدة، مشيرة إلى أن الزئبق يسبب كثيراً من الأضرار على صحة الانسان، هذا إلى جانب الغازات التي تنبعث من عوادم الركشات من خلال خلط البنزبن مع الزيت، وناشدت الدكتورة هناء الدولة بالتدخل العاجل وإجراء التدابير اللازمة لحماية الإنسان من هذه المخاطر ومحاولة إيجاد حلول بديلة.
وترى الدكتورة هناء أن التغيرات المناخية تؤثر بشكل أو بآخر على بعض القطاعات الهامة التي تشكل عصب الحياة مثل؛ مياه الشرب والزراعة، إضافة إلى انخفاض درجة الأمطار والتي بدورها قد تؤثر على حركة الرعاة، وكشفت أن هؤلاء الرعاة لهم مؤشرات مختلفة يتعرفون بها على أوقات الزراعة ونزول الامطار، لافتة إلى أنها معارف تقليدية طالبت الدولة بالاستفادة منها والعمل على تطويرها.
وأوضحت أن السودان صادق على الاتفاقيات الثلاثة الخاصة بالبيئة وتغيير المناخ، ولكن للأسف لم يجد الدعم الكافي من هذه الاتفاقية، وأكدت أن السودان متأخر جداً في نقل التقنية، وناشدت الدكتورة هناء الدولة بضرورة إيجاد دعم حقيقي لحل جميع المشاكل البيئية.
وفي كلمته أشار الدكتور راشد دياب إلى أن الجفاف والتصحر يعدان سببا أساسيا في قيام الحروبات الأهلية في السودان الذي بدوره أدى إلى النزوح ومن ثم الانهيار الاقتصادي، وقال إن الإنسان السوداني بالرغم من حبه لوطنه ولكنه لا يجتهد في تقديم الخدمات، مشيراً إلى قلة ثقافة هذا الإنسان السوداني بالبيئة والمتمثلة في قطع الأشجار وحرقها، وعاب الدكتور راشد وجود المباني على شاطئ النيل، مطالبا بأن تتحول منطقة مطار الخرطوم إلى بيئة سياحية لجذب السياح الأجانب.