مركز راشد دياب يناقش مسار الرواية السودانية
الخرطوم
:نجاة
استعرض مركز راشد دياب للفنون ” تاريخ مسار الرواية السودانية” في منتداه، الذي رعته شركة سكر كنانة المحدودة والذي، تحدث فيه كل من الأستاذ عزالدين ميرغني والأستاذ فائز أحمد علي، فيما أدار الجلسة الأستاذ الإعلامي خليل عبدالباسط خليل، وذلك وسط حضور نوعي من المهتمين.
بدايةً تعرض الأستاذ فائز أحمد علي إلى بدايات الكتابة في السودان، وأرجعها إلى العصور الأولى قبل سبعة آلاف سنة قبل الميلاد، مشيراً إلى أن الكتابة النوبية القديمة ارتكزت على أسس الكتابة المصرية، ولكن كانت هنالك سمة واضحة تميِّز الكتابة السودانية في تلك الحقبة، وقال أن تلك الكتابة تدرجت في قفزات سريعة، خلال الحقب التاريخية التالية، حتى وصلنا إلى كتاب طبقات ود ضيف الله الذي اعتبره فائز نوعاً من أنواع السرد.
وذهب فائز إلى أن العام 1948م شهد بزوغ أول نجم للرواية السودنية، وهي رواية (تاجوج) للكاتب محمد عثمان هاشم، ثم تبعتها مجموعة من الروايات مثل رواية ” النبع المر” لأبوبكر خالد، ورواية “هائم على الأرض”، ورواية ” الفراغ العريض” لملكة الدار محمد، ويرى أن هذه الرواية كانت سابقة لأوانها، مشيراً إلى الفارق بين تاريخ الكتابة وتاريخ النشر لهذه الرواية، لافتاً إلى أن الرواية السودانية في هذا التاريخ ركزت بشكل أساسي على موضوعات محددة حيث تناولت الواقع الاجتماعي في السودان وبعض الهموم الوطنية الأمر الذي فتح شهية الكتابة لعدد من الكتاب.
وقال الأستاذ إن فترة الستينيات في بداياتها شهدت هي الأخرى قفزة نوعية كبرى في كتابة الرواية السودانية، فضلا عن ظهور عدد واسع من الروايات السودانية من كتاب مختلفين، وأضاف أن الفتح الروائي دفع بالطيب صالح لأن يحتل مكانة كبيرة وسط الكُتّاب، وبالتالي قفز بالرواية السودانية إلى فضاءآت أرحب كواحد من أفضل الروائيين في الوطن العربي والعالم، خاصة عندما تناول رواياته مجموعة من النقاد على الصعيد العربي والعالمي.
وفيما يتعلق بالشكل أكد الأستاذ فائز أن الرواية السودانية في تطورها استطاعت أن تجدد شكلها ومضمونها فدخلت في عوالم الفنتازيا، وكتابة العوالم السحرية، الأمر الذي أدى حدوث انفجار معرفي كبير وانفجار روائي يفوق عدد الكتابات الأولى قبل الأربعينيات والخمسينيات والستينيات، وألمح إلى أن فترة التسعينيات حدثت فيها نقلة كبيرة في هذه المدرسة، التي نقلت الكتابات من المدرسة الرومانسية إلى المدرسة الواقعية، وأرجع الأستاذ فائز هذا الاتجاه إلى تأثر الكتاب بالرواية العالية، وذهب إلى أن هذه الفترة بدأت تظهر فيها وجوه جديدة من الجنسين الرجل والمرأة.
وفي إجابته على سؤال: لمن نكتب؟ وهل الرواية السودانية استطاعت الوصول إلى العالمية؟ ربط الأستاذ فائز هذا السؤال بالقصيدة، ونفى الأستاذ فائز إيمانه بها، ويرى أن الكاتب يكتب من واقع الكليات التي يعيشها في بيئته ومدى التصاقه وارتباطه بالواقع الاجتماعي، هذا إلى جانب الإلمام بالثقافة والمعرفة وظلال تأثيرات الأدب اللاتيني، وكذلك تأثيرات الواقعية السحرية خاصة عند هذه المدرسة، لافتاً إلى أن هؤلاء الكتاب إستفادوا كثيراً من التقنيات الحديثة في الكتابة، وهي تقنية؛ التقطيع السينمائي، وتقنية الفلاش باك، وتقنية الاستباق، وصولاً إلى عام 2000م والذي شهدت فيه الرواية السودانية شكلا ومضموناً جديداً”، فزاد من مسألة الانفجار الروائي الكبير، ليس على مستوى السودان وحسب، وإنما على مستوى العالم، وكشف أن الانفجار التكنولوجي في وسائل الاتصال ساعد كثيراً في الانفجار الروائي.
وفيما يتعلق بسؤال اللغة يرى الأستاذ فائز أن الكتابة باللغة المحلية تمثل عائقاً كبيراً للانتشار الذي يقود إلى العالمية، وأوضح أن من أهم السمات البنائية والدلالية في الرواية السودانية هي النقد الحاد للواقع الاجتماعي وما ساد فيه من قيم.
فيما يرى الأستاذ عز الدين ميرغي أن الرواية السودانية بدأت منذ الأربعينيات من القرن الماضي، مقلدة للرواية المصرية مثل؛ رواية ” زقاق العماية”، التي وصفها بأنها تقليد لرواية الكاتب نجيب محفوط “زقاق المدق “، وذهب إلى أن الرواية السودانية تطورت بشكل كبير فجاءت، رواية ” الفراغ العريض ورواية موسم الهجرة إلى الشمال، وعرس الزين” ويرى الأستاذ عزالدين أن هذا هو تطور كبير، في مسار الرواية السودانية خاصة في مجال الشكل والمضمون وتناول الموضوعات ذات الطابع الاجتماعي والواقعي ، مشيراً إلى أن الرواية في العالم كله أخذت شكلاً واحداً فقط مع الاختلاف في التقنيات، وأكد أن الطيب صالح تأثر في كتاباته بالرواية الانجليزية .
ومن جهة أعرب الأستاذ عزالدين ميرغني أن فترة الستينيات هي فترة طغى وارتفع فيها صوت الشعر على الرواية، وذلك من خلال ظهور عدد من المدارس أبرزها مدرسة الغابة والصحراء، الأمر الذي جعل الرواية السودانية أن تتراجع كثيراً ، وقال إن رواية ” موسم الهجرة إلى الشمال ” قد فتحت الباب واسعاً أمام الاتجاه إلى الرواية العالمية، مما أعطى الرواية السودانية الثقة في نفسها، وشدد على أن الطيب صالح استفاد كثيراً من مزايا السرد السوداني ، لافتاً إلى أن السودانيين يعتبرون من الشعوب الساردة والتي تحب السرد الحكي الشفاه.
وذهب الأستاذ عزالدين ميرغني إلى أن الكاتبة بثينة خضر مكي وزينب بليل هما من رائدات المدرسة النسوية التي التي كسرت الحاجز في الحديث عن قضايا المرأة بصوت عال بعد ملكة الدار.محمد، وكذلك كسر قيود المرأة، وأكد أن المرأة هي أكثر من تستطيع كتابة أوجاع نفسها، وأشار إلى أن قيود الكتابة في المجتمع السوداني ما زالت موجودة في السودان إلى الآن، ويرى أن هنالك مواضع وقضايا كثيرة لا تستطيع المرأة أن تكتب عنها.
وفي رده على سؤال : من أين تستمد الرواية السودانية مرجعيتها ؟ قال الأستاذ عز الدين إن التاريخ هو من أفضل المراجع للرواية السودانية، وأضاف أن هنالك اكثر من خمس روايات تاريخية، إضافة إلى الواقع، وكذلك التعدد والتنوع الثقافي الذي يذخر به السودان ، هذا إلى جانب الأساطير والخرافة والمكونات الشعبية.
وفيما يتعلق باستفادة الرواية السودانية من التقنيات الحديثة ؟ أكد عزالدين أن الرواية السودانية استفادت كثيراً من تقنيات الكتابة الحديثة مثل تقنية الفلاش باك وتقنية الاستباق، إضافة إلى تقنية تقطيع السرد، ونوه إلى أن الرواية السودانية هي للأسف لم تدرس في المدارس السودانية.
وفيما يتعلق بسؤال تأثير الجوائز والمسابقات على مسيرة الرواية السودانية أكد أن هنالك عدد كبير من الأسماء ظهرت من خلال هذه المسابقات، وشدد على أن الإبداع كتاب مفتوح للجميع، هذا إلى جانب أن هؤلاء الكتاب قدموا عدد من الروايات الجيدة في هذه المسيرة ، وخلص إلى أن هنالك مجموعة من الموضوعات تكررت في كتابة الرواية السودانية مثل قضايا الزواج والحب والطلاق.