أخبارأخبار االسودانسياسة شرعيةمقالات

د. محمد عبد الكريم يكتب: السياسة صدق أم كذب؟

السياسة هي حسن التدبير والقيام على الشيء بما يصلحه؛ والصدق في الأخبار هو قول الحق وتجلية الحقيقة؛ وفي الأفعال مطابقتها للوعود والأقوال (كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون).
ولما كانت السياسة في الإسلام ديناً ينال بها الحاكم رتبة متقدمة إذا عدل وصدق (سبعة يظلهم الله .. أولهم إمام عادل )
فانه لا مجال لأن نعتقد بأن الكذب هو أساس السياسة؛ بخلاف ما هو شائع لدى العامة أن الساسة يكذبون، ولا سياسة بلا كذب، وأن الكذب روح السياسة وجوهرها، وإذا انتفى الكذب انتفت السياسة حتى جاء (ميكافيلى) وكتابه الشهير «الأمير» فأرسى «الأساس الأخلاقي» للكذب والخداع في السياسة؛ وحتى قال «هنري ووتون»، الدبلوماسي البريطاني؛ السفير هو : «رجل أمين أُرسل إلى الخارج، ليكذب من أجل مصلحة دولته»
وتلاه أتباع (ليو شتراوس) من المحافظين الجدد الذين يرون أن الجماهير لا يمكن أن تساس وتحكم إلا بالكذب.

لما كانت السياسة في الإسلام ديناً ينال بها الحاكم رتبة متقدمة إذا عدل وصدق (سبعة يظلهم الله .. أولهم إمام عادل ) فانه لا مجال لأن نعتقد بأن الكذب هو أساس السياسة

ثم يأتي على إثرهم (ترامب) وينقل الكذب إلى مستويات غير مسبوقة؛ كما ذكرت «واشنطن بوست» ، بحسب قاعدة بياناتها «فاكت تشيكر»، أن أكاذيب ترمب عام 2018 وصلت إلى أكثر من 7 آلاف و600 كذبة، بمتوسط أكثر من 15 كذبة في اليوم.
وبذلك أصبح الكذب في السياسة سلاحاً ساماً يتم به استمالة الشعوب المستضعفة بمحاولة تزيين الكلام وتزويقه كي يلبي رغباتهم.
وهذا ما حدى كثيراً من السذج الذين لا يعرفون؛ أو يتجاهلون؛ موقف الإسلام من الكذب في السياسة أن يقولوا : أبعدوا الدين عن السياسة حتى لا يتشوه الدين بألاعيب الساسة؛ ولكي لا يكون الدين من جملة خدعهم وأهوائهم الدنيئة.
متغافلين عن أن أول الساسة كانوا هم الأنبياء الصادقين ؛ أمثال داود وسليمان وذي القرنين؛ثم خاتمهم نبينا محمد ﷺ.ثم خلفاؤه الراشدون؛ الذين ضربوا أروع المثل في الجَمعِ بين الصدق والسياسة.
إن الصدق يحمي الدولة من الشبهات ويكشف العيوب قبل استفحالها .

يقول «ميرشايمر»، في شأن أكاذيب السياسة إنها لا تضر الحاضر فحسب، بل وتزعزع محاولات بناء المستقبل

الصدق يدفع الجميع للاعتراف بأخطائهم والاعتذار عنها وبالتالي حدوث الإصلاح الحقيقي وقيام الدولة الراشدة الجامعة لجميع المواطنين

إن الصدق يمنع التلاعب ويوقف الهدر ويسلط الأضواء على الجميع فيكشف المقصّر ويظهر المجدّ المخلص.

إن الصدق يدفع الجميع للاعتراف بأخطائهم والاعتذار عنها وبالتالي حدوث الإصلاح الحقيقي وقيام الدولة الراشدة الجامعة لجميع المواطنين ..
يقول «ميرشايمر»، في شأن أكاذيب السياسة إنها لا تضر الحاضر فحسب، بل وتزعزع محاولات بناء المستقبل.
ولذلك كان الملك الكذاب في الإسلام من أشنع الكذابين الساقطين؛ كما قال رسول الله ﷺ: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولا ينظر إليهم، ولهم عذاب أليم: شيخ زان، وملك كذاب، وعائل مستكبر رواه مسلم.
والامام الغاش من أبعد الناس عن الله قال ﷺ: (ما من عبد يسترعيه الله رعية، يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته، إلا حرم الله عليه الجنة).رواه البخاري ومسلم.

إنضم الى احدى مجموعاتنا على الواتس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى