أخبارأخبار االسودانتقارير

محمد عبد الكريم: الحكومة لم تراع المصلحة العامة ولا حقوق الآخرين في اتفاق السلام

الطابية/ تقرير: الفاتح عبد الرحمن

واصل الدكتور محمد عبد الكريم الشيخ هجومه على اتفاقية سلام السودان التي وقعت بين الحكومة الانتقالية والجبهة الثورية بعاصمة جنوب السودان السبت الماضي، حيث وصف الحكومة، في حديثه لقناة طيبة الفضائية، بأنها لم تراع المصلحة العامة للدولة في هذا الاتفاقية، ولم تراع حقوق الآخرين، وقال إن شواغلها ليست الشواغل الأساسية في موضوع السلام المستدام، بدليل عدم رضا جميع الأطراف.
ووصف الشيخ النهج الذي تتبعه الحكومة في تعاملها مع قضايا السلام، والعدالة، والحقوق، من شأنه أن يدفع الأطراف الأخرى التي لم توقع على السلام إلى حمل السلاح، مؤكداً أن هذا كله سلوك مرفوض.
جاء ذلك أثناء تناول الشيخ لموضوع (الصلح المشروع تعليقاً على إشكاليات اتفاق جوبا)، في حديثه لبرنامج (الدين والحياة) الذي تبثه قناة طيبة الفضائية، في حلقة حملت هذا العنوان، حيث تناول الدكتور مفهوم الصلح في القرآن والسنة، موضحاً أنه من القضايا التي حثت عليها الشريعة، وهو مطلبٌ شرعي، كما أنه ضد الفساد والتنازع والخصام، وقد ندبت إليه الشريعة الإسلامية في كثير من الآيات والأحاديث، كما في قوله تعالى في سورة النساء (والصلحُ خير)، وقول النبي (صلى الله عليه وسلم): (أفلا أدلكم على ما هو أفضل من الصيام والصدقة والصلاة؟ قلنا بلى يا رسول الله. قال: إصلاح ذات البين؛ فإن إفساد ذات البين هي الحالقة. لا أقول تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين).

أنواع الصلح المشروع:

ورداً على سؤال عن أنواع الصلح الشروع، ذكر الشيخ أنها كثيرة، كالصلح بين المتخاصمين من الأزواج، وصلح الحديبية مع غير المسلمين، وصلح النبي (صلى الله عليه وسلم) مع قطفان، وهو صلحٌ على شيء من المال حتى يكفوا شرهم عن المسلمين؛ فهو جائز مع الضرورة كما قال العلماء.
كذلك بيّن الدكتور محمد عبد الكريم أن للصلح مع الذي يحمل السلاح على الدولة عدّة أحكام أو حالات؛ أولاها أن ينظر في حاله، فإذا كانت الدولة مستقيمة ودولة عدل، فينبغي الوقوف معها ضد هذا الباغي الذي خرج عليها (فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله). أما الباغي الذي لم تقدر عليه الدولة، وجاء من تلقاء نفسه، فله حكم آخر في التصالح معه، فقيل يتصالح معه في حدود الأموال والتنازل عن بعض الحقوق.
وفيما يتعلق بعقد أو صيغة الصلح التي يتم الاتفاق عليها، ذكر الدكتور عبد الكريم أن هناك إشكالية فيما يتعلق بالشيء المتصالح عليه، فإذا كان حقاً من حقوق الله كفصل الدين عن الدولة، أو التنازل عن الأحكام الشرعية، فلا يجوز التصالح عليه، مبيناً أن الشيء المتصالح عليه يجب أن يكون؛ إما موجوداً أو مقدوراً عليه، فإن كانت فيه مظنة العجز، فلا يجوز التصالح عليه.
وأضاف أنه يجب أن يكون الشيء المتصالح عليه مملوكاً للطرف الأقوى في التصالح (وهو الحكومة الانتقالية) فيتنازل عنه، أما إذا تعلق بالملك حق للغير، فلا بد من مراعاة هذا الغير، فمسألة إعفاء طلاب دارفور من رسوم الدخول للجامعات لمدة عشر سنوات، تحتاج لضبط.

إشكالية اتفاق جوبا..على أي شيء تتفاوض الدولة؟

وفيما يتعلق باتفاق سلام جوبا، أوضح الدكتور محمد عبد الكريم أن هناك إشكالية في القدر الذي تتفاوض عليه الحكومة نيابةً عن الشعب، فالحاكم يتصرف في مال الدولة بناءً على المصلحة العامة، وهذا ما لم تتم مراعاته في هذا الاتفاق.
وأضح الدكتور عبد الكريم أن شواغل الحكومة في هذا الاتفاق غير الشواغل الأساسية في موضوع السلام المستدام في السودان بدليل عدم الرضا من جميع الأطراف المتنازعة، ولا ينبغي مجاراة عبد العزيز الحلو فيما يطالب به من العلمانية وفصل الدين عن الدولة، أما مسألة التنمية والتوزيع العادل للثروة، فلا مشكلة فيها.

هل صار السلاح طريقاً لاسترداد الحقوق

وبسؤاله عن شرعية مطالبات بعض أبناء الشمال بضرورة حمل السلاح للحصول على حقوقهم أسوة بأبناء دارفور، قال الدكتور محمد عبد الكريم أنه لا يجوز رفع السلاح على الدولة العادلة التي تراعي الحقوق، ولكن سلوك الحكومة الانتقالية وتعاملها مع الأطراف المختلفة، وعدم إقرار قانون العدالة الاجتماعية والتنمية المتوازنة، يؤدي كل ذلك لحمل السلاح بواسطة الأطراف الأخرى التي لم توقع الحكومة على اتفاق سلام معها، مؤكداً أن هذا كله سلوك مرفوض، فإذا استجابت الدولة لكل من يحمل السلاح مطالباً بحقه المشروع، لتحولت بذلك إلى مجموعة من أمراء الحرب كما ذكرت ذلك في لقاء سابق.
وأضاف الدكتور عبد الكريم أن إبرام الصلح لعقد سلام جوبا دون مراعاة لحقوق الآخرين بهذه العجلة، يبدو أنه مقصود لذاته، وذلك لزيادة الفترة الانتقالية، وهو ما حدث بالفعل.
كذلك أوضح الدكتور محمد عبد الكريم أن الصلح يجب أن يبنى على اتفاقات سابقة، حتى لا يحدث ضرراً وظلماً بمن وقّع الصلح السابق.

إنضم الى احدى مجموعاتنا على الواتس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى